رأي ومقالات

ديل أهلي


ما ان تخطو خارج العاصمة حتى تكتشف ان كل الريف والاقاليم السودانية تعيش زمنا اضافيا بعد انتهاء مدة الصلاحية …كل شئ انتهى عمره الافتراضي وبالرغم من ذلك يجتهد الانسان السوداني و(يعافر) ليجعله يؤدى مهاما تخرج منه بشق الأنفس…..ولكي أوضح نفسي اكثر فأنا أقول هذا على سبيل المدح والاعجاب بعبقرية أعتقد انني لم انتبه اليها من قبل
…أفضل مثال هو المركبات التي تعمل في السودان وأستعمل لفظ المركبات وذلك لأعتقادي جازمة ان ما رايته متحركا لا ينتمي الى ما يسمى العربات والسيارات…ومرة اخرى اقول هذا على سبيل المدح ….مثلا رايت في دنقلا تاكسي لونه اصفر أعتقد انه (هنتر) ومكتوب عليه تاكسي الخرطوم …يدخن بشراهة ويسير متؤكئا على أربع ولكنه يسير ويعمل في امان الله…
.في وادي حلفا امتطيت ما يطلق عليه اصطلاحا لفظ (بوكس)…ولكني كنت طوال الوقت واضعة يدي (على قلبي) خوفا من ان يطير الباب الذي شدد علي السائق أن أتمسك به طوال الوقت…اكاد اجزم ان هذا البوكس قد امتطاه الملك خفرع وأورثه منقرع…
.ثم رايت ونحن نمر امام قرى المحس شيئا يسير وليس هو بشجر الزرقاء…فقد رأيت والعهدة على عيني رغم اني لم اكن ارتدي النظارة ….رأيت خير اللهم اجعله خير (لوري) ولكنه ليس بلوري…فجسمه يوحى بانتمائه الى فصيلة اللواري ولكن مقدمته غريبة تماما وغير متناسقة معه…تراه وهو متحرك فتشعر انه سينسى بقيته ويسير كل واحد منهما في اتجاه….أول ما رأيته أتى تعبير (كايمرا ) في ذهني ويعني الوحش باللاتينية.. وهو تعبير نطلقه على الحمض النووي المعدل .. عندما تضيف جينات خارجية لحمض نووي أخر بقصد كسب صفات محسنة … كنت انظر للشئ المتحرك باعجاب شديد عندما سالت اخي عن كنهه فقال لي (لوري بمقدمة كومر)… شفتوا الجمال دا؟…
لا أعتقد ان بني الأصفر من يابان وصين وكذلك بني الاحمر من ألمان وامريكان يملكون هذه العبقرية …عبقرية (يخلق من المنتهي الصلاحية شيئا يؤدي المهام ويريح البال)….نحن شعب صبور وجننا الصبر ذاتو ….كل هذه المركبات المتحركة لو علمت بها شركاتها المصنعة لاضافتها لموسوعة جينيس ….أعتقد ان الشئ الوحيد الذي لازال به عرق ينبض وصالح للاستخدام هو انسان تلك الأرض الذي يصر على البقاء رغم كل الظروف التي تعانده….ذلك الانسان الذي رايته يساهر الليل انتظارا لقطرة ماء تنزل من (الماسورة) وهو بالقرب من اطول انهار العالم ..فتامل!!…ذلك الانسان الذي يحترق النخل امامه بالمئات ولا يجد عربات اطفاء فيحاول بقدر الامكان حصار الحرائق ثم تجده في اليوم التالي يزرع نخلة اخرى….التحية لابناء وطني أؤلئك الذين يصنعون من (الفسيخ شربات)…أؤلئك الذين يرفضون الموت ويتشبثون بالحياة …ويا وادي حلفا (باكر بجيك قاطع مسافات العشم)

د. ناهد قرناص


‫2 تعليقات

  1. أهل السرور

    وفاتك أن تذكري ما يفعله البعض من ناس هذا الشمال الشامخ

    فبعضهم عندما يتقاعد يصوب نحو البلد ، رغم معارضات الأبناء ويبرر ذلك بقوله : داير اندفن جنب أهلي !!

    نقطة نظـــــــــــــــــــــــــــــــام :

    مقال يحمل كما من خفة الدم لدرجة تخيلته سيطير من بين يدي وأنا اقرأ .

    التحية د. ناهد

  2. دنقلا لايوجد بها تكاسى بلون أصفر بل أخضر،، وهذا يدل على أن المقال من نسج الخيال. لك التحية