صلاح الدين عووضة

التيس !


التيس (2) !!

ويحتجب (بالمنطق) اليوم أيضاً..
وقريبنا عباس محي الدين يقص علينا قصة عجيبة..
يقول إنه صادف ابنة الداية التي أشرنا إليها في كلمتنا بعنوان (التيس)..
صادفها بالعاصمة في أحد أحياء مدينة بحري العتيقة..
وهو آنذاك كان يعمل بمكتب بريد كريمة المجاور لمنزل الداية هذه..
كان أحد الذين لاحظوا جمالها الغض وهي في تلكم السن المبكرة..
قال إنه فوجئ بأنا ما زالت تحتفظ بجمالها الخرافي ذاك..
ورغم ذلك- وهذا مربط العجب- فهي غير متزوجة حسبما أخبرته..
ولم يسألها عن السبب تجنباً للحرج..
فربما يكون ذا صلة بعقدة أصابتها من كثرة تعرضها للتحرش آنذاك..
وأحد الذين كانوا يضيقون عليها الخناق حسون الوارد ذكره في كلمتنا..
وعلى فكرة، هي كانت تتعرض لتحرشات ذكورية وأنثوية على حد سواء..
لكم عانت المسكينة في طفولتها جراء (نقمة) جمالها الذي هو (نعمة)..
وربما يستحسن أن نعيد نشر كلمتنا المذكورة بهذه المناسبة..


التيس !!

* كانت هوايتنا في أمسيات رمضان – ونحن صغار – اللهو على كثيب الحي..
*كنا نلعب (شليل) و(شدت) و(دافوري) و……….(حسونية !) ..
*وكيلا يُجهد أحدكم ذهنه في تذكر لعبة اسمها الـ(حسونية) أقول إنها خاصة بشلتنا – آنذاك – يعود فضل استمتاعنا بها إلى زميلنا حسن ..
*ومن اسم زميلنا هذا تم تحوير اسم اللعبة المذكورة ..
*فقد كان ابن حينا حسن – وهو يكبرنا بقليل – متيماً بابنة (الداية) ذات الجمال الخرافي رغم صغر سنها..
*وكان تناسق جسدها الغض يستنزع من ابن جيراننا سمير- طالب الثانوي – شهقةً حرى كلما وقع بصره عليها..
*وما أن تأتي البنت هذه برفقة والدتها- للتسامر مع نسوة حينا- حتى تعتري (حسوني) حالة غريبة..
*وقد كانت تشعر بذلك هي فتتبسم في (غنج) لا يتناسب وعمرها مستعينةً في ذلك بـ(غمازتين) ورثتهما عن أمها ..
*ويستعين – بدوره – مبارك (الشقي) بمقطع أغنية لأحمد المصطفى فيصيح (غامزاً) بصوته الأجش (نوناتو الفي وجناتو) ..
*وما أن تختفيا – البنت وأمها – داخل أحد بيوت الحي حتى نبدأ نحن في التسلي بلعبة (الحسونية) تحلقاً حول حسن المسكين ..
*أو ربما كنا نحن المساكين وهو السعيد ..
*وفي ليلة من ليالي رمضان تلك تبدل مشهدنا الأُنسي ذاك تبدلاً دراماتيكياً..
*فقد ظهر في حياتنا (التيس!) …
*ونسميه هنا تيساً من باب المجاز اللغوي بما إن التيوس التي نعرفها هي – قياساً إليه – أشبه بحسناء زميلنا حسن مقارنةً بـ(عيسى الغُراب) بائع الفحم..
*كان تيساً عجيباً ، غريباً ، ضخماً ، ذا عينين (مشعتين) ..
*عينان أكاد أجد توصيفاً لهما في مقطع قصيدة قال برتراند رسل أنه أوشك أن يهوي من أعلى سلم – بكمبردج- حين سمع زميلاً يترنم بها ..
*مقطع يقول فيه الشاعر – وأظنه وليم بليك – (أيُهذا النمر يا زاهي البريق) ..
*ثم ما كان يحدث من تلقاء التيس هذا تجاهنا هو أشد غرابةً من مظهره ..
*كان يهجم علينا – بضراوة – حتى يُدخل كلاً منا إلى داره ..
*فإذا ما فرغ من مهمته هذه لا نجد له أثراً حين ننظر من خلف الأبواب المواربة..
*كان يفرض نفسه علينا بـ(القوة) ليحرمنا من متعة اللعب..
*ولكن أين كانت (قوتنا) نحن إن تكاتفنا آنذاك ؟!..
*سؤال (منطقي) لم يعد له معنى الآن !!!