مزمل ابو القاسم

قانون حبس الصحافيين


* (يعد مرتكباً جريمة النشر الضار، كل من يذيع أو يبث أو ينشر أي مادة إعلامية، بأي وسيلة، تتضمن اتهاماً أو هجوماً أو تجريماً لأي هيئة من الهيئات الشبابية والرياضية.. وعلى الرغم من أي عقوبة أشد بموجب أي قانون آخر، يعاقب كل من يخالف البند (1) بالسجن لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أو بالغرامة التي تحددها المحكمة أو بالعقوبتين معاً).
* المادة المذكورة أعلاه ليست مأخوذة من قانون حمورابي، ولم يسنها قراقوش، ولا أي دكتاتور آخر، يريد أن يكمم أفواه الصحافيين كي لا ينتقدوه، بل وردت بكامل نصها الملتبس والمشوش في صلب مشروع قانون الرياضة الجديد، الذي شرع البرلمان في الاستنارة بآراء المختصين حوله، بجلسة استماع انعقدت قبل يومين.
* فوجئ من حضروا الجلسة بالمادة المذكورة، واستنكروا محتواها، وتحدث من شاركوا في وضع السمات العامة للقانون عن أنها (أعدت بليل)، كي تعاقب كل من ينتقد أي هيئة رياضية بالسجن لمدة ستة أشهر، مع جواز معاقبته بقوانين أخرى عن التهمة ذاتها.
* لم ترد تلك المادة في أي مرحلة من مراحل التحضير للقانون، ولم يقترحها أيّ ممن تمت الاستعانة بهم والاستنارة بآرائهم قبل صياغة التشريع الجديد، لذلك فوجئوا بها، واستنكروها، وعدوها محاولة لحماية مظاهر الفساد التي بدأت تستشري في الوسط الرياضي مؤخراً.
* لأول مرة يصبح الهجوم على جهة ما أو مجرد اتهامها بأي مخالفة جريمة يعاقب مرتكبها بالسجن، بغض النظر عما إذا كان الاتهام مبرراً ومسنوداً بحقائق دامغة ومعلومات مدققة ومحققة أو لا.
* ولأول مرة في تاريخ السودان يتم إقحام مادة تعاقب الصحافيين بالسجن في قانون رياضي، وكأن العقوبات العديدة والمتنوعة التي يتعرض لها الصحافيون في السودان لم تشف غليل من زجوا بتلك المادة المشبوهة في مشروع قانون الرياضة الجديد.
* من يتابعون النشاط الرياضي يظنون أن تلك المادة أعدت لتحمي الفساد، وتمنع الصحافة من التعرض له، وفضحه وكشف المتورطين فيه.
* ترى هل سمع اتحاد الصحافيين بتلك المادة الغريبة الخطيرة؟
* هل انتبه الأخ الأستاذ الصادق الرزيقي نقيب الصحافيين ورفاقه لها، وهل تمت الاستنارة بآرائهم قبل إقحامها في قانون يفترض فيه أنه ينظم عمل الهيئات المشرفة على العمل الرياضي والشبابي في السودان؟
* الصحافيون يحاكمون بموجب القانون الجنائي، ويخضعون لنص المادة (159)، المتعلقة بإشانة السمعة، ويحاكمون بموجب قانون الصحافة، وبقانون الملكية الفكرية، وبقانون الأمن، وبقانون جرائم المعلوماتية، ويخضعون لجزاءات لجنة الشكاوى التابعة للمجلس القومي للصحافة، ألا يكفي كل ذلك، لضبط العمل الصحافي وردع المتجاوزين؟
* بأي منطق، وأي مسوغ يتم إدراج مادة تزج الصحافيين في السجون، وتفرض عليهم الغرامات، في صلب قانون، يراد به تنظيم النشاط الرياضي والشبابي؟
* نتوقع من نواب الشعب أن يناهضوا تلك المادة القبيحة، ويرفضوا إجازتها، ويتحققوا من الكيفية التي حُشرت بها في مشروع القانون الجديد، وننتظر من اتحاد الصحافيين وكل العاملين في مهنة الصحافة، وكل الإعلاميين أن يناهضوها بقوة، قبل أن تتحول إلى سيف مسلط على رقابهم، وتزج بهم في السجون، من دون أن تحميهم من المحاكمة بكل القوانين الأخرى، المذكورة أعلاه.