مقالات متنوعة

اسحق الحلنقي : سر مزرعة يهرب إليها وردي


* شك أحد حراس منزل السيد مهدي مصطفى الهادي محافظ الخرطوم في عهد حكومة مايو بعد ملاحظته لرجل دلف إلي المنزل دون إذن مسبق، فقال له من الذي سمح لك بالدخول بهذه الطريقة غير الللائقة؟ فرد عليه الرجل إن هذا المنزل يعود لشاعر كسلا (قاصداً شخصي) وهو لم يرفض أن أزوره ليلاً أو نهاراً، إتصل الحارس بالسيد المحافظ يخطره بالأمر، فطلب منه أن يعرض هذا الشخص عليَّ فإن عرفته يتم إطلاق سراحه فوراً، وبمجرد أن تأكد للحارس معرفتي به أطلق سراحه فوراً، بعدها بأيام إلتقيت بالسيد المحافظ فحكي لي ما حدث، فقلت له إن كان منزلي مثل منزلكم لكتبت في اليوم الواحد عشرات من القصائد، فأنفجر مهدي مصطفى ضاحكاً.
* قال لي الفنان الراحل محمد وردي إنه كان يذهب سراً إلى مزرعة في قريته صواردة، ثم يظل هناك لساعات طويلة يعزف علي طنبوره مناجياً أشجار النخيل، وهي تعانق بعضها البعض، وأضاف أنه كان يخاف أحياناً من جمال لعذوبة في صوته، كان يخيل له أنه صوت قادم من السماء، ويقال أن وردي ورث حلاوة الصوت عن والدته المعروفة بين أهله أنها كانت تتمتع بصوت ينافس أنغام كمنجة يعزف عليها الراحل محمدية .
* أكد شاعر البطانة المعروف الحاردلو أن (الولف كتال) وكان صادقاً فيما قال، فقد تأكد للكثيرين أن للإلفة سلطة على القلب أقوى بكثير من السلطة التي يتمتع بها الحب في إصدار أوامره على المجاريح من العشاق، فالحب في رأيي يمكن أن يتحطم لمجرد كلمة عابرة أو غلطة لا تذكر، ويمكن أن يتلاشى بخيانة لعهد أو نسيان لعشرة خبا بريقها، أما الإلفة فإنها قد تدفع بك إلى أن تقبّل كف من كان لك ظالماً.
* بعد طلاقه من زوجته فاتن حمامة اختار الممثل عمر الشريف أن يعيش وحيداً، لم يفكر قط في الارتباط بامرأة غيرها، وذلك بالرغم من أنه كان قبلة لأجمل جميلات هوليود، كان هذا الممثل يقول دائماً ان جلسته داخل غرفته الصغيرة يجتر فيها ذكرياته مع المرأة التي أحبها، أجمل عنده ألف مرة من كل العطور الباريسية المعبأة بالعهر، كانت زوجته الممثلة الكبيرة تعلم أنه أحبها بصدق، وأنه كان يتنفس بأنفاسها، إلا أنها بالرغم من ذلك رفضت أن تعود إليه زوجة كما كانت، فمات مقتولاً بذكرياتها.
* نظر إليها وهي مكومة على سرير خشبي قديم، وقد أخذت منها السنين ما أخذت، ثم سرح بعيداً وهو يتذكرها صبية ضاحكة العيون طويلة الضفاير، تذكر أنه كان يتبعها مثل ظلها لينال منها آخر المشوار إبتسامة عابرة، ثم توفى والدها ولحقت به والداتها بعد فترة قصيرة، فوجدت نفسها أمام مسئولية ضخمة في تربية أخوانها، تقدم لها أكثر من رجل إلا أنها رفضتهم جميعاً، كان مستقبل أخوانها الصغار أهم لديها من كل شيء، جاهدت معهم ليل نهار إلى أن تخرجوا من الجامعات على يدها، تزوج منهم من تزوج وهاجر منهم من هاجر، الذي عذبني أن واحداً من أخوانها لم يذكرها بزيارة في عيد، أو يمنحها إبتسامة طيبة، نظر إليها وهى مكلومة على ذلك السرير الخشبى القديم، لم يتمالك نفسه وإنهار باكياً
* هدية البستان
فارق أرض القاش وروح مالو فات أهلو ودياره
والفراق بتقول عيونو قسمه ما كان باختياره
يا حليل توتيل نزورها والجبل نعسان خداره
حتى السواقى بكت معايا وشاركت في وداع قطاره