مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : مزارعون وهميون!


الحديث الذي يثار عن عافية الاقتصاد السوداني، حديث سياسي ومخادع يكذبه الواقع ويبصق على وجهه ازدراءً..

الخطاب السياسي الإعلامي الذي يزعم أن الاقتصاد السوداني معافى، خطاب أجوف يخدع ولا يطمئن، ويضر ولا ينفع..

بعد ذهاب نفط الجنوب كان الأمل الوحيد ينعقد على الزراعة.. كيف؟ بتطويرها وتحديثها وإدخال التقنية الحديثة وتكنولوجيا الزراعة، وتحسين الانتاج وتذليل عقبات التمويل والتسويق وفتح أسواق عالمية للصادرات الزراعية، وتشجيع الإنتاج الزراعي وإدخال محاصيل جديدة للتصدير.

لكن هذا الأمل الوحيد تبخر أيضاً في الهواء وفشلت كل الخطط الموضوعة لتطوير الزراعة في السودان، لكن من الذي أفشل الخطط وأعاق التطور والنهضة الزراعية المأمولة؟.

الحكومة وحدها لا تتحمل الفشل فالفشل في تقديري مشترك يتحمل المنتج قسطاً كبيراً منه، فالأخطاء أخطاء بشرية تتعلق بسلوك البشر وممارساتهم وهذا السلوك هو الذي دمر الزراعة، ولن تقوم لها قائمة إذا استمر هذا السلوك البشري السيء .

ومن الأمثلة التي رصدتها بعد تمحيص وتدقيق، بدا لي أن بعض الناس الذين ليست لهم علاقة بالزراعة ولا يمتلكون أراضٍ زراعية يحصلون على التمويل بالعلاقات مع الموظفين، بينما يحرم جراء ذلك العبث مزارعون حقيقيون من أصحاب الأراضي الواسعة والخبرات المتراكمة والتأهيل والحق المستحق، بالعلاقات يأتي أحدهم بشهادة أرض من إدارات الزراعة للبنك ويمنح التمويل وليست له أرض زراعية إلا في الورقة التي يحملها.. وهذه مسؤولية وزارة الزراعة والبنك.

أما فيما يتعلق بالمزارع فبدا لي أيضاً أن بعض المزارعين يدخلون على البنك بنية “النهب” على غرار “أضرب وأهرب”، هذا الصنف من المزارعين يعرفون أن أموال الحكومة سائبة ولابد من “توضيبها” كما يفعل الآخرون الذين تجود بهم تقارير المراجع العام، فيحصلون على التمويل بنية التهرب من البنك لا بنية السداد، وستجد بعضهم في كل ولايات السودان ينتجون كماً هائلاً من المحاصيل ثم “يمكرون” عندما يحين أجل السداد، ويختفون عن أعين الناس لأنهم في الأساس ليس لديهم أدنى استعداد لتسديد مديونية البنك، ثم يأتي بعد ذلك دور الجودية والعلاقات في اختلاق الأعذار والتبريرات لتجميد المديونية والحصول على تمويل الموسم الجديد بذات نية المكر حتى تراكمت الديون على المزارعين وانعدم التعاون بين إدارة البنك والمزارع من ناحية وبين الأخير ووزارة الزراعة من الناحية الأخرى.

وهكذا تضيع الآمال في تطوير الزراعة وتحديثها وتشجيع المنتح وتصبح العلاقة بين الحكومة والمنتج علاقة معتلة وعدائية اشبه بعلاقات الحرب والاستعداء، فكيف بالله عليكم أن تنهض الزراعة وهذا هو الحال، فبسبب الفوضى في منح التمويل لمن لا يستحقونه وحرمان المنتج الحقيقي ضاع الهدف الأسمى وأصبحت الحكاية “جايطة” تسير بلا هدف إستراتيجي تتحكم الفوضى والأهواء والأمزجة في تسيير دفتها وهذه الأوضاع هي التي أتت بمزارعين وهميين تخصصوا في نهب البنوك باسم التمويل الزراعي بينما يحرم المزارع الحقيقي.. اللهم هذا قسمي فيما أملك.

نبضة أخيرة :

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.