تحقيقات وتقارير

تجريد حساب.. عام مر على تعيينهم ولاة الولايات.. في ميزان التقييم


عبر هذا الملف تحاول “الصيحة” إجراء تقييم وتقويم لأداء ولاة الولايات، بعد انقضاء عام كامل على تعيينهم ولاة في مثل هذه الأيام من العام الماضي، وعبر هذه الحلقات تضع الصحيفة كل واحد منهم تحت مجهر المراقبين والمقربين من مطبخ كل ولاية، تقييما وتقويما فيما يتعلق بالإنجازات التي تحققت والإخفاقات التي لازمت مسيرة كل والٍ، فضلا عن العقبات التي حالت دون تنفيذ البرامج التي تعهد الولاة بها بعيد تسلمهم المهام، إلى جانب بروز التيارات والأجنحة المتصارعة داخل الحزب الحاكم وهي ما عرفت بالحرس القديم، وننشد بهذه القراءة التحليلية كما ذكرنا تقييم وتقويم أداء ولاة الولايات خلال عام مضى حتى يستصحبوا معهم الإيجابيات والوقوف على الجانب السلبي منها وتجنبه فيما تبقى من عمر التعيين.

(الجنرال) في مرمى نيران كثيفة
انتقل من عسكري محارب إلى رجل دولة وسياسي

نائب تشريعي الخرطوم : الوالي مجتهد ويحتاج لتضافر الجهود
مبارك النور: لا جديد يذكر ولازالت العاصمة تعاني

محمد لطيف: قضيتان خصمتا من وقت الوالي الكثير
يوسف عبد الفتاح: نجح سياسيا وأمنيا وفشل خدميا

خلع والي الخرطوم، فريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين، رئيس المؤتمر الوطني بالولاية، بزته العسكرية متحولا إلى رجل دولة وسياسي على رأس الحزب الحاكم بالولاية، يمسك القضايا السياسية والأمنية والخدمية بيد واحدة منذ عام مضى في ولاية بحجم وعمق ولاية الخرطوم، تضم سبع محليات كبيرة تعاني من نزوح داخلي ووجود أجنبي كثيف اشتكى منه جميع المعتمدين والوزراء بالولاية، إلى أين وصل بكل هذه القضايا الشائكة والساخنة اخضعنا فترته والتي لم تتعدَ العام الواحد إلى نيران الخبراء والمراقبين فكانت حصيلة متباينة ومختلفة .

محاولات جادة
نائب رئيس المجلس التشريعي ولاية الخرطوم، محمد هاشم عمر، وصفه بالمجتهد وقال بأنه يحتاج إلى تضافر جهود حكومته والوزارات والمحليات والمواطنين، وقال إن الوالي قدم برنامج عمل كبير شمل عدة محاور أهمها المحور الاقتصادي، موضحا أن التفصيل جاء في خطط الوزارات والوحدات الحكومية المختلفة وبذلت جهود كبيرة ولازال العمل مستمرا وهناك محاولات جادة للحد من الفقر وتوفير مياه نقية صالحة للشرب والتخلص من السكن العشوائي وتوفير الإجلاس والكتب للمدارس وتنظيم الأسواق وزيادة المنشآت التي تخدم الشباب والرياضة، واستدرك قائلا: “ولكن العبرة بالنتيجة وطالما في ضائقة معيشية بتبقى النتيجة غير مرضية”، ولفت إلى ضرورة الاهتمام بالمشاريع الزراعية الكبيرة داخل الولاية وتخفيض تكلفة الإنتاج وتشجيع ودعم الصناعة المحلية، وبالنسبة لمحور الخدمات لفت محمد هاشم إلى أن هذا الملف يحتاج للكثير خاصة بيئة المدارس الحكومية التي تحتاج إلى تطوير بما فيها المناهج وليس تحسينها فقط، وقال نحتاج إلى مشروع نهضوي للتعليم ونهضة الدول أساسها التعليم، وطالب بمعالجة ضعف الخدمات الصحية والعلاجية ونظافة الولاية، مضيفا أن ملف النظافة يحتاج لتدابير جديدة ومختلفة، وقال ما نراه الآن لا يحتمل أو يليق بولاية الخرطوم عاصمة البلاد، والمر يحتاج لتدخل الحكومة الاتحادية لمساعدة حكومة الولاية، وقال مضيفا على العموم ولاية الخرطوم جزء من السودان وتتأثر بما تتأثر به الدولة بأكملها، وقال في رده عن الدور السياسي للوالي قال هاشم مطلوب منه الانفتاح ناحية القوى السياسية مشاركين في الحكم أو المعرضين بل وبكل مكونات المجتمع بما يمكن من تسريع خطوات الحوار وتحقيق الحوار الوطني الشامل.

