يوسف عبد المنان

العاصمة الجديدة


{ في حفل إفطار والي الخرطوم الفريق “عبد الرحيم محمد حسين” أثار الأستاذ “حسين خوجلي” قضية في غاية الأهمية تتمثل في وضعية عاصمة البلاد الحالية وضرورة انتقالها لمدينة أخرى، تليق بنا كسودانيين أولاً وتليق بضيوف البلاد القادمين إليها حسب رأي “حسين خوجلي” الذي لم يترك للخرطوم شائنة إلا ودمغها بها. وبدأ “حسين” متبرماً من الحشود الجرارة من القادمين إليها من الأطراف القصية. ووجدت أفكار “حسين خوجلي” الحالمة هوى في نفس الوالي “عبد الرحيم” الذي مدح رؤية “حسين” ومعه “الطاهر ساتي” الذي تحسبه قريباً من الخرطوم، وحينما تصغي لما يقوله في تلك الأمسية الرمضانية تضعه بالقرب من الناغمين على تجارب ولاية الخرطوم اليائسة.
{ الوالي وصف أحلام “حسين” بالأفكار الإستراتيجية ومعها رؤى “الطاهر ساتي” الداعمة لنقل العاصمة من الخرطوم إلى مكان آخر، ولكن كلا الأستاذين وثالثهم الجنرال “عبد الرحيم” لم يستطع أحدهم أن يقول يجب النقل من الخرطوم لود مدني أو كوستي أو الاتجاه شمالاً إلى مروي التي تملك بنية تحتية تجعلها أكثر تأهيلاً من حيث البنيات، لأن تصبح العاصمة البديلة، ولكن هل قرار نقل العاصمة قرار فني واقتصادي؟؟ أم هو قرار سياسي من شأنه المساهمة في حل مشكلات البلاد الحالية أو تعميقها!!
{ قبل أن نقول المكان المناسب لنقل العاصمة إذا أصغى صناع القرار لأحلام “حسين خوجلي” التي (وقعت في جرح) للجنرال “عبد الرحيم”، يجدر بنا أن نتذكر ما جرى في مفاوضات “عنتبي” بين د.”علي الحاج” ممثل الحكومة السودانية و”سلفاكير ميارديت” ممثل الحركة الشعبية والجيش الشعبي في تلك المفاوضات، قدرت الحركة أن خصمها البارد يحتاج لإثارة تراب في عيونه ونثر دخان شطة في غرفة التفاوض ليخرج طبيب النساء والتوليد وكلتا يداه على فمه من أثر دخان الشطة.. طالب “سلفاكير” بتقديرات منه شخصياً أن تنقل العاصمة من “الخرطوم” إلى “جوبا” بعيداً عن جغرافية تطبيق الشريعة الإسلامية.. وتابع “سلفاكير” طلبه قائلاً إذا وافقت الحكومة على نقل العاصمة لجوبا نبدأ عملياً في إجراءات وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.. د.”علي الحاج” لم يعلن موقفاً رافضاً لمطلب الحركة الشعبية لأن د.”علي الحاج” مفوض من القيادة السياسية في الخرطوم بسقوفات متدنية جداً.. ليس من بينها مثل هذه القضايا.. عاد الطبيب قصير القامة للخرطوم وكعادته ذهب أولاً لصناع القرار من أهل الفعل، هؤلاء رفضوا مقترح نقل العاصمة وقالوا دون ذلك أن نموت جميعاً!! وغضب الرئيس والشهيد “الزبير” وكذلك ثار المحامي “علي عثمان محمد طه”، ولكن حينما التقى د.”علي الحاج” بالترابي تفاجأ بأن “الترابي” أعلن موافقته على المقترح وطلب من د.”علي الحاج” الاتصال بسلفاكير وإبلاغه بموافقة الحكومة.. إلا أن “سلفاكير” الذي عاد لقيادة الحركة لتنويرها بمسار التفاوض وافقوا جميعاً على مطلب نقل العاصمة إلى “جوبا” إلا د.”جون قرنق” غضب وحذر “سلفاكير” من تقديم مثل هذه المقترحات. وقال “قرنق” لو وافقت الحكومة على (مقترحك) ولم يقل مقترح الحركة لماتت القضية وانتهت طموحاتنا ومشروعاتنا.. وأصدر تحذيراً بعدم تقديم مثل هذه المقترحات مستقبلاً!!
اليوم إذا قلت يجب نقل العاصمة للدمازين أو كادقلي لوجد المقترح معارضة من “عقار” و”الحلو” قبل أن يعارضه “الطيب مصطفى” و”قطبي المهدي”، وحينما شطح “عثمان ميرغني” قبل سنوات وذل لسانه وقال بأن الأبيض هي المكان المناسب لممارسة السلطة لحكومة السودان، عد “ميرغني” من الشاطحين الحالمين، فهل يصبح مقر العاصمة الجديدة قضية تتنازع حولها المصالح والاتجاهات ومراكز القوى.


تعليق واحد

  1. عطبرة مالها – قريبة من وسط البلد ومؤهلة تماما ان تكون عاصمة السودان – قريبة الشبه من الخرطوم بنهريها اللذين يلتقيان عند مدخل المدينة ( نهر النيل ونهر عطبرة ) بالاضافة الى كونها عاصمة للحديد والنار فان قوامها وموقعها يؤهلانها لتكون العاصمة القومية – لولا الولاة ال ( كسالى ) لكانت عطبرة مدينة اقتصادية عظيمة .