منوعات

ماذا قال أفضل معلِّم للقرآن الكريم في العالم عن معلمي اليوم؟!


يتحدثون عنه بإجلال كبير.. شيخ فاق الثمانين من عمره، لكنه ما زال يقوم بمهمته، وكأنه أول يوم. يقول لـ”سبق”: “لو تركت هذه المهنة قد أموت. نعم، أحيانًا من المهم استخدام التأديب البدني بشكل غير مؤذٍ في التعليم. لن أتقاعد إلا عندما يقولون لم يعد هناك مجال لك”.
في مدينة تيتوفا في جمهورية مقدونيا، وهي المدينة التي يوجد بها أكبر نسبة من السكان المسلمين، صحبنا دليلنا إلى من وصفوه بأفضل معلِّم للقرآن الكريم في العالم.
لم تكن هناك مبالغة في الحقيقة في الوصف؛ فهو يملك وثيقة من جائزة عالمية تؤكد ذلك، كما أن الجلوس إليه يعطي إحساسًا قويًّا بذلك.
الشيخ المحافظ – كما يصفونه أيضًا – محمود أصلاني يمارس التعليم بطريقة الشيخ والتلاميذ وما يشبه تعليم الكتاتيب. ببساطة متناهية، وعلى يساره يجلس شاب بهي الطلعة، هو ابنه؛ ليقوم ببعض الأعمال التي يطلبها والده الذي لا يجيد العربية، لكنه يقوم بتعليم القرآن الكريم بإتقان كبير.
عن مسيرته يقول لـ”سبق”: “وُلدت عام 1932م في قرية جيفليك التابعة لبلدية مدينة تيتوفا (مقدونيا – جمهورية سابقة ليوغوسلافيا)، وتلقيت الدروس الدينية الأولية من إمام مسجد القرية، ثم واصلت تعلم القرآن الكريم والصرف والنحو خفية في قرية أخرى، التي تبعد عن قريتي أربع ساعات ذهابًا وإيابًا؛ إذ كنت أذهب إليها مشيًا على الأقدام صيفًا وشتاء، وذلك كل يوم لمدة ثلاث سنوات متتالية”.
ويضيف: “بعد أداء خدمة الجيش، وذلك عام 1954، عُيِّنت إمامًا في إحدى القرى، وكنت أعلِّم الأطفال سرًّا؛ إذ كان من الممنوع تعليم الدين. بعدها بسنوات حصلت على إجازة الأئمة”.
وعن بعض مهام عمله وطريقته يقول: “في عام 1967 انتقلت إلى هذه المدينة (تيتوفا)؛ إذ عُيِّنت فيها مدرسًا في مكتب (موضع التعليم) التابع لجامع باشا، وأقوم بتعليم الأطفال والكبار مبادئ الإسلام وقراءة القرآن الكريم. وأبدأ دوامي من بعد صلاة الفجر إلى بعد صلاة المغرب، وذلك إلى يومنا هذا، والحمد لله”.
ويفخر الشيخ “الأصلاني” بكل من تخرج من حفَّاظ القرآن الكريم، ويصل عددهم إلى أكثر من 300 ممن حفظوا أقل من 30 جزءًا. أما من أتم كامل المصحف فهم 180 حافظًا وحافظة.
ومن اللحظات المهمة في تاريخ الشيخ حينما فاز بجائزة أفضل معلِّم في العالم للقرآن الكريم عام 2012 ضمن الجائزة العالمية الخامسة لخدمة القرآن الكريم في حفل كبير أقامته الهيئة العالمية لتعليم القرآن الكريم في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وذلك تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – تغمده الله برحمته -، وكُرّمت خلاله نخبة من أنجح النماذج في خدمة كتاب الله على الصعيد الأكاديمي والتربوي والخيري على مستوى العالم الإسلامي.
وحول التعليم أمس واليوم يرى الشيخ أن هناك عددًا ليس بالقليل من معلمي اليوم “يفتقرون للانضباط والجدية والإيمان برسالتهم واحتساب العمل لوجه الله تعالى”. ويرى أن “استخدام العقاب البدني في التعليم قد يكون ضروريًّا أحيانًا، وفي أعمار معينة، وبطريقة غير مؤذية ولا مهينة”.
وعن نفسه يقول إن أسوأ شيء يمكن أن يلحق به في حياته هو أن يُحرم من مواصلة تعليم القرآن الكريم لطلابه. وكان من أسوأ ما مر عليه عندما مرض فترة طويلة؛ ولم يتمكن من مواصلة تعليم طلابه.
وما زال يرى أن طريقة التعليم أفضل بطريقته التي يمارسها؛ إذ يصطف طلابه حوله. ويرى أن التقنية الحديثة أيضًا مهمة، لكنه لن يستخدمها.
ومع أنه جاوز الثمانين من عمره ما زال يواصل عمله هذا بنشاط كبير، وهمه الأكبر هو ألا ينقطع هذا العمل الشريف في بلد غريب عن الإسلام كمقدونيا، وأن يرى بعينيه تحقيق إقامة مركز لتحفيظ القرآن الكريم.

سبق