داليا الياس

مطار الخرطوم المحلي


لم تعد صفة (دولي) بأي حال من الأحوال تنطبق على (حوش) الطائرات هذا! لا من حيث المباني ولا من حيث المعاني.. وهذا من واقع مشاهداتنا للمطارات العالمية عبر كافة الوسائط أو بالعين المجردة.. فهل سبق للمعنيين بمطار الخرطوم السفر للخارج عبر المطارات الدولية فعلاً؟! أم أنهم في جميع رحلاتهم الخارجية يغضون الطرف عن كم الإدهاش والإبداع الذي يزحم كل مطارات دول العالم فقيرها وغنيها؟!
رجاءً.. لا تشهروا في وجهي بطاقة الإمكانيات الممجوجة.. فالشاهد أن النظافة لا تحتاج لإمكانيات، والتعامل الودود البشوش لا يحتاج لإمكانيات، واحترام الآخرين والحرص على ممتلكاتهم لا يحتاج أيضاً لإمكانيات.. ولكنك حالما أوردت سيرة مطار الخرطوم في مجمع من الناس ستسمع العديد من الحكايات والمواقف التي كان مسرحها هذا المطار مما يشيب له الولدان ويرمي بقلبك يقين اليأس والأسى معاً مما يحدث للقادمين والمسافرين عبر هذه البوابة المتهالكة!
وقد كنت على نحو شخصي أحد أبطال تراجيديا مطار الخرطوم مؤخراً.. فبغض النظر عن الصدمة النفسية الكبيرة التي كابدتها وأنا عائدة عبر مطار حمد الدولي ﻷحط رحالي في أرض الوطن، فتصطدم عيناي للوهلة الأولى بالمناظر المؤذية لمطارنا وأمعن في التغاضي عن عقد المقارنات من باب الرأفة، ها هو ضابط الجوازات يتلقى القادمين بوجهه المتجهم وكأنه يهم مع كل ختم للدخول بصفع المواطن الواقف أمامه ! ربما أزعجنا سيادته بعودتنا على متن هذه الرحلة المتأخرة!! فهل تراهم يسلكون ذات الدرب مع القادمين من الأجانب والأعراب؟!
أما في ما يتعلق بحقائبك فاعلم أنك ستنتظرها طويلاً.. ثم ستأتيك في حال مزر عبر (سير) متهالك، وبعضها ممزق، وثمة مفقودات لا يجوز لك السؤال عنها!!
وبعد أن تتجرع مرارة القهر هذه وتحمل حقائبك على عربة الحقائب (المعوجة) التي لا تحسن السير في خط مستقيم ستستوقفك ربما فتاة متكدرة الوجه مثلما حدث معي، تسألك بصلف عن حقائبك، وتسخر منك ربما قليلاً، وهي تمارس الهمز واللمز حولك مع زميلتها!!
ترى.. من أرغم كل هؤلاء على العمل في مطار الخرطوم؟ أشعر أنهم جميعاً مرغمين على وظائفهم تلك! فالمفترض أن يلتزموا بأسلوب دولي محدد في التعامل.. ولكن معظمهم يشعرني بحقدهم على هؤلاء العابرين من وإلى البلاد.. ويبدو هذا جلياً في ردود أفعالهم.. فإن كانوا يتوقون لهذا السفر ما الذي يمنعهم؟ لماذا لا يتمردون على واقعهم المفروض والمرفوض هذا ويسافرون مثلما يسافر الآلاف يومياً، فراراً من الإحباط وبحثاً عن حياة كريمة يعيشون فيها إنسانيتهم كما يجب؟ ولكم أن تعلموا.. أن معظم المقيمين خارج البلاد يعانون الأمرين مادياً.. ورواتبهم غير مجزية.. ولكنهم يتشبثون بالغربة فقط من أجل آدميتهم والبيئة النظيفة المتوفرة للعيش هناك التي لا أخالها ستتوفر لنا هنا قريباً!!
تلويح
ما جدوى الخصخصة إذا كانت تقابلها كل هذه الهمجية واللامبالاة؟ مطار الخرطوم المحلي.. لك ولنا الله


تعليق واحد

  1. صدقت لكن لاسمعت لو ناديت حيا…مطار زبالة ومسالة الامكانيات ما مقبولة..النظافة والتنظيم والامانة ما عايزة امكانيات انما عايزة ناس بتشتغل وبس….المظهر اللائق والانضباط والابتسامة والنظافة اشياء يخحث عليها الدين الاسلامي الذي يتشدقون به…..عايزين ليهم واحد بيفهم فن ادارة المطارات