الصادق الرزيقي

اجتماع الجنائية


> لن تكون هناك أية تطورات جديدة في التقرير الذي ستقدمة السيدة (فاتو بنسودا) المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى مجلس الأمن الدولي الأسبوع المقبل في نيويورك، فهو تقرير دوري تقدمه كل ستة أشهر حول وضع تنفيذ قرارات المحكمة والحالات التي تنظر فيها، ومن بينها حالة السودان. وهذا التقرير هو رقم «21» تقدمه المحكمة لمجلس الأمن منذ عهد مدعيها العام السابق أوكامبو بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم «1593»، ويعقب تقديم التقرير في نفس اليوم (9 يونيو)، كما كشف السيد وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور، اجتماع لأعضاء مجلس الأمن الدولي مع ثمانية من وزراء الخارجية الأفارقة الذين كلفتهم القمة الإفريقية التي عُقدت في جوهانسبيرج العام الفائت لمتابعة ملف المحكمة وإبلاغ مجلس الأمن الدولي بموقف القارة الإفريقية منها، ووزاء الخارجية الثمانية يمثلون عدداً من البلدان الإفريقية هي (السودان، جنوب إفريقيا، الجزائر، كينيا، إثيوبيا، بورندي، نيجيريا، أوغندا). > وتوجد دولتان هما السودان وكينيا، اتهمت المحكمة قيادتيهما، كما توجد مواقف قوية لعدد من هذه الدول في مواجهة المحكمة الجنائية مثل أوغندا وجنوب إفريقيا، اللتان لم تنصاعا لقرارات المحكمة وطلبها، وجرى تنسيق كبير بين هذه الدول الثماني منذ قمة جوهانسبيرج، وعقدت من قبل اجتماعات لبلورة الرأي الإفريقي المناهض والرافض للمحكمة وسيبلغ به مجلس الأمن الدولي لسحب ملف الإحالة وطيه ومعالجته في إطار مجلس الأمن الدولي، بإلغاء ما قررته المحكمة في حالة السودان أو على الأقل تجميده نهائياً، وهذه المرة الأولى التي تخطو فيها دول القارة الإفريقية بإرادة موحدة وفاعلة خطوات عملية للإجهاز على المحكمة التي صممت في الأساس ضد القادة الأفارقة وشعوب القارة. > في التقرير السابق الذي قدمته بنسودا نهاية نوفمبر من العام الماضي، حاولت استفزاز مجلس الأمن الدولي للوقوف مع المحكمة واتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمساعدتها في تنفيذ قراراته وتسهيل جلب المتهمين إلى المحكمة، ووصل بها الى حد التباكي على عجز المحكمة ومن ورائها مجلس الأمن الدولي عن فعل شيء ملموس، وطلبت المدعية العامة من مجلس الأمن آليات جديدة لمتابعة تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة التي قد تكون تدابير تتخذ من لجان العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات إضافية على السودان وممارسة ضغوط إضافية على عدد من الدول لعزل السودان وتقييد حركة الرئيس البشير. ومع أن ذلك لم يحدث في المرة الفائتة وأرجأت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تقديم مشروع قرار بتشديد العقوبات بعد مشاروات تمت بينها توطئة لتقديمه في وقت لاحق للمجلس ، فمن المتوقع أن تنتهز هذه الدول الفرصة الراهنة لتقديم او تمرير مشروع قرار بتشديد الإجراءات العقابية. > وتواجه المحكمة الجنائية وضعاً معقداً وصعباً، خاصة وأن الرئيس البشير تحدى قراراتها أكثر من مرة وسافر عدة مرات الى بلدان بعيدة مثل جنوب إفريقيا والصين وإندونيسيا والهند، وكانت زيارته الأخيرة ليوغندا قاصمة ظهر بالنسبة للمحكمة الجنائية وتعتبر رصاصة الرحمة التي أطلقت عليها، وتمت إهالة التراب على قبرها بما قاله الرئيس اليوغندي يوري موسفيني في خطاب تنصيبه بحضور البشير وعدد من الرؤساء الأفارقة قبل أسابيع. > يستطيع وزراء الخارجية الأفارقة الثمانية بموقف القارة الموحد أن يشكلوا ضغطاً قوياً على مجلس الأمن الدولي لدى اجتماعهم به في التاسع من هذا الشهر، فليس لدى المحكمة ما تفعله خاصة أنها فشلت في كل الحالات التي تحركت فيها، فالستة عشر متهماً الذين وجهت إليهم التهم، هم من القارة الإفريقية ولم تستطع أن تفتح ولا تحقيقاً واحداً في الجرائم التي ارتكبتها دولة الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، كما وقفت عاجزة عن تحريك ملف الرئيس السوري بشار الأسد وحالات أخرى مشابهة. > القارة الإفريقية بوحدة كلمتها وقوة حجتها، في موقع يؤهلها لدفع الضرر عن البلدان الإفريقية وقادتها، وسيكون للاجتماع ما بعده، خاصة وأن الدول الإفريقية المشتركة بينها دول ذات تأثير كبير على القرار الدولي، ولها وزنها في الإقليم والعالم ولن يغامر مجلس الأمن الدولي بالوقوف ضد إرادة الإفريقيين..