لا جديد يذكر!!!
حال الولاية يغني عن السؤال والناظر إليها لا يجد صعوبة في تشخيص ما تعانيه من تردٍ في الخدمات وجميع معاني الحياة هذا ما ابتدر به عضو المجلس الوطني، مبارك النور، حديثه عن رأيه في العام الذي قضاه الوالي في إدارة دفة الولاية، ففتح النار في جميع الاتجاهات ولعل تحرره من قيود الحزبية هو ما أعانه على إخراج كل ما في جوفه من حديث كان في غاية الوضوح والصراحة، فقال لازالت العاصمة الحضارية تعاني من تردي البيئة وتكدس الأوساخ والنفايات في الأسواق ومواقف المواصلات والأحياء بصورة عامة، ولازال المواطن يقف بالساعات في انتظار المواصلات العامة بالساعات تحت الشمس دون فائدة، وقال يدفع المواطن من حر ماله ما عليه من التزامات من رسوم وضرائب وزكاة وتأخذ الحكومة حقها كاملا ولكن دون فائدة أو مقابل يليق بكرامته، فتجده يعاني في جميع المرافق الحكومية في سبيل إنجاز معاملاته، ولفت إلى تفشي ظواهر اجتماعية خطيرة مثل التسول والتشرد والانفلات الأمني خاصة في الأسواق ليلا وفي أماكن السكن العشوائي والذي تمدد بصورة مخيفة ومقلقة لم تجد معه كل الحلول المطروحة من قبل حكومة الولاية، وقال تلقينا شكوى في لجنة الصحة من تردٍ كبير في مستشفيات الأمراض النفسية وخاصة مستشفى بعشر مما زاد من معاناة المرضى “وزاد المجانين في الجن” خاصة من قطوعات الكهرباء والمياه، وأضاف بأنه لم يلاحظ جديد أو تطور في الولاية منذ تولي الفريق عبد الرحيم ولايته وأضاف بأن الوالي تنتظره تحديات كبيرة ومشاكل حقيقية ونحن نطمح أن تصبح الخرطوم عاصمة حضارية وقبلة للسواح، خاصة وإن بها المقومات الجاذبة وخاصة شارع النيل والذي يحتاج إلى عناية فائقة ورؤية جمالية، وتخوف من فصل الخريف والذي توقع أن تشهد فيه الولاية كوارث بيئية كبيرة ككل عام، وأضاف أن الوضع أصبح يحتاج إلى تدخل عاجل باستدعاء كل الحادبين على المصلحة العامة من الجميع دون استثناء وأن يعقد مؤتمر يدعى له المواطنين وتناقش معهم كل هذه القضايا والوصول إلى حلول واقعية يمكن تحقيقها.

وقت مهدر وتحديات كبيرة
الصحفي والمحلل السياسي محمد لطيف يعتبر صديقا مقربا من والي الخرطوم، لخص المصاعب التي واجهها الوالي في التهيئة النفسية التي تطلبها نقله من وزارة الدفاع إلى والي وترأسه لحزب بعيد كل البعد عنه تنظيميا ومرفوض من قبل منسوبيه، مما خصم من وقته كثيرا، فقال واجه الفريق ركن عبد الرحيم تحديات كبيرة عند بداية توليه للحكومة ومغادرته وزارة الدفاع في ظرف مفاجئ لم يكن متوقع للكثيرين ونعلم بأن هذا الاختيار صدر من المكتب القيادي فوجد نفسه في موضع تنفيذي مدني لأول مرة ورئيس حزب لم يكن على وفاق معه إن جاز التعبير، وأنا أقول هذه العبارة واتحمل مسؤوليتها، وذلك عندما تم رفضه من المؤتمر الوطني كوالٍ للخرطوم، وخاصة أنه من المعروف أن عبد الرحيم لم تكن له علاقة بالحزب، وكان رجلا (عسكريا) وكان فقط في إطار الحركة الإسلامية مع الآخرين، بالرغم من أنه وبطبيعته رجل منفتح على الآخرين، لذلك في تقديري تنظيميا كان البون شاسعا بينه وبين منسوبي المؤتمر الوطني ولذلك استطيع أن أقول بقراءتي الخاصة أن الوضع النفسي الذي وصل به عبد الرحيم أحمد حسين، لمنصب والي الخرطوم كان في حاجة إلى فترة لإعادة الترتيب من الناحية النفسية والمعنوية ومن ناحية تهيئة نفسه للدخول في دور جديد والقيام بدور جديد وقطعا هذه خصمت من زمنه الكثير، وأضاف لطيف قائلا والمسألة الثانية اصطدم والي الخرطوم بشح الموارد في الولاية ولعلنا نذكر عبارته الشهيرة الساخرة في خيمة الصحفيين في رمضان الماضي عندما قال (الحتات كلها باعوها) والتي عكست عن شح الموارد في الولاية والذي أعلم بحكم علاقتي الخاصة به بأنه قضى وقتا طويلا جدا في ترتيب مسألة الموارد خاض من أجل توفيرها معركة شرسة جدا لم تكن معلنة على مستوى الصحافة مع الحكومة الاتحادية لانتزاع الكثير من الحقوق والتي يعتقد أنها خاصة بالولاية وهذه الجزئية كذلك أخذت جزءاً كبيرا من وقت الوالي لأنه كان مشغولا بتوفير الموارد، لعلمه باحتياجات الولاية والمشاريع التي ينبغي أن تنجز في مجال المياه وإصحاح البيئة والبنى التحتية والقضايا المعيشية وغيرها من القضايا فبالتالي هو كان مشغولا بتوفير هذه الموارد لتحريك عجلة الإنتاج في الولاية وهذا كان خصما على الوقت واخذ منه الكثير .

