مقالات متنوعة

فيصل محمد صالح : الأطفال والإعلانات


تظهر الأم مع أطفالها وهم يغنون ويرقصون لمشروب ما….تفتح الأم زجاجة المشروب، تشرب نصفها، ثم تمدها لطفلتها لتواصل الشرب من نفس الزجاجة. هذا جزء من إعلان تليفزيوني رائج هذه الأيام، أعدته جهة ما، تم تكليفها بالأمر، تعتقد أن كل واجبها إظهار المشروب كمنتج مرغوب فيه، ولا يهم بأي طريقة. لهذا لم تهتم بمراجعة إعلانها لترى أنها تقدم رسالة صحية خاطئة بأن تشرب الأم والطفلة من نفس الزجاجة.
في إعلان سابق لفت نظر كثيراً من المشاهدين، يفتح الابن خزينة والده ليسرق الذهب الموجود فيها، فيأتي الأب من الخلف ليقول له: إن في الخزينة ما هو أغلى من الذهب، ويخرج أحد أنواع الشاي، ويجلسان في الحديقة ليشربان الشاي، وهما يضحكان..! يظن المعلن أنه روج للشاي، لكنه تعامل مع محاولة الابن سرقة ذهب والده، وكأنها حدث عادي لا يجب التوقف عنده.
إعلان آخر في وسائل الاتصال الاجتماعي؛ يفترض أنه يظهر للمرأة محاسن الحجاب، يظهر فيه الأب يضرب طفله بالحزام.
هذه نماذج لرسائل إعلانية خاطئة، أو فلنقل إنها تستهدف الترويج لسلعة ما، لكنها في سبيل ذلك داست على قيم وأخلاقيات وتضمنت رسائل سلوكية خاطئة. التغاضي عن جريمة السرقة أو الترويج لسلوك صحي خاطئ ليس أمراً بسيطاً يجب التساهل معه، وإنما هو أمر خطير يستحق التوقف عنده.
في بعض الرسائل الإعلانية يتم الترويج لمنتجات يمكن أن تكون ضارة بالصحة ، مع استمرار تناولها، خاصة للأطفال، مثل الأغذية سريعة التحضير، وذات المواد الدهنية العالية أو الأملاح، والمنكهة بمواد صناعية. كما أن هناك إعلانات تقدم معلومات غير صحيحة عن المنتج الذي تروج له، فتدعي فيه صفات أو مكونات غير موجودة، أو تقول إنه سيحقق نتائج معينة دون وجود أدلة وإثباتات علمية على ذلك. ويمكن متابعة الإعلانات الخاصة بمستحضرات التجميل والكريمات وأدوية الأعشاب كنماذج لهذا النوعية من الإعلانات المضللة.
بعض من هذا الكلام كان مثار نقاش في خيمة الصحفيين الرمضانية مساء الأربعاء؛ حيث نوقش موضوع الأطفال والإعلانات من جوانب عديدة، إعلامية ونفسية ومهنية. ومن المدهش أن هذه كانت فرصة لنعرف أن الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس لديها مواصفة خاصة بالإعلان، ولديها ضوابط ولوائح منظمة للإعلان التجاري. لكن المشكلة، في ما يبدو في كيفية إنزال هذه اللوائح والمواصفات إلى أرض الواقع وتطبيقها وإلزام المعلنين بالتقيد بها.
ولأن القوانين وحدها لا تكفي فمن المفترض أن يبادر الإعلاميون والمؤسسات الإعلامية والإعلانية لتنظيم أنفسهم عبر وسائل الضبط الذاتي والمبادرة بصياغة مرشد أو دليل أو ميثاق شرف ينظم مسألة الإعلانات، وبالذات فيما يتعلق بالأطفال. ويجب أن يشمل هذا الأمر المنتجات الخاصة بالأطفال وكيفية الترويج لها، ومسألة إشراك الأطفال في الإعلانات وكيف نضمن أن استخدامهم لا يتضمن في أي جزئية استغلالاً لهم أو استخدامهم كوسيلة للتأثير سلباً على الأطفال الآخرين.