رأي ومقالات

عائشة سلطان :التدين شكلاً


نحن الأمة الوحيدة، ربما، التي تنتشر فيها وبقوة جماعات تدعي التدين بالثياب والشكليات وفرض منطق أن الآخر ضال وإلى النار، بينما هم فقط الفرقة المؤمنة والناجية وذلك اعتماداً على الشكل والثياب لا على التدين والالتزام الحقيقي! إذا تدين الشخص من هؤلاء وقرر في لحظة تأثر مفاجئة، أن يلتزم بما يمليه عليه دينه فإنه يبدأ من الآخر: يبدأ بالإفراط في تمييز نفسه بالثياب والشكل ليكون علامة فارقة بشكله وشعوره الفوقي على الآخرين دون أن يدعم ذلك بدين حقيقي وورع وأخلاق وتسامح، نحن هنا لا نعمم، ولكن هذا النوع من المتدينين كثيرون يثيرون التوجس والكراهية بسلوكياتهم، بينما الدين أجمل من ذلك بكثير. الذين يرتكبون هذه الحماقة يسجنون الدين في أسوأ الصور وأكثر المفاهيم ضيقاً وتناقضاً، لنسأل أنفسنا بصراحة: لماذا يجسد هؤلاء الأشخاص من هذه الشاكلة حالة ريبة وعدم ارتياح في أي مكان يتواجدون فيه؟ ألا يعود ذلك لأنهم ربطوا بين مظهرهم هذا والإسلام، وقبل ذلك ربطوا بين الإسلام والإرهاب، ولأن زعماءهم ومنظريهم منحوهم ترخيصاً بالقتل والذبح والتفجير باسم الدين؟

هنا تكمن الكارثة ويكمن غباء من يتبنى هذا النهج، حين يظنون أنهم بهذه الطريقة يخدمون ويدافعون عن الإسلام، بينما الحقيقة أنهم يفعلون العكس، كما أنهم حين يذمون الناس وينظرون إليهم بتعالٍ، ويسخرون منهم وينعتونهم بالكفرة والمنحرفين والضالين دون أن يقدموا دليلاً على صلاح قلوبهم وتعفف ألسنتهم وحسن أخلاقهم، لا يخدمون الدين ولا ينشرونه ولا يجمعون الناس حوله بل يشكلون حالة تنفير وكراهية حقيقية له.

لقد كان أمراً مقززاً حين جلست تلك السيدة التي بدا من مظهرها أنها أوروبية بجوار سيدتين عربيتين منقبتين في أحد المطاعم، فلم تتركا كلمة سوء لم تتفوها بها في حق المرأة، التي صادف أنها عربية تعففت حتى عن الرد عليهما حين أعلت صوتها بالحديث مع مرافقها بعربية خالصة.

نحن لا نعبد الله بثياب قصيرة أو سوداء، نعبده بقلوبنا وبعد ذلك بسائر جوارحنا!

البيان


تعليق واحد

  1. نحتاج من علما الاصول ان يبينوا للناس ما هية الدين والتدين