تحقيقات وتقارير

مريخابي ورجل بزنس يمارس السياسة .. مبارك الفاضل أسرار الحياة وتفاصيل النشأة في الخرطوم شرق على غير عادات آل المهدي الأمدرمانيين.. حكايات الأولين وونسات الراهنين


عندما تذهب هناك هل تجد الهناك؟ يتساءل الشاعر عثمان بشرى ونحمل تساؤله ونحن نذهب إلى خيمة الصحافيين ننتظر مبارك الفاضل المهدي ابن الأسرة التي ترضع (السياسة) من المهد وتحملها معها إلى اللحد.. وكمن يمارسون الهروب من وقائع تصنع مأساة بلادنا يكتب أهل الخيمة وعلى منصة الاستضافة وقريباً من أسماء الشركات التي ترعي الموسم هذه المرة (ونسات سياسية وبعيداً عن السياسة) وعلى غير عادته يستظل رئيس مجلس إدارة صحيفة المجهر السياسي الهندي عز الدين بالخيمة وكأنه يثبت فرضية الشعار في شهر الخير موسم 2016 غير.

في البهو
يدخل الفاضل فندق ريجنسي (المريديان سابقاً)، المبنى الذي يفصل شارع القصر بينه وبين حي الخرطوم شرق حيث ترعرع مبارك بحسب حكاياته طوال ساعتين حاول فيها محاروه جاهداً أن يخرج بها بعيداً عن السياسة، لكن جهوده تلك لم تثمر في الحيلولة دون الانزلاق فيها.
عموماً هو مبارك الفاضل وخيمة الصحافيين وبعض الحكايات التي تذهب سيرتها الباكرة إلى العام 1950 حيث ولد مبارك الفاضل عبدالله المهدي في الخرطوم مفارقًا لعادة آل المهدي الذين يميلون إلى أم درمان بقعة جدهم. ويعزو مبارك نشأته الخرطومية إلى انه ابن الزوجة الثانية حيث كانت أسرتها تميل للسكن في الخرطوم، الفاضل يحكي عن ارتباطاته بالخرطوم شرق ليس في الميلاد فحسب بل حتى في الدراسة بمدرسة (كمبوني) التي كانت تمثل الجانب الحديث لتلقي التعليم في تلك الفترة، وكانت (رخيصة) بحسب تعبيره، كما أنه لم تكن هناك حساسية بين أهلهم والقساوسة حيث كانت تسود بينهم علاقات صداقة.

مريخابي خفتت حماسته
يكمل الفاضل بأنه كان يمارس كرة القدم في وقت باكر ولا ينسى أن يشير لمجموع علاقاته في تلك الفترة حيث يقول إنه زامل الفاتح عروة وكانوا يمارسون كرة القدم داخل القيادة العامة يضيف ضاحكاً: “في الميدان القريب من منزل الرئيس البشير الآن” حيث لم يكن أحد يمنعهم من ذلك أو ربما كان ذلك قبل الدخول إلى مرحلة (منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب أو التصوير).

سياسي من نعومة أظافره في حكاياته يقول الفاضل بأنه كان مريخابيا يقف في صف دار الرياضة منذ منتصف النهار من أجل دخول دار الرياضة ولكن حماسته للمريخ الآن خفتت فلم تعد الكرة السودانية مثلما كانت في السابق، لم يقل الفاضل إنها لم تعد تقوم على ميثاق اللعب النظيف ولكنه لم يستطع أن يتجاوز فرضية أنه سياسي ودخل ليحكي متى بدات معه لعبة السياسة، يقول إنه بدا مهتماً بما يدور حوله منذ المرحلة الوسطى حيث بدأ الاهتمام بما يدور في الساحة السياسية من خلال تتبعه لأخبار الصحف التي كان يتحصل عليها من مكتبة كلوزيوم.. قال الفاضل إنه في تلك الفترة كان مفتوناً بمحمد أحمد المحجوب والشريف حسين الهندي لكن المفتون بالشريف حسين سرعان ما صار معه في العمل السياسي الكتف بالكتف.. الفاضل دخل إلى براحات العمل السياسي بـ(السر) وذلك في أعقاب انقلاب مايو الذي نعته الرجل بانقلاب الشيوعيين ومقاومته من قبل الجبهة الوطنية في تلك الفترة وهي الفترة التي ارتبطت بانتقاله لمواصلة دراسته في لبنان.. يقول الفاضل إنه في تلك الفترة أصبح ناقل الرسائل بين مكونات الجبهة الوطنية والإمام الهادي في الجزيرة أبا مستفيداً من حداثة سنه وعدم دخوله في دائرة شك الأمن المايوي. في هذه الفترة قال مبارك إنه قام بإيصال رسائل الإمام الهادي للسيد الصادق المهدي في بورتسودان وقال إن المهدي لم يكن يعرف له أنشطة سياسية وإنما يدري بصلة القرابة وكان يزورهم في ام درمان . 76
لواري معطوبة واتهامات وموت حركة

