جعفر عباس

هات بيبي نعطيك علاوة


سنغافورة دولة صغيرة ويمكن حشرها بأكملها في جزء من أي عاصمة عربية، ومع هذا فان ناتجها الوطني لا يضاهيه إنتاج أي دولة عربية نفطية كانت أم شفطية (تشفط الضرائب من المواطنين)، وميناؤها هو الأكثر حركة وإيرادات على مستوى العالم، وقد اشتهرت بأنها البلد الذي يمنع فيه مضغ اللبان في الشوارع (مؤخرا صار بإمكانك مضغ اللبان في الشارع اذا كنت تحمل وصفة طبية تفيد ان اللبان مفيد للثتك أو عضلات وجهك)، كما ان التدخين ممنوع داخل أي مكان مسقوف ومن حق الزوجة طلب الطلاق إذا كان الزوج يدخن حتى في حمام البيت.. والناس في سنغافورة يأكلون وينامون وهم يمشون، (أعني أن معظمهم لا ينام فعليا)، والناس هناك لا يتكلمون مع بعضهم البعض إلا من خلال الموبايل، حتى لو كان المتكلمان يسيران جنبا الى جنب، ولكن متوسط طول المكالمة الهاتفية هناك ثلاث ثوان: وا دو دا دي بم.. وانتهى البيان.. ذلك ان الشغل الشاغل لأهل سنغافورة هو جمع المال وتحقيق النجاح في العمل… وهم في ذلك معذورون، فبلدهم من أغلى بلدان العالم.. (طلبت في مطعم سنغافوري زجاجة ماء عادي ودفعت ست دولارات، فأصبت بالاستسقاء) وبسبب انشغالهم بالمال والنجاح المهني فقد انصرف السنغافوريون عن التناسل… هم يتزوجون بطبيعة الحال ولكن المشاغل تنسيهم ان الزوجين يجب ان يناما في فراش واحد ويسهما في تكوين أسرة، وهكذا توقف النمو السكاني في البلاد وكان لابد من إجراء حكومي حاسم، فكان تعيين وزير لشؤون الإنجاب، وكان أول قرار اتخذه هو ان يتم منح كل من ينجب طفلا بضعة آلاف من الدولارات وبامبرز وحليبا مجففا، ويعكف الوزير حاليا على وضع خطة طموحة لتذكير أهل البلاد بأن الغرض الأهم من الزواج هو الإنجاب، ولا أدري هل ستتضمن الخطة إيفاد موظفي الوزارة الى البيوت ليقرعوا أبوابها: يا جماعة هِمّتكم معانا.. جيبوا لنا بيبي وللا اثنين.. أطفال لله يا محسنين
وفي كل الدول المتقدمة صناعيا واقتصاديا عزوف شديد عن الإنجاب من منطلق ان الإنجاب يعيق الطموح المهني، وجميع الدول الأوربية تعاني من انخفاض مقلق في معدلات المواليد، بل من الثابت علميا ان معدلات الخصوبة عند الرجال في الغرب في تدهور مستمر (مما يعني ان هناك مجالا يمكن للعرب ادعاء التفوق فيه)، ولتفادي الإنجاب فان الأوربيات يلجأن الى كل وسيلة بما في ذلك الإجهاض المتكرر، وقد طرحت جماعة هولندية نفسها ك”فاعلة خير” مؤخرا وأعلنت عن تجهيز سفينة يتخصص طاقمها في عمليات الإجهاض، تمر بكافة الموانئ وتقف خارج المياه الإقليمية (حيث لا تخضع لقانون أي دولة) لتفد اليها النساء على قوارب مطاطية للتخلص من أجنتهن. ومن بين صرعات منع الانجاب في اوربا جهاز جديد اسمه ليدي كومب يقيس ويحلل درجة حرارة المرأة ويصدر ضوءاً أخضر يعني أن احتمال الحمل غير وارد وضوءا أحمر يعني ان على الزوجين النوم في غرفتين منفصلتين وضوءا اصفر يعني: أنت وحظك، فقد يحدث الحمل وقد لا يحدث.. جدير بالذكر ان جهازا مماثلا يحمل اسم بيرسونا لقي رواجا شديدا ثم انهالت الدعاوى القضائية على الشركة المتنجة له بعد ان “تمقلب” عدد من النساء وحملن رغم ان الجهاز أبلغهن بأن احتمالات حدوث الحمل غير واردة.
وكل هذه من بلاوي الطفرة التكنولوجية وغول العولمة الرأسمالية المنطلقة بلا فرامل
سنغافورة نفر!!!!!