تحقيقات وتقارير

صفقة كنار.. تضارب المصالح


أثارت التصريحات التي أطلقها العضو المنتدب لشركة زين السودان الفريق طيار الفاتح عروة، ردود فعل واسعة، تباينت في مواقفها الداعمة أو الناقمة لموقف زين، والبعض الآخر منها يرى أحقية شركة سوداتل وبنك الخرطوم في الدخول منافساً قوياً لزين من أجل شراء كنار. تلك الصفقة التي أظهرت الكثير والمثير الى العلن، وكشفت عن كواليس ما يدور من خطط وتكتيكات من الجهات الثلاث المتنافسة على كنار. وحاولنا أن نستطلع رأي الجهات المنافسة المتمثلة في بنك الخرطوم وسوداتل التي فتح عليها عروة النيران في موتمر صحفي أمس الأول، أوضح فيه أنهم يعلمون من يبكي على الوطنية بمكتب وزير الدولة بالمالية من رجال أعمال تم جمعهم لشراء كنار حتي لا تشتريها زين، ومعيباً تصرف بنك الخرطوم الذي قال عنه إنه طعنهم من الخلف دون أخلاق، وتعامل معهم عبر السمسرة. وبذات المنطق الذي يبحث عن الحقيقة وكشفها، سعينا نحن لمعرفة آراء بنك الخرطوم وسوداتل ممثلة في رئيس مجلس إدارتها وزير الدولة بالمالية د. عبد الرحمن ضرار، حول ما تم توجيهه لهم من اتهامات. بجانب استطلاع ذوي الخبرة من أهل الاقتصاد والمصرفيين لمعرفة آثار ما يدور من خلاف على الاقتصاد الوطني والعملية الاستثمارية. وصف الخبير الاقتصادي عز الدين إبراهيم في حديث لـ «الإنتباهة»، أن ما يدور من نزاع حول صفقة كنار بين عدد من الأطراف، بالعمل التجاري البحت حول شركة معينة ومن يدفع أكثر ولديه المقدرة المالية سوف تكون الصفقة له، ويلاحظ ان الحكومة أضافت النفوذ السياسي الى العمل التجاري، وهنالك قانون الأسواق المالية الذي لا يسمح للأجانب بشراء أكثر من «10%» من أسهم اية شركة إلا بموافقة وزير المالية. وهنالك نواحي قانونية يجب طرقها للإلمام بكافة جوانب هذه الصفقة. مشيراً الى أن الحكومة قد شعرت مؤخراً بتفريطها في موباتل سابقاً، وضياع أرباح كثيرة عليها. وحالياً تتجه الى شراء كنار، وهو أمر ضد قرارها بالخروج من العمل الاستثماري والتجاري في البلاد وشراء الشركات، أي بمعنى أن الحكومة ذات نفسها تتقاطع مع السياسات التي وضعتها بخصوص العمل التجاري والاستثماري والإنتاجي، وعودته الى القطاع الخاص لإدارته، ومن الناحية الاقتصادية تمثل شركة زين أكبر شركة اتصالات في السودان، وحصتها السوقية تقدر بـ «40%» من سوق الاتصالات، وبإضافة كنار إليها تصبح حصتها أكبر ومقدرتها الاحتكارية على السوق أوسع، مع العلم ان هنالك سوء فهم لمسألة الاحتكار ولا يعني أن المنافسة انعدمت، ولكن يصير رفاً واحداً ويعمل على اتخاذ القرارات منفرداً، وهذا ما يعني عنصر الاحتكار. وهنالك أيضًا الاحتكار المطلق كما هو في قطاع الكهرباء الذي تسيطر عليه الحكومة فقط. وفي مجال الاتصالات زين هي المهيمنة على السوق وتريد زيادة هيمنتها تلك، وبالتالي نظرة الحكومة هي خلق منافسة في سوق الاتصالات ووجود أكثر من لاعب من أجل مصلحة المستهلك ولتخفيض الأسعار اقتصادياً بما أن التحكم فيها الآن في يد المضاربين والسماسرة ونريد المنافسة، وحال اشترت سوداتل كنار سوف تزيد من حصتها السوقية والأمر يخضع لاعتبارات مختلفة وفي كل الأحوال سواء اشترى كنار بنك الخرطوم أو زين، فالإماراتيون يريدون في نهاية الأمر تحويل أموالهم الى الخارج، مما يؤثر على سعر الدولار في السوق السوداني، وسوف تظل المشكلة قائمة، وبالنسبة للاقتصاد السوداني يستحسن أن يتم العمل على مرحلة السداد لمبلغ صفقة كنار للحفاظ على استقرار الوضع الاقتصادي، وفي نهاية الأمر نريد خدمات أفضل للمستهلك، ولابد من تدخل هيئة الاتصالات للتوصل لاتفاق حول الصفقة وما ينتج عنها لتجويد وتحسين الخدمة الخدمات. التشكيك في النوايا ومن ناحية أخرى، قال مصدر مصرفي ــ فضل حجب اسمه ــ إن شركة سوداتل تسعى لإكمال صفقة شراء كنار بدواعي ودوافع وطنية، في ذات الوقت الذي باعت فيه سوداتل نصيبها في شركة زين، فلماذا أصابتها صحوة فجأة لتجمع رجال أعمال سودانيين وتحثهم على شراء كنار؟ وفيما يتعلق بموقف شركة زين لا ننكر النجاحات التي حققها العضو المنتدب لزين الفريق الفاتح عروة، ولكن كانت نتيجة لاعتبارات سياسية، واستغلال علاقاته بنافذين في الدولة رغم خلفيته الأكاديمية التي لا علاقة لها بقطاع الاتصالات، وهنالك اعتبارات اخرى غير الفنية والمهنية ساعدته على ذلك، وأشير إلى اتهامات عروة بخصوص وزير الدولة بالمالية بأنه استغل منصبه لإكمال شراء كنار لمصلحة سوداتل. والفاتح نفسه ولاعتبارات سياسية أتى مديراً عاماً لشركة زين التي تواجه مشكلة في تحويل أرباحها، واستفاد عروة من نفوذه في هذا الأمر. وتحويلات شركة زين اعتبرها سبباً رئيساً في أزمة الدولار التي نعانيها اليوم، وهي مسألة واضحة لا تحتاج الى رأي خبير مصرفي أو اقتصادي، وشركات الاتصالات عموماً أحد أسباب رفع أسعار الدولار. وهنالك تعارض وتضارب مصالح واضح في صفقة كنار دون مراعاة أي من الجهات المشترية للوطنية أو مصلحة البلاد، والمواطن في نهاية الأمر هو من يدفع الثمن. وبنك الخرطوم واضح جدًا تأثر موقفه المالي جراء سحب زين لودائعها من البنك. وقام الأخير بتوزيع ما نسبته «15%» لأرباح الودائع الاستثمارية والآن يدفع الثمن، والمسألة كلها فيها «عناد» والتعامل بمنطق اللا معقول. وهل كنار بالنسبة لبنك الخرطوم تستحق كل هذا؟ وما هي علاقة البنك بالاستثمار في قطاع الاتصالات، وما يحدث الآن صراع أفراد أكثر من كونه صراع مؤسسات. وأضاف مصدر أمني ــ فضل حجب اسمه ــ حاولنا أن نستقي منه خلفية المخاوف الأمنية لقطاع الاتصالات وهاجس شراء زين لشركة كنار، أجاب قائلاً: زين ليست ملكاً للسودان، وهي ملك لآخرين أجانب تقوم بشراء الدولار أو الذهب أو غيره، مما يخلق مضاربات في الدولار. واتهم زين بأنها السبب الرئيس في رفع أسعار الدولار. وقال إن بنك الخرطوم وكنار مؤسسات سودانية يحق لها بحق الشفعة أن تشتري كنار، وبنك الخرطوم ليس ملكاً خالصاً للمساهمين بنسبة «100%»، وجزء كبير من أموال البنك تعود للمواطنين. وزين يمكنها أن تسحب أموالها من بنك الخرطوم متى ما شاءت. وزاد: نريد منفعة البلاد وطرح عدة تساؤلات حول كم تحول زين من أموال في العام إلى الخارج؟ وكم من العملات الصعبة تم تحويلها وأثرت على الاقتصاد ورفعت سعر الدولار بالداخل؟ وأضاف أنهم يحولون أموالاً للخارج لا نعرف هل هي شرعية أم غير شرعية؟ محاولة استنطاق بنك الخرطوم حاولنا الاتصال بنائب المدير العام لبنك الخرطوم فضل محمد خير، لمعرفة رأيه حول الاتهامات التي طالت البنك بشأن التعامل بغير أخلاق مع شركة زين في صفقة كنار، ولكن للأسف باءت المحاولة بالفشل لعدم رد نائب المدير العام على هاتفه. وقمنا بإرسال رسالة على هاتفه الشخصي تحمل في طياتها أسئلتنا عسى ولعل يصل الرد، وقمنا بالاتصال بالعلاقات العامة بالبنك والتي وجهتنا بملء «فورم» يحوي الأسئلة للإجابة عنها من قبل المخول لهم الحديث لنحصل على الإجابة في وقت لاحق رغم أهمية الأمر. دعوة للاحتكام للقوانين ومن ناحيته، دعا الخبير الاقتصادي الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين د. محمد الناير، الجهات المتنافسة لشراء كنار، أن يكون التنافس شريفاً يراعى فيه بقدر الإمكان الاحتكام إلى اللوائح والقوانين التي تضبط عملية البيع أو الاستحواذ بالطريقة التي لا تؤثر سلباً على الاقتصاد السوداني، وبالتأكيد ان الجهة المنظمة المتمثلة في هيئة الاتصالات، يمكن أن تلعب دوراً في المرحلة المقبلة لمعالجة هذا الأمر. ويرى كخبير اقتصادي إما أن تنجح زين في إتمام الصفقة بحكم أنها تضيف لها بنية تحتية ومخارج، أو أن يكون هناك تفكير يمنح كنار رخصة للجيل الرابع إذا طلبت كنار ذلك، وكان هذا دافعاً على منح هذه الرخصة إذا كان له أثر إيجابي والطاقة السوقية تستوعب وجود مشغل رابع.

الانتباهة