قال الفاضل إنه بعد وصوله إلى لندن واجتماعات الجبهة الوطنية تم تكليفه بالتنسيق للانقضاض على نظام مايو في الخرطوم وقال إن اتهامه بأنه كان السبب في فشل الحركة مجرد مزايدات سياسية خصوصاً في ما يتعلق بالحصول على العربات المستخدمة في إنجاح العملية قال الفاضل إنه كان مسؤولاً عن 800 من الرجال الذين كان عليهم واجب تنفيذ العملية وكانوا يقيمون في أم درمان وعليه التنسيق مع شباب الحركة الإسلامية المشاركين في العملية كما انه استضاف محمد نور سعد قائد الانقلاب في منزله حيث أدار عملية التنسيق لإنجاز العملية التي اعترضتها مجموعة من المعوقات لعل على رأسها تاخر وصول نميري الذي ظل غائباً عن البلاد لمدة شهرين والذي تزامن وصوله إلى البلاد مع لحظة الصفر وبحسب الفاضل فإنه عندما تم اخبار الأخير بوجود انقلاب انسحب من المطار واختبأ في أحد المنازل بالخرطوم..

يجزم الفاضل بعدم مسؤوليته عن فشل الحركة في إنجاز تحول في البلاد ساعتئذٍ لكن الرجل يأتي بممبررات فشل تبدو على درجة كبيرة من الضعف فمثلاً يقول إن طائرة نميري وصلت قبل التوقيت المحدد لها بسبب الرياح التي دفعتها و(كأنه كان يركب طيارة مصنوعة من الورق) بحسب الهمهات خلف الخيمة، أو فشلهم في الوصول إلى مهندس يقوم بتشغيل الإذاعة وإذاعة بيانهم، علق البعض بأن هذا التنسيق لم يكن ليقلب لجنة حي فما بالك بنظام حكم؟ الرجل الذي لا تطاله يد الأمن المفارقة أنه وبعد هزيمة حركة يوليو قتل من قتل وجرح من جرح واعتقل البعض.. وحده المنسق خرج من الخرطوم سالماً.. يحكي الرجل عن ذلك بقوله إنه يمتلك حاسة أمنية تمكنه من المغادرة قبل وقوع الفاس في الرأس وعقب الفشل كان مبارك قد عاد إلى منزله وسأله أحد إخوته قائلاً (في زول شافك؟) فما كان منه إلا أن رد عليه ياخ سيبك من شافني هسه جهز حاجاتك وارح.

بدا الرجل وكأنه يحفظ طريق الشرق المؤدي إلى إثيوبيا عن ظهر قلب، بدا وكأن شارع المغادرة الذي يستقله الرجل حين كل انقلاب ما حدث في أعقاب أحداث 1976 حدث عقب انقلاب الإنقاذ الأجهزة الأمنية استطاعت أن تضع يدها على معظم القيادات إلا مبارك الذي بدا مزهواً بأنه عذبهم لأربعة عشر يوماً من البحث المتواصل عنه، قائلاً إنه طوال تلك الفترة لم يغادر العاصمة ولم يستطيعوا الوصول إليه. يُرجع الفاضل في عدم توقيفه إلى السيدة الفضلى سمية هباني ويقول: “بعد عودتها من مناسبة وجدت الانقلابيين في المنزل واتصلت بي لتخبرني بالانقلاب فتأخرت في العودة واتصلت من منصبي كوزير داخلية بمدير الشرطة واكتشفت أنه جزء من الإنقلاب قبل أن يتم الاستغناء عنه بعد وقت وجيز من إنجازه”.. ربما بقيت الظاهرة المثيرة للجدل أن الفاضل يبقى بعيداً عن مرمى الأجهزة الأمنية رغم تأثيره السياسي البالغ.

