تحقيقات وتقارير

«ودالبلة» .. تفاصيل الإعفاء المفاجئ


(ود البله يحفظك الله ) هتاف لازال يحفظه مواطنو محلية مروي بالولاية الشمالية, حيث شغل محمد حامد البله منصب معتمد لمحلية مروي في منتصف تسعينات القرن الماضي, وظل الشعار ذاته يردده مواطنو ولاية نهر النيل إلى يوم أمس ، فرغم دخول الرجل قلوب أهالي المنطقة هناك بسبب وقفته المشهودة مع المواطنين في معركة التصدي لفيضان نهر النيل في العام 1995, إلا أن قراراً صدر بإعفائه من المحلية وتعيينه محافظاً لمحلية سنار ، بالطبع القرار أغضب جماهير مروي حتى أنها هتفت أمام رئيس الجمهورية في زيارة تصادفت للمنطقة مع إقالة البلة وهي تردد (ود البلة مطلب شعبي ) .. الرئيس اعتذر بلطف عن بقاء ود البلة في المحلية وخاطب الجماهير قائلاً (نعم ود البلة نجح في إدارة المحلية وقدم للمواطنين لكن نريد أن يستفيد منه المواطنين في مناطق أخرى) بهذه الكلمات هدأ الرئيس من ثورة المطالبة القوية ببقاء الرجل.

فلاش باك:
عين ود البلة محافظاً لمحافظة سنار ثم استمر فيها حتى العام 2003 ثم ترجل عن قيادة المحلية مرة أخرى وغرب نجمه وانزوى بعيداً عن الأنظار حتى عين في يونيو من العام 20015 والياً لولاية نهر النيل ليواصل عطاءه في العمل التنفيذي ، لكن يبدو أن الرجل ورث ولاية بحمولة مثقلة بالصراعات العنيفة داخل حزب المؤتمر الوطني بين مجموعتين, لم يقف البلة حسبما كشف مصدر مطلع لـ(آخر لحظة) موقف الحياد من التيارات المتصارعة بل دخل حلبة المصارعة ودعم التيار المهزوم من مجموعة متنفذة داخل الولاية يقودها مسؤولون حاليون وآخرون قدامى من أبناء ولاية نهر النيل في مواجهة مجموعة أخرى ضعيفة أنهكتهتها الصراعات العنيفة فشارفت على الهلاك لولا فضل الله عليها بالدفع بود البلة والياً للولاية.

صراع الأفيال:
ربما كان قدر الولاية أن معظم النافذين من أبنائها بالمركز وهي الولاية الأولى التي ظلت تدار من المركز, هذه الأوضاع ضيقت الخناق على ود البلة مثلما أطاحت من قبل بالقيادي البارز بالمؤتمر الوطني قطبي المهدي نائب دائرة الدامر السابق. ومن أبرز التيارات التي تقود الولاية من الخرطوم تيار القيادي بالوطني ونائب دائرة شندي دكتور نافع علي نافع الذي يحكم قبضته وسيطرته على محلية شندي عبر لجنة تطوير المحلية التي يرأسها محمد الشيخ مدني ، وتيار آخر يقوده الأمين العام للحركة الإسلامية والنائب البرلماني لمناطق غرب النيل الدامر وعطبرة الدكتور الزبير أحمد الحسن وتيار المجموعات الشبيابية والذي يتزعمه مدير عام الشرطة الفريق هاشم عثمان الحسين .

تيار المال:
أما التيار الرابع فهوالأكثر تاثيراً على الولاية واتخاذ القرار فيها, تيار ظل يعمل خلف الكواليس و(زاد) تغلقله في الولاية بفعل المال وأحكم قبضته وسيطرته بالتوسع في المشروعات والاستثمارات وهو تيار نافذ ومسنود من المركز ، في وقت لم يفلح فيه ود البلة في استيعاب المجموعات الشبابية المؤثرة داخل ولاية نهر النيل والتي يقودها معتمد الدامر الاسبق وأمين التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني عمار باشري الشئ الذي ربما جعله يجلس على برج عاجي بعيداً عن القواعد التي يؤثر الشباب على حركتها علاوة على صراعه مع المع قيادات الوطني في الولاية ومعتمد الدامر حسن الحويج المقرب جداً من القيادي السابق بالوطني المرحوم مجذوب الخليفة وأحد تلاميذه في صراع طويل لم ينتهِ حتى الآن . ومن سوء حظ ود البلة أن ابن ولايته الذي دفع به وزيراً للزراعة بالولاية بشير بسطاوي شكل له خميرة عكننة, حيث حاول بسطاوي أن يتمدد سياسياً في الحزب داخل الولاية الشيء الذي أضعف البلة.

إضعاف المشاركة:
ولم يكتفي البلة بالدخول في صراعا ت مع متنفذين داخل حزبه بل امتدت صراعاته لتشمل حتى حلفاءه في الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل, وحسبما روى رئيس الحزب بالولاية أحمد الطيب المكابرابي أن البلة لم يتعاون مع حزبه لتنفيذ برامج الشراكة بين الحزبين بل سعى قدر الإمكان لإبعاد الحزب من دوائر اتخاذ القرار وإضعاف الشراكة بين الجانبين, وقال المكابرابي في حديثه لـ(آخر لحظة) إن البلة اعتمد في فترة حكمه التي امتدت لمدة عام على مجموعة من المتعطلين وجيش من أصحاب المصالح الخاصة, وحاول إبعاد العناصر القوية والصلبة والمعروفة بحكمتها في ادارة دفة الحكم في الولاية, بيد أن رئيس المجلس التشريعي كمال إبراهيم قال لـ(آخر لحظة) إنه لا يود التعليق على الموضوع قبل أن يصدر قرار رسمي بإقالة الوالي.

تقرير: علي الدالي
صحيفة آخر لحظة


‫2 تعليقات