الطيب مصطفى

بين غندور وابنعوف ودينق الور


أليس عجيباً أن يعلن وزير خارجية دولة جنوب السودان دينق الور بين يدي زيارته للسودان وعلى رؤوس الأشهاد وبدون أن يطرف له جفن أنهم لن يتخلوا عن قطاع الشمال؟!

دينق الور الراغب، حسب ما أفاد في تصريحاته قبل أن يشد الرحال إلى الخرطوم، في تطبيع وتحسين علاقات بلاده بالسودان يجاهر وبكل قلة حياء بالإعلان عن أنهم لن يتخلوا عن قطاع الشمال الذي يشن الحرب على السودان في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وغيرهما!

عندما سألته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية عن إمكانية التخلي عن (حلفائكم في قطاع الشمال مهراً لبناء الثقة بينكم والسودان) أجاب الرجل بصراحة واستفزاز يفقع المرارة ويفري الكبد بقوله: (من قال إننا سنتخلى عن حلفائنا في الحركة الشعبية أو يتخلى المؤتمر الوطني عن حلفائه وناسه في الجنوب)!

دينق الور الذي كان اسمه (أحمد الار) قبل أن يرتد عن الإسلام في السنة الأخيرة من دراسته الجامعية يقول ذلك رغم أنف الاتفاقيات التي أبرمت في أديس أبابا مع دولة جنوب السودان والتي نصت على فك الارتباط بين دولة الجنوب وقطاع الشمال المتحالف معها.

للأسف فإن من أجروا الحوار الصحافي مع الرجل فات عليهم أن يسألوه عن ذلك النص الملزم في الاتفاقية كما فات عليهم أن يحاصروه بالسؤال عما إذا كان اسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان يحمل معنىً استعمارياً وعدائياً لدولتهم التي تحكمها حركة لا تزال تحمل اسم الحركة الشعبية لـ(تحرير السودان) بما يعني أن تحرير بلادنا أيها الناس هدف استراتيجي لا يزال من يحكمون دولة الجنوب يسعون إلى تحقيقه حتى بعد أن انفصلوا عنا وذهبوا إلى دولتهم !

لست أدري والله لماذا لم يسأل الور عما إذا كانوا يرضون بأن يسمى الحزب الحاكم في السودان باسم (المؤتمر الوطني لتحرير جنوب السودان) أو عما إذا كان هناك حزب في دولة الجنوب يسمى (المؤتمر الوطني.. قطاع الجنوب)! كما هو الحال بالنسبة لقطاع عرمان والحلو وعقار؟!

لقد بلغ الاستهتار بدينق الور درجة أن يطلب من السودان أن يسلم رقبته للجلاد من خلال مطالبته بأن يعهد السودان إليهم بدور الوسيط بينهم وبين قطاع الشمال فقد قال دينق الور (الحركة الشعبية – قطاع الشمال – كانت جزءاً من الحركة الشعبية… ونحن مستعدون ومؤهلون للمساعدة في أي حوار جاد يبدأ بين الطرفين)!

بالله عليكم هل هذا الرجل جاد أو مؤهل ليتحدث عن تجاوز الخلافات بين السودان ودولة جنوب السودان وهو الذي ظل يحمل من الأحقاد والكيد للسودان ما تنوء بحمله الجبال الراسيات؟!

دينق الور يقول إن علاقتهم بعملائهم في الجيش الشعبي والتي أكد أنهم لن يتخلوا عنها تشبه ما قال إنها علاقة بين المؤتمر الوطني الحاكم في السودان وحلفائه في الجنوب ولم يسأله أحد عما إذا كان من سماهم بحلفاء المؤتمر الوطني الذين يزعم أنهم موجودون في الجنوب لديهم فِرَقٌ ولواءات مسلحة مثل الفرقتين التاسعة والعاشرة للجيش الشعبي التابع لقطاع الشمال واللتين تقاتلان حتى الآن في جنوب كردفان والنيل الأزرق؟!

إن الرجل باعترافه يقر بأنهم لن يتخلوا عن جيش قطاع الشمال الذي لطالما دعموه في حربه في الولايتين والذي يصرون على دعمه كونهم يقرون أنه حليف استراتيجي لن يتخلوا عنه فهل بربكم يجوز لهذا الرجل الخصم أن يعرض نفسه حكماً ووسيطاً بين السودان وعملائه عرمان والحلو وعقار لولا الاستعباط والاستفزاز لكرامة هذا الشعب الذي لطالما صبر على الجنوب قديماً قبل الانفصال ولا يزال يتجرع سموم الكيد والحقد الدفين؟!

أقول لوزير الدفاع ومدير جهاز الأمن ولوزير الخارجية إنه ما من سبيل لجعل حكومة دولة الجنوب تفهم أن علاقتهم مع قطاع الشمال ينبغي أن تقطع إلى الأبد إلا بإعمال مبدأ المعاملة بالمثل امتثالاً للتوجيه القرآني: (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ). وعندها فقط سيدركون عوار تصرفاتهم المعادية لبلادنا.

إن مما يمكن أن يبعث ببصيص من الأمل ما رشح من أخبار عن أن ملف العلاقة بين السودان ودولة جنوب السودان سيتولاه نائب رئيس دولة الجنوب د. رياك مشار أما دينق الور فإنه لن يفعل غير وضع المزيد من الحطب في الحريق المشتعل.


تعليق واحد

  1. المهم المسمي ام الممارسة المؤتمر الوطني مستعمر للحكم في الشمال فهو لم يأتي عبرممارسة ديمقراطية وهو مستحوذ علي مؤسسات الدولة فاذأ قطاع الشمال سيئا فجماعتك اسؤ وافشل