الوزير متعدد الأغراض
في فترة الديمقراطية الثالثة تقلب المهدي بين الوزارات ربما كان آخرها منصب وزير الداخلية وقبلها كان في الخارجية إلا أن حكاية يسردها باعتباره وزير الطاقة في تلك الفترة.. فترة الفيضانات وذلك عقب عودته من إنجاز أحد التكاليف الخارجية اتصل به رئيس الوزراء الإمام الصادق المهدي لاستلام وزارة الطاقة ورفضها بادئ الأمر قبل أن يوافق تقديراً لأوضاع البلاد ساعتئذٍ خصوصاً في ظل يقين أوروبي بأن السودان على بعد خطوات من الطاعون وذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المدينة التي كادت الحياة تتوقف فيها تماماً.. الفاضل استلم الوزارة ليدخل في امتحان جديد مع منسوبيها قائلاً بأنه كان من المعتاد ألا تجد أي موظف في الوردية الثالثة وحين تسأل عن العطل يخبرونك عن انقطاع سلك تحت كوبري شمبات يقول بأنه كان أصعب تكليف وزاري يقوم به خصوصاً عقب بروز إشكالية في توفر الوقود والمواد البترولية وحين أخبر رئيس الوزراء طالبه بالاتصال بالسعودية أو ليبيا ليجيء رده: (خلي يتصل بيهم احمد الميرغني).

التاجر العابر للحدود
يقول الفاضل بأنه منحدر من أسرة تعمل في التجارة والزراعة.. نعم هناك تراجع في هذا الجانب بعد انهيار دائرة المهدي عبر المصادرات وعبر انشغال الجيل الثاني باهتمامات أخرى، يكمل مبارك بأنه لا يملك أي نشاط تجاري الآن داخل السودان ويعود ذلك بشكل رئيس لأن كل عمل مدعاة للمصادرة من قبل السلطة وأنه حاول سابقاً الاستثمار في قطاع النقل دون أن يحقق نجاحا.. الفاضل يملك أنشطة تجارية في دولة جنوب السودان توقفت بسبب الحرب وله أنشطة اقتصادية في دولة يوغندا.. الفاضل يصر على ضرورة وجود عمل استثماري خاص يمكنه من تحقيق تطلعاته فهو لا يسعى لأن يكون ثرياً بحسب قوله

مبارك الأمريكي
يقول مبارك الفاضل رداً على الاتهام الموجه له بأنه يسعى لخدمة المصالح الأمريكية باستعادة شريط اللقاء الأول بينه والأمريكان.. مبارك يقول: الإمام الصادق المهدي هو من وصف لي الطريق في فترة الديمقراطية الثالثة وذلك أثناء بحث الأمريكان عن شخص يفاوضونه بصورة غير رسمية المهدي كلفني بهذا الجانب بل إنه حين يريد الزوغان من لقاءاتهم يبعث بهم إليّ من هنا بدأت معرفتي بالأمريكان وبعدها استمرت في فترة المعارضة حين انفتحت أمامنا مجموعة من أبواب صنع القرار الأمريكي في الكونغرس ووزارة الخارجية.. يضيف مبارك: سوزان رايس بتعرفني شخصياً.. وقد بدا المهدي سعيداً بعلاقته المنفتحة مع الأمريكان حين قوله (ياخ أمريكا دي أم الدنيا وهي القوة المسيطرة اقتصاديا وسياسياً وعسكرياً الانفتاح عليها يعني أن تفتح أبواب الخير أمام شعبك.. الفاضل لا يغادر محطة أمريكا دون أن يضع الحقيقة على بلاط مشيراً لما يحدث في السودان الآن وكاشفاً عن امتلاكه معلومات تقول بأن ثمة تفاهمات بين الحكومة الأمريكية والحكومة السودانية مفادها أن سيتم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية في حال تم التوقيع على اتفاق سلام وهو ما بدا قريباً بحسب مبارك الذي قال إن المجموعات الأربع المجتمعة حالياً تفعل ذلك بناء على الرغبة الأمريكية في صناعة تسوية في السودان.

الخرطوم ـ الزين عثمان
صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. وأنا أقول (الخرمجة ) كلها من وين ؟ أتاريك مريخابي وكمان حماستو منخفضة !!!