عبد الباقي الظافر

ركلة جزاء ..أين الحكم..!!


عقب انتخاب مايكل بلومبيرغ عمدة على مدينة نيويورك في العام ٢٠٠٨عقد الرجل اجتماعاً مهماً مع كبار مستشاريه .. بلومبيرغ رجل أعمال ثري تفوق ثرواته الأحد عشر مليار دولار ..وقبل أن يجلس على الكرسي الأهم بالمدينة كان السؤال كيف يتجنب هذا الرجل تضارب المصالح بين ماله وأموال المواطنين..الرد كان يقبع في حقيبة الرجل القصير..اختار بلومبيرغ شركة خاصة متخصصة في الإدارة لتدير ثروته بالإنابة عنه..من ذلك التاريخ تفرغ العمدة لمشاغل المدينة الكبيرة .. يركب مع عامة الناس المترو في غدوه ورواحه.. نجح الرجل في مهمته فعدل له أهل نيويورك الدستور ليخدم ثلاث دورات كرجل استثنائي .
لم أكن مهتماً بصراع شركات الاتصال الذي لا يهم المواطن من بعيد ولا قريب.. لكن أصابني قلق بالغ من معلومة أوردها الفريق الفاتح عروة العضو المنتدب والمدير العام لشركة زين ..عروة اتهم عبدالرحمن ضرار وزير الدولة بوزارة المالية، والذي يشغل في ذات الوقت رئيس مجلس إدارة شركة اتصالات منافسة بالمحاباة.. حسب رواية الفريق عروة أن الوزير اجتمع في مكتبه الحكومي بمجموعة من رجال الأعمال، وحرضهم على شراء شركة كنار المعروضة في السوق.. استخدم حارس بيت المال أساليب أثارت المشاعر الوطنية لشحذ همم رجال الأعمال .
في البداية هنالك توجيه مهم من السيد رئيس الجمهورية يمنع فيه الوزراء والولاة من رئاسة مجالس الشركات والمؤسسات العامة..التوجيه جاء عقب انشغال المسؤولين بجني المغانم من المؤسسات المجاورة ..وجاء كذلك لسد منافذ استغلال السلطان ومنعاً لتضارب المصالح ..هنال عدد كبير من الوزراء التفوا حول التوجيه السامي، وبعضهم تجاهله في خروج سافر على الأعراف الإدارية.. هنا يقفز السؤال لماذا احتفظ ضرار بالمنصب الذي يدر ذهباً؟..ومن قبل ترك ذات الرجل المنصب التنفيذي ليستفيد من عوائد منصب مدير بنك الساحل والصحراء الذي كان يرعاه رعاية خاصة العقيد معمر القذافي.
اجتماع الوزير التحريضي يرسل رسالة سالبة لكل المستثمرين .. الرسالة تفيد أن الشركات الأجنبية دمها حلال ..وفي ذات الوقت يفيد ذاك الاجتماع أن الوزير قدم منافعه الخاصة على ما سواها.. إذا كانت شركة الوزير تنوي شراء شركة كنار كان يمكن أن يكون هنالك قليل من المنطق .. لكن الحقيقة أن الوزير كان يعرقل شركة أخرى من الوصول للمرمى وإحراز هدف.. هنا حدث تضارب مصالح لن ينجلي الا باستقالة الوزير ..وبعد ذلك تحرير مجالس الشركات من الوجود الوزاري.. الشركات الخاصة تحرص على أن تجعل كبار المسؤولين حراساً على البوابة حتى يتم استثمارهم في مثل هذه المواقف المحرجة .
في تقديري حان الوقت لخروج الدولة من العمل التجاري ..مازالت هنالك شركات حكومية محمية وناشطة في السوق.. بعضها من أجل التمويه تم تسجيله بأسماء أفراد..الخطوة الأولى في مجال الإصلاح منع الجمع بين الوزارة والتجارة .. يجب أن تكتفي الدولة بدور المنظم الذي يطبق القانون .. في نهاية العام تأخذ الدولة حقوقها عبر الضرائب والزكوات .
بصراحة..إن مرت هذه الحادثة مرور الكرام سنسدد طعنة نجلاء للاستثمار وتساوي الفرص في السوق.