الكرة في ملعب الوالي،
ومضى لطيف في قوله وأضاف: لكن الآن اعتقد أن الوالي أصبح متصالحا مع نفسه ومنصبه وأكثر استعدادا لتحمل مسؤولياته تجاه هذا الأمر واتوقع حدوث اختراق وإنجازات ملموسة على أرض الواقع عقب شهر رمضان والذي تنخفض فيه وتيرة العمل بصفة عامة، وحتى لا اغمط الرجل حقه لابد أن أقول هنالك بعض التحركات الملموسة في بعض القضايا الخاصة بالخدمات، ففي مجال المياه هنالك تحسن نسبي في توفير المياه وأيضا هنالك اجتهادات على مستوى معتمدي المحليات في صيانة الطرق بالرغم من أنها تحتاج إلى تغيير وتأهيل جذري وهنالك كذلك مجهودات تظهر هنا وهناك في تأهيل البنى التحتية وخاصة الطرق والأسواق إلى حد ظهر فيها بعض الانضباط ومسألة قضايا المعيشة، وقال يحسب للوالي إنجاز الحوار المجتمعي والذي ناقش القضايا المعيشية بتركيز ولكن يظل التحدي الحقيقي في أن تتنزل هذه التوصيات على أرض الواقع، والآن لو لاحظنا مع إقبال شهر رمضان يوجد عدد كبير من الأسواق والمنافذ التسويقية فتحت في الولاية لتخفيف أعباء المعيشة، وأنا أدعو الوالي أن يهتم بالتعاونيات أكثر بتطويرها ودعمها باعتبارها واحدة من المنافذ الطبيعية التي توصل الخدمة للمواطن، وأنا افتكر بحكم متابعتي لعمل الوالي أن اهم قرارات قام بإصدارها هي إعادة تنظيم الأراضي وكان له تأثير كبير جدا في كبح جماح المضاربة في الأراضي السكنية وكذلك قرار حماية الأراضي الزراعية خاصة في الفترة السابقة لولايته والتي شهدت حالة من النهم في ابتلاع الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية ومحاربته للسكن العشوائي وعدم تقنينه، ويمضي لطيف في حديثه قائلا شدد الوالي على عدم تكرار أخطاء الولاة السابقين بتقنين السكن العشوائي بمنح الأراضي للمواطنين بوضع اليد، وهذه قرارات مهمة جدا وتحسب للوالي ويمكن أن تكون لها نتائج جيدة ومؤثرة في استقطاب مستثمرين يعملون في مجال الإنتاج الحيواني والزراعي بالولاية، ويقول بصفة عامة ليس هنالك تغييرات كبيرة منذ تولى عبد الرحيم للولاية إلى الآن، وما قام به هو معالجات محدودة وبصراحة هذه الأعمال إلى الآن لا تشبه عبد الرحيم والآن كثير من المراقبين والخبراء والمتابعين يتوقعون منه أكثر من ذلك وبالتالي الجميع لازال في انتظاره والآن الكرة في ملعبه إما أن ينجح أو يفشل، وفي رأيي اتوقع أن ينجح بحكم متابعتي ورؤيتي للكثير من الأشياء .

النزوح والعشوائيات
التحدي الحقيقي هو في التواصل مع المواطن والآن واحدة من أكبر المشاكل التي تواجه سياسة الاقتصاد الحر المتبعة باعتباره غولا جشعا يبتلع ذوي الدخل المحدود والضعفاء ويسحقهم أن لم يبادر الوالي بوضع معالجات جذرية لحمايتهم وواحدة من أبسط الطرق لهذه القضية هو الحركة التعاونية والإنتاجية، خاصة وإن الوالي يتحدث عن مرحلة للاكتفاء من الغذاء، والقطاع التعاوني الإنتاجي يمكن أن يكون رأس الرمح فيه تطوير ولاية الخرطوم وتوفير المنتجات الزراعية والحيوانية، وواحدة من الطرائف من خلال متابعتي اللصيقة وقربي من الوالي في تدشين حصاد القمح في مزارع دال، الوالي ألقى خطبة وقال ولاية الخرطوم أكبر ولاية منتجة، فقلت له وأكبر مستهلك، فقال لي (ما نوعكم ده لو كان قاعد في بلده كان الاستهلاك في الولاية انخفض) وهذه واحدة من الإشكاليات وهي حقيقة ينبغي الاعتراف بها وهي تحميل ولاية الخرطوم خدمة ثلث السودان، بينما هذه الولايات من المفترض أن تكون تحت مسؤولية الدولة وليست الولاية بتعميرها وتوفير فرص العمل والخدمات بها، ولذلك التقصير والفشل الذي يحدث في التنمية المتوازنة وتوفير الخدمات في الولايات تدفع ثمنه ولاية الخرطوم في النزوح المستمر لعدم وجود تنمية متوازنة.

نجاح وإخفاق
مستشار والي الخرطوم السابق لواء معاش يوسف عبد الفتاح لفت إلى نجاح الوالي في الناحية المدنية بتأمين العاصمة وايضا من الناحية السياسية بإنجازه للحوار المجتمعي وصفه بالحقيقي ورفع توصياته لرئيس الجمهورية، وتكوينه للجان شعبية جديدة في الأحياء وأمانات جديدة وتغيير في هياكل الحزب على مستوى الولاية وتعيين وجوه جديدة وشابة مما ادى لدفعة كبيرة في العمل واستدرك بأن هذا العمل أخذ وقتا كبيرا لإنجاز هذا العمل واعتبره نجاحا ودعا الوالي إلى النزول للمواطنين في الأحياء والتفاكر معهم في قضاياهم وأخذ الرأي والمشورة منهم، وقال على مستوى الحكومة حقق الوالي نجاحات في قضايا المياه بإضافة محطات جديدة وتوفير مولدات في عدد من المحطات ولكن قطوعات الكهرباء أثرت على الإمداد المائي وأضعفت الجهود التي بذلت لتوفير المياه لأن بعض المحطات تعمل بالكهرباء، وقال يوسف عبد الفتاح لم يحقق الوالي نجاحات تذكر في المواصلات، وقال نحن نتساءل عن مصير القطار المحلي والنقل النهري ولماذا لم يتم تشغيلهما، وقال الحل في المواعين الكبيرة للمركبات العامة كالبصات داعيا إلى صيانة البصات المتوقفة والتي تقدر بالآلاف، وكذلك لم يستطع الوالي اختراق قضايا أخرى مهمة كالنفايات وإصحاح البيئة ولازالت النفايات تملأ الشوارع والأحياء والأسواق، وقال اعتمد الولاة السابقون في تسيير ميزانية الولاية على بيع الأراضي بمليارات الجنيهات وخاصة فترة الوالي عبد الرحمن الخضر، ولكن في فترة الوالي عبد الرحيم تم إيقاف بيع الأراضي خاصة وإنه لا توجد أراضي للبيع ولسياسة الولاية الجديدة بعدم بيع الأراضي وللخروج من هذه المشكلة ينبغي ابتكار أساليب وطرق أخرى لتوفير الموارد المالية كتدوير النفايات وتشجيع الاستثمار وعودة رؤوس الأموال السودانية التي هاجرت لإثيوبيا والعودة للزراعة والإنتاج الزراعي والصناعي، وقال ليس من المعقول أن يصبح الاستهلاك أكبر من الإنتاج وأن نستورد المواد الاستهلاكية مثل القمح الزيوت والألبان والمعلبات والتي يمكن إنتاجها محليا، وقال أصبحنا مستهلكين وغير منتجين ونستهلك أكثر مما نتج ونطبع في نقود بدون قيمة حقيقية لها وقال بعد فقد البترول أصبحنا نعتمد على الذهب وهو معدن ناضب ولولا ذلك لانهار البلد.

الخرطوم: عواطف إدريس
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. عبدالرحيم محمد حسين. .أسوأ وأفشل والي في تاريخ الخرطوم نسأل الله أن لايوليه على أحد .

  2. النظام كلو فاشل عن بكره ابيه..هي جات على الوالي ولا على الوليه؟؟؟؟..ديل محتاجين لضرب غرائب الابل من الراس للساس.