مقالات متنوعة

سهير عبد الرحيم : عاوزين فتوى


أرسل لي الصديق جماع مردس والذي نُسمِّيه ناظر المعاليا رسالة واتس نقلاً عن مجمع الفقه الإسلامي جاء فيها، أعلن مجمع الفقه الإسلامي أن الفدية للمفطر بعذر هي 12 جنيهاً، وهو ما يعادل المد، وبمعنى آخر وجبة مشبعة لشخص واحد ….. يلا تعالوا نحسب سوا:

قيمة ثلاث وجبات = 36 جنيهاً مع الشاي كباية فقط الصباح مع لبن بودرة = 40 جنيهاً

لشهر كامل = 1200 جنيه عن كل فرