تحقيقات وتقارير

الإعسار .. تمويل بلا ضمانات أم ضعف قوانين ؟


احصائيات مخيفة أعلن عنها وزير العدل الاسبوع الماضي بقاعة الناطق الرسمي باسم الحكومة كشفت عن (3000) سجين بالمادة 243من قانون الاجراءات المدنية ـيبقى لحين السداد .ـ الاحصائية تحدثت عن أكثر من (800) شاب سوداني حبيس بسبب الإعسار .. الوزير قال إن المادة تخالف الشريعة الإسلامية في تطبيقاتها ثم كون لجنة تضم عدة جهات لمراجعة تمويل البنوك ..اللجنة ستبحث وتراجع كل المستندات المتعلقة بالتمويل .

أسئلة مهمة:
لكن عمليات التمويل التي تتم داخل كل البنوك مع العملاء تتم وفقاً لاجراءات وضوابط محددة تنظمها لوائح داخلية ويراقبها مندوب من بنك السودان المركزي.. وتوقع الخبير المصرفي شوقي عزمي في حديثه لـ(آخر لحظة ) أن لا تسفر تحقيقات اللجنة عن مخالفات قانونية في عمليات التمويل وفقاً للمعطيات المذكورة.. وقال إن كل المستندات التي تمت العمليات وفقاً لها ستجدها اللجنة سليمة حال طلبتها من البنوك المستهدفة . طرح شوقي سؤلاً قال من الأهمية بمكان الاجابة عليه للوصول الى ماهية المشكلة التي زجت بثلاثة آلاف سوداني داخل السجون مفاده كيف يحدث الإعسار ؟ ومضى بالقول أعتقد أن هنالك عدة أسباب أولها عدم ثبات سعر الصرف ما جعل رجال الأعمال يضطرون الى شراء العملات بأسعار مرتفعة جداً من السوق الأسود لسداد قيمة بضائع تم تسويقها بسعر صرف منخفض، وثانيها عدم التزام الجهات الممولة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع المصرف المُمول، وثالثها الطموح لدى بعض رجال الأعمال في الثراء السريع والذي يدفعه باللجوء الى تجارة الكسر .

يبقى لحين السداد:
الأسباب التي ذكرها شوقي ربما تسهل مهمة اللجنة في البحث عن الإجابة على السؤال المهم حول ظاهرة الإعسار، ولكن السؤال الأهم الذي طرحه شوقي نفسه والمتعلق بالهدف من تكوين اللجنة نفسها هو هل الهدف منها البحث في ظاهرة الإعسار أم الخروج بتوصيات لتعديل نص المادة 243يبقى لحين السداد ؟ ، ويذهب شوقي الى أنه إذا كان الهدف من تكوين اللجنة البحث عن عمليات خاطئة تمت من الجهاز المصرفي، فإن اللجنة لن تجد في مراجعتها لعمليات البنوك إلا حالات نادرة متعلقة بضعف الضمانات.. أما إذا كان الهدف منها الوصول الى تسويات مع البنوك فهذا يعتبر من قبيل عمل الخير الذي سيحل الاشكالات الحالية، وخروج العديد من المحبوسين اذا ما توصل أعضاء اللجنة الى تسويات مرضية مع البنوك، ويحذر شوقي من تعديل النص القانوني قبل دراسة سلبيات ما يتم تعديله حتى لا يفتح التعديل الباب أمام استغلال ضعف النص وسماحة القانون في عمليات نصب واحتيال كبيرة، وأن يراعي التعديل قوانين أخرى تحمي العميل من تعدي المصرف على حقوقه مثل قانون الثراءالحرام، الذي يلجأ اليه العميل حال تمت عملية التمويل بطريقة غير شرعية ويحرك اجراءات قانونية ضد المصرف.

هجمة مرتدة:
ورغم الدفوعات والاجابة عن الاستفهامات التي تفضل بها الخبير المصرفي شوقي عزمي ومحاولته لاصدار شهادة براءة لساحة المصارف من أي اخطأ ربما ساهمت في الزج بالألف في السجون، بسبب عجزهم عن السداد إلا أن الخبير الاقتصادي كمال كرار يحمل جزءاً من المسؤولية، حيث يرى أن مجمل العمل المصرفي السوداني فيه كثير من الملاحظات التي يستشف منها أن هذه المعاملات البنكية لا تسير بنسبة 100% فيما يتعلق بعمليات التمويل، ويظهر ذلك من خلال نسبة تعثر البنوك فوق المعدل المسموح به بحسب تقارير المراجع العام، وإشارات بنك السودان عن الاداء المصرفي ومن ضمن هذه الإشارات سوء إدارة الأموال في النظام المصرفي ، وشكك كرار في جدوى تطبيق الصيغ الإسلامية على التمويل من مرابحة ومشاركة وعدها واحدة من أسباب إعسار الممولين نسبة للفوائد العالية التي تضعها البنوك وفقاً لهذه الصيغ، والتي تصل الى 30% تقريباً، ويذهب كرار الى أبعد من ذلك ويقول إن كثيرين حصلوا على التمويل دون ضمانات أو بضمانات ضعيفة.. داعياً الى إعادة النظر في النظام المصرفي والرجوع الى التمويل بسعر الفائدة.. واقترح على اللجنة أن تعالج المشكلة بأن تحول المادة 179المتعلقة بالشيكات من القانون الجنائي الى القانون المدني، ويتم التقاضي وفقا لقانون الاجراءات المدنية.

تقرير:علي الدالي
صحيفة آخر لحظة