عثمان ميرغني

اللعب في الوقت بدل الضائع!!


بات واضحاً أن غالبية أحزاب المعارضة في طريقهم للتوقيع على(خارطة الطريق) الأفريقية التي يرعاها السيد ثامبو امبيكي.. و تقود في آخر المطاف لتصب في بحيرة (الحوار الوطني الشامل).. الحوار الذي يشهد خلاصته في أغسطس القادم.. حيث اجتماع الجمعية العمومية.. وتلوح في الأفق عودة وشيكة للسيد الصادق المهدي إلى(وطن القماري).. بعد أن أكد علناً أن حيثيات بقائه في الخارج انتهت.. ويبقى معلقاً في الهواء موقف الحركات المسلحة.. التي لا يزال بعضها يتحسس طريقه بتردد كبير.. وبينما يقترب بعضها إلى الدخول في حلبة الحوار الوطني بعد التوقيع – أيضاً- على خارطة الطريق الأفريقية. بهذا المشهد يبدو المشهد السياسي أقرب لما يتمناه حزب المؤتمر الوطني.. فوصول كل اللاعبين المهمين إلى قاعة الحوار الوطني يجعل أطروحة المؤتمر الوطني التي راهن عليها أكثر من عامين هي الورقة الوحيدة المتاحة للعملية السياسية.. ومثل هذا الوضع قد يسوق المؤتمر الوطني في الطريق الصحيح لإنقاذ البلاد من أوجاع الأزمة السياسية.. أو يقوده إلى مزيد من الإحساس بالنصر والتعالي، وتجافي فرص تحقيق الوفاق الوطني.. فيطيح بيده كل ما بناه خلال العامين وأكثر.. من مصلحة المؤتمر الوطني – قبل الوطن- أن يدرك أنه فشل في إدارة العملية السياسية في البلاد فأورثها كل هذا الوضع المتفاقم الأليم.. وأنه في حاجة للآخر لا ليركب معه في السفينة؛ بل ليقود معه دفتها.. فإذا أصر المؤتمر الوطني على تكرار سيرته القديمة.. فيتجاهل كل الأخطاء ويعيد استنساخها بمحاولة اقتسام الكيكة بأقل ما تيسر مع الآخرين فستكون النتيجة النهائية أشبه بما وصلت إليه كل اتفاقاته السابقة مع مختلف القوى السياسية.. الانهيار ثم الفشل.. إذا نجحت المعارضة السودانية في الوصول إلى قرار بإنهاء الحرب بلا قيد أو شرط.. فإن الخاسر الأول من ذلك – سياسياً- هو حزب المؤتمر الوطني؛ لأنه يفقد – دفعة واحدة – كل الشعارات و(الفزاعات) التي ظل يستخدمها على الدوام.. ومن حسن الحظ أن المجتمع الدولي كله بات ينفخ في أشرعة السلام والتسوية السياسية العاجلة.. ولم يعد يصبر على مآسي الحرب والصراع السياسي الدامي لأكثر من هذا.. وهي فرصة نادرة يمكن أن تسمح بتطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي والتخلص من قيود العزلة والحصار الاقتصادي الذي أصبح كالطوق الضيق حول عنق السودان.. ما تبقى من أيام رمضان ستكشف؛ هل نقترب من الحل السياسي الشامل.. أم هو (سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء..).