سياسية

أزمة أخلاق لا مخالفات أدوية


حظر بنك السودان (34) شركة تعمل في مجال الأدوية من التعامل المصرفي لمخالفتها المنشور الخاص باستخدام نسبة (10%) من عائد الصادرات غير البترولية والمعدنية المخصصة لاستيراد الأدوية.

منشور البنك المركزي الممهور قال إن الحظر على الشركات يشمل التعامل المصرفي مع كافة البنوك والمؤسسات المالية (حظرا كليا) وذلك بعدما رصد مخالفات للشركات باستغلالها النسبة المخصصة لها من النقد الأجنبي في أغراض أخرى غير استيراد الدواء.

الفوضى التي يشهدها سوق الأدوية في البلاد ليست جديدة وكذلك المخالفات التي حددها بنك السودان فقد اتهمت وزارة المالية في عهد الوزير السابق علي محمود، شركات وقتها لم يُسمها باستلام عُملات حُرة بسعر رسمي لاستيراد أدوية لكنها وظفتها في استيراد سلع أخرى تدر عليها عائدات أكبر. وشكلت الحكومة قبل أربع سنوات لجنة التحقيق في أمر الشركات المخالفة، ويبدو أن تلك اللجنة لم تفعل شيئا أو رفعت نتائج تحقيقها ودخل في غياهب الجب، وذهبت العُملة الأجنبية لجيوب المحظوظين وأصدقائهم من أصحاب القرار الذين صمتوا عن المخالفات، صمت أصحاب القبور.

المخالفات التي تحدث عنها البنك المركزي لا اعتقد أن مسؤوليتها تقع على الشركات المخالفة، بل البنوك التجارية التي ليس لديها وسائل للتحقق من استخدام النقد الأجنبي المخصص للأدوية، وكذا مجلس الأدوية التي تمر عبره وثائق استيراد الدواء، وأيضا البنك المركزي،.. إذن الجرم مشترك، والمسؤولية الأكبر على الشركات المخالفة التي غاب عنها الوازع الأخلاقي. والسؤال الذي يفرض نفسه.. لماذا ظل بنك السودان يتساهل في أموال المواطنين تجاه هذه الشركات التي ظلت تخالف قرار تخصيص النقد الأجنبي منذ سنوات وليس خلال الشهور الماضية، فهذه الشركات الشقية التي وقعت في القيد وأخرى لا تزال تخالف، تتلقى الدولار بالسعر الرسمي وتستورد بمعظمه مستحضرات تجميل وغيرها وجزء يسير للدواء.

خبراء وأرباب شركات أدوية من ذوي الضمير الحي يعتقدون أن أكثر من 70% من النقد الأجنبي المخصص للدواء بالسعر الرسمي يذهب لغير أغراضه، والسبب غياب الرقابة والأرباح المغرية لمستحضرات التجميل وما دخل في تصنيفها.

قرار بنك السودان جاء متأخرا في حسم المتلاعبين بالدواء الذي يشهد سوق فوضى ومخالفات وتجاوزات لا حصر لها، وضارب الدف هو مجلس الأدوية الحاضر الغائب، الذي لا يستطيع الوقوف أمام “كارتيلات” الدواء.

ينبغي أن يصدر بنك السودان لائحة سوداء بشركات الأدوية المتلاعبة بأموال الدولة المخصصة للدواء وتشديد الرقابة على شركات أرى لا تزال ترتكب في المخالفات بتواطؤ جهات رسمية معها.، والمطلوب استعادة النقد الأجنبي الذي جيرته الشركات لغير الغرض الذي خصص من أجله وليس حظر التعامل المصرفي معها، وكذلك محاكمة أصحابها.

صحيفة الصيحة