جعفر عباس

خنزير ونعجة ومهاريشي


كان من حقي أن أهلل وأنطط عندما قال العلماء أن الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى هم نسل آدم وحواء الأصليون، وكان لذلك وقع خاص لدي بوصفي ناطقاً باسم النوبيين والأثيوبيين والطوارق والهوتو والزولو، ولكن ماذا أفعل في الإمبريالية العالمية التي ظلت تستهدفني وتجهض تطلعاتي.
يوم الأحد الماضي طرحت علينا «الصنداي تايمز» البريطانية تقريرا يقول أن الكائن الذي انحدر منه الإنسان «خنزير» كان يعيش في صحراء جنوب إفريقيا في العصر ما قبل الجيوراسي، يعني قالوا جدكم كان قرداً؛ فسكتنا على مضض، ولكن «خنزير»؟ لا هذه كثيرة وكبيرة Too Much. وهل يستطيع أحدكم أن يقنعني أن جدة هيفاء وهبي وأنجلينا جولي «خنزيرة»؟ ووا يا ويل من يقول للشابات المتيمات بمهند التركي، إنه من نسل الحلاليف ومفردها حلوف.
يعني لو ترددت مثل هذه المزاعم بعد ألف سنة، وذكر العلماء وقتها أنهم عثروا على إحفوريات في بريطانيا تدل على أن أصل الإنسان «خروف» لكان ذلك معقولاً، لأنّ الجماعة الذين عملوا على استنساخ النعجة دوللي، والجماعة التي تعمل على زرع جينات بشرية في النعاج والخنازير، لن يتوقفوا قبل أن ينتجوا كائناً هجينا تغلب عليه صفات وخصائص النعاج. وقد حكيت لكم من قبل عن الجهود الخيرة التي قام بها مواطن يمني لتزويج كبشه بالآنسة دوللي واتصالاته بالمسؤولين الدوليين والسفراء الأجانب في صنعاء لإتمام تلك الزيجة.
ولكن ماذا نفعل مع الغرب المتغطرس؟ لقد رفضت دوللي الكبش اليمني بحجة أنه لا يجيد الانكليزية وأنه غير كفء! وواقع الأمر أن دوللي عنصرية مثل أسيادها، ورفضت الخروف الصنعاني لأنه أسمر البشرة. على كل حال دوللي هي الخاسرة، فلو أتت لتعيش بين ظهرانينا لما أحست بالغربة أو أي نزع من التمييز، لأنها كانت ستجد نفسها محاطة بملايين «النعاج» الوديعة التي تأكل التبن وتساق إلى حتوفها من دون أن تقول «بغم» نعاج مبرمجة بحيث لا تخرج من زرائبها حتى لو تركوا لها الأبواب مفتوحة. بل وأن دوللي كانت ستحظى بمعاملة خاصة لأنّ النعاج عندنا وأسيادها ضعيفون أمام كل ما هو أوروبي.
عندنا يتبجح زيد أو عبيد بأن كلبه من هولندا. طيب وأنا كلبي من أم درمان وينبح.. ويتبول على عمود الكهرباء كما الهولندي. على كل حال سأصطحب كلبا سودانيا ابن كلب معي إلى أمريكا بعدما تعطيني «القرعة» البطاقة الخضراء. وهناك في أمريكا سأقوم باستنساخ كلاب كثيرة منه وإعادتها إلى الوطن العربي لتنهش لحوم النعاج الوديعة.
وإذا لم تأخذني القرعة إلى أمريكا فلربما أذهب إلى إسرائيل (الكيان الصهيوني سابقاً) لأعيش في أمن وسلام في منطقة الجليل بالتحديد، حيث أقام المهاريشي يوغي قرية ضخمة «للتأمل» تتسع لسبعة آلاف شخص سيتعلمون «قتل العداوة بدلاً من قتل العدو»، وتقول وكالات الأنباء أن هذه القرية ستكون أجمل من أوسلو! وإنني وعبر هذا المنبر أنذر كل متهور بأن أي عدوان على قرية المهاريشي سيعتبر عدواناً على لاس فيغاس، ولا شك أنكم تدركون عاقبة الاعتداء على لاس فيغاس.
وأود أن أبشر الأخوة الفلسطينيين بأن جميع مشاكلهم ستحل بقيام هذه القرية التي سيكون اسمها الرسمي «حكومة واحدة لعالم واحد». يعني لا معنى للاستمرار في المطالبة بجلاء الإسرائيليين عن الضفة الغربية لأنّ الحالة ستصبح «واحدة». ثم إن فلسطيني الشتات الداخلي والخارجي يخضعون الآن لأكثر من ستين حكومة وسلطة، ولكنهم وفي تلك القرية سيخضعون لحجة السلام مهاريشي يوغي وحده.