مقالات متنوعة

محمد المعتصم حاكم. : الإهمال الزراعي الصادم


كانت دائما هناك تراكمات للأخطاء التي أدت إلى التردي الاقتصادي الذي نعيشه اليوم ، وذلك لسوء التخطيط وغياب الرؤية الكلية في صناعة المشاريع المستقبلية وإهمال الزراعة والإنتاج الحيواني ، حيث ظللنا لسنوات طويلة نتغنى بأننا سلة غذاء العالم لما نملكه من مقومات للزراعة لا مثيل لها في كل دول العالم: من حيث الأراضي الشاسعة والمياه المتدفقة من الأنهار والأمطار بصورة جعلتنا أهلا لذلك الوصف الرومانسي بأننا سلة غذاء العالم ، ولم نتفهم تلك الصفة بصورة جيدة كانت تتطلب المزيد من الاهتمام والتطوير لتلك الزراعة ، حيث منّ علينا الله بمشروع الجزيرة ..الصناعة الانجليزية (100%) والذي كان بجانب بعض المشاريع في القضارف والنيل الازرق وكردفان تكفي جميعها لحاجتنا في الغذاء ولم نبخل على دول الجوار بتصدير منتجاتنا الزراعية وأيضا الحيوانية إلى إن كانت الطامة الكبرى باكتشاف البترول الذي شغلنا عن الزراعة وشجعنا على إهمالها بدلا عن تطويرها ، مضافا إلى ذلك استخراج الذهب لتتردى أحوالنا الاقتصادية بعد أن أهملت الدولة السودانية كل ذلك الخير الوفير واعتمدت على (الكاش) الذي يأتيها من البترول وضربت المجاعة والجفاف أطراف بلادنا وأهملنا مشروع الجزيرة الذي كان يوفر الغذاء لكل السودان بما في ذلك الجنوب الذي انفصل ، وحينها كان الجنيه السوداني يعادل ثلاثة دولارات ولا وجود للسوق الاسود إلى أن أصبح الدولار الواحد يعادل قرابة الأربعة عشر جنيها لنصبح بين ليلة وضحاها في قائمة الدول الفقيرة في العالم ، وعموما ما زالت أمامنا فرصة ذهبية لاستعادة عافية الاقتصاد السوداني بالتركيز مرة أخرى على الزراعة والثروة الحيوانية ،شريطة أن تستغل كل موارد البترول برغم قلته ، وأيضا الذهب في تطوير الزراعة والاتجاه في مسألة التصنيع الزراعي وصناعة اللحوم للتصدير ،فما زالت الفرصة مواتية ومازلنا نملك كل مقومات الزراعة ، وبالإضافة إليها كنوز الارض من بترول وذهب ومما لا شك فيه أن الحروب الاهلية كانت أحد أسباب التردي الاقتصادي ،ولكننا بحمد الله على مشارف مخرجات الحوارالوطني التي لابد أن تركز على موقف الحرب والوفاق الوطني مع حاملي السلاح، بجانب أهمية الإعلان الصريح بالتزامنا بكل العهود والمواثيق الدولية التي صادقنا عليها في كل الأزمان الماضية ، خاصة تلك الصادرة من الأمم المتحدة والمتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان ،كما أن العودة للاهتمام الكلي بالزراعة سيجعلنا حقيقة سلة غذاء العالم، بعد ان لدغنا من لعنة البترول الذي تسبب في إهمال الزراعة .