مقالات متنوعة

كمال عوض : دولة الجنوب .. العودة لمربع الحرب


> قبل أن يجف مداد حوار الفريق «عرديب» الذي أجراه معه الزميل النشط النذير دفع الله ونشرته «الإنتباهة» على حلقتين بداية هذا الاسبوع، اندلعت الحرب مجدداً في دولة جنوب السودان وهو ما توقعه «عرديب» بأن عودة مشار ستكون بداية النهاية للدولة الوليدة. > قال الفريق محمد أحمد في الحوار: «الجيش الشعبي رافض تماماً لعودة رياك مشار وتم تهديد سلفا كير من قبل الجيش الشعبي بأنه اذا جاء رياك مشار نحن سنقوم بانقلاب في الجنوب ونقتل مشار، وهذه الاتفاقية لا تستطيع أن تصمد لشهرين في الوقت الذي انتقد فيه سلفا كير الاتفاقية نفسها ورفضها لوجود جيشين وحرسين جمهوريين، بينما يرى رياك مشار أن يكون له حرس جمهوري فوق كل هذا الكم الموجود من الحرس الجمهوري، وهذا يعني ايضا تخوف رياك مشار من الدينكا الذين يرفضون تعيينه نائباً للرئيس». > ويواصل الفريق: «هذه الاتفاقية هشة وعمرها قصير، والحرب لن تتوقف والعداء والغبن، والثأر أصبح في الجنوب بين عدة قبائل وفي عدة مناطق لالتفاف عدة قبائل حول سلفا كير وإزاحة أبناء النوير من الجنوب، لذلك ستحدث كارثة كبيرة، وهذا التكهن هو نتاج لمعرفتي الكبيرة واللصيقة بالجنوبيين، بينما بعض التخوفات لأبناء الدينكا بأن رياك مشار يسعى للإطاحة بسلفا كير، وإذا حدث فهذا يعني امتلاك النوير لحكم البلد». انتهى. > بالفعل صدقت توقعات عرديب وهزت أصوات المدافع والصواريخ أركان دولة جنوب السودان. وهاهي مدينة راجا بولاية غرب بحر الغزال تسقط في أيدي قوات مشار بعد تعرضهم لاستفزازات من قبل الجيش الشعبي وعناصر من حركة «العدل والمساواة». > معادلة الحرب والسلام في دولة الجنوب من الصعب حلها، لأنها تخضع لحسابات قبلية دقيقة يتهاوى معها أي اتفاق مهما كانت قوته وضماناته. ومن أقل احتكاك يمكن أن تنشب حرب ضروس تقضي على الزرع والضرع ولا يعلم أحد متى تخمد نيرانها. > عودة دولة جنوب السودان لمربع الحرب مجدداً ستنهي محاولات التنمية وتؤثر على المستثمرين وتدفق الأموال الأجنبية، لأن انعدام الأمن يؤثر بصورة مباشرة في حركة السوق واقتصاديات البلد المنكوب. > ستعود مع أصوات الرصاص الهجرات والنزوح التي تستقبل أكثرها حدود السودان في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق والنيل الأبيض وستكتظ المعسكرات بالمرضى والمصابين والمحتاجين مما يشكل ضغطاً كبيراً على موارد تلك الولايات. > أيضاً ستتأثر بصورة مباشرة مناطق انتاج البترول وربما اغلقت آبار النفط وبكل تأكيد سيتعرض الأنبوب لهجمات متكررة بغية السيطرة على الشريان الوحيد الذي يغذي اجزاء بلد انهكت جسده الازمات. > ومع هذا الوضع الصعب الذي تعيشه الدولة الوليدة إلا ان قياداتها يصرون اصراراً كبيراً على إيواء حركات التمرد التي صارت طرفاً حتى في الاحداث الاخيرة التي اشعلت الجنوب من جديد. > استفزازات قوات حركة العدل والمساواة كانت سبباً مباشراً في اتخاذ قوات مشار لخطوة دخول «راجا». ولن تتوقف الأمور عند هذا الحد لأن ما تبقى من قوات العدل والمساواة صارت تفتعل المشاكل والازمات والحروب اينما حلت. > الحركة فقدت أراضيها في دارفور وصارت تبحث عن مداخل جديدة وتتغذى جيوشها من معسكرات داخل دولة الجنوب لزعزعة أمن واستقرار السودان. ولكن انقلب السحر على الساحر وهاهي القوات التي ادخروها للكيد والتآمر تحرق ما تبقى من خيوط اتفاقية هشة حاول عبرها سلفا ومشار حكم الجنوب في سلام ولكن هيهات.