الطيب مصطفى

الحوار الوطني إلى أين يسير ؟


لا نزال نقبع في ذات حالة الانسداد التي ظلت تخيم على المشهد السياسي السوداني قبل توقيع خارطة الطريق التي قدمها الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي وووقعتها الحكومة بينما أحجمت عنها بقية القوى السياسية.
لم تخسر الحكومة ومؤتمرها الوطني شيئاً عندما أقدمت على التوقيع على الخارطة إنما كسبت نقطة كانت في أمس الحاجة إليها لتنال رضا أمبيكي ومجلس السلم الأفريقي ولتحرج الرافضين للتوقيع وأعني بهم الحركات المسلحة والسيد الصادق المهدي والذين كانوا قد اجتمعوا بامبيكي وتحفظوا على بعض جزئيات خارطة الطريق التي قدمها للطرفين.
ولكن هل هذا كل ما تبحث عنه الحكومة وهل كان أكبر همها أن تكسب نقطة في معركتها مع المعارضة التي نحن جزء منها أم أن هناك هدفاً أسمى وأكبر يتمثل في أن تُجمع القوى السودانية جميعها حول مائدة الحوار حتى يكون شاملاً وحتى يلتئم شمل الجميع حول رؤية تنقذ البلاد من حالة الاحتراب والاحتقان التي تتمرغ في رمضائها وتنقلها إلى بر الأمان؟
لن تخسر الحكومة شيئاً إذا أقدمت على خطوة أخرى باتجاه تحقيق الهدف من الحوار سيما وهي المعنية بإنجاحه كونها هي التي ابتدرته والتي ستحصد ثمار نجاحه مهما كلفها ما تبذله في سبيله.
بصفتنا جزءاً من القوى السياسية المنضوية في تحالف قوى المستقبل للتغيير والتي أجزم بأنها معارضة معقولة تتخذ موقفاً وسطاً بين الطرفين المتنازعين أو بين الإفراط والتفريط وتنأى بنفسها عن اتخاذ مواقف متطرفة باعتبار أن وطننا المأزوم يحتاج إلى العقلاء من أبنائه الذين يعلمون أن الذئب لا يقتات إلا من الغنم القاصية وإن أكثر ما يهدد وطننا المنهك بالحروب والخصومات ذلك الإصرار المخيف على عدم تقديم القوى السياسية للتنازلات الكفيلة بإخراج البلاد من المأزق الذي تتلظى في سعيره ظللنا نقوم بدور توفيقي بين الطرفين المتشاكسين اللذين أعني بهما جانب أحزاب الحكومة وجانب القوى الأكثر تطرفاً من المعارضة.
الحكومة تعلم أنها المعنية أكثر من غيرها بالمضي قدما في تقديم المزيد من التنازلات كونها المسؤولة عن إدارة البلاد والتي تعلم أنه ما من سبيل يمكنها من إنقاذ البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية الحالية غير إنجاح الحوار الذي ما من سبيل إليه سوى الاستجابة إلى مبادرة (العقلاء) من قوى المعارضة غير المتطرفة وأعني بها تحالف قوى المستقبل للتغيير .
لست بصدد الحديث عما تريد قوى المستقبل ولكنني أطلب إلى الرئيس البشير بصفته رئيس ومبتدر الحوار وإلى مساعد الرئيس المهندس إبراهيم محمود أن يتقبلا مبادرة قوى المستقبل للتغيير للتقريب بين الفرقاء أو بين الطرفين.
أقول للسيد الصادق المهدي إنه ولأسباب معلومة معني أكثر من غيره بالامتثال إلى مقولته التي كان يناصح بها الدكتور الترابي قبل أن يعود الترابي إلى الحوار بتسام مدهش وترفع عجيب وأعني بها مقولته: ( من فش غبينته خرب مدينته).
الصادق المهدي يخسر كثيراً كما يخسر حزبه بابتعاده عن مسرح الأحداث، ووالله إن الإمام لا يشبه الحركة الشعبية التي قال فيها وفي مشروعها البغيض أكثر مما قال مالك في الخمر ولا يشبه حربها على القوات المسلحة التي كان يوماً ما المنافح عنها كونه كان وزيراً للدفاع ويعلم رأيها الحقيقي فيه كما يعلم ما تنطوي عليه من مكر تضمره تجاهه فهلا نأى بنفسه عنها حتى تضطر إلى الانصياع إلى خيار السلام وتعود إلى حضن الوطن المأزوم


تعليق واحد

  1. لا زال نقبع فى نفس حالة الأنسداد .. سمح العفنة دى جاية من وين !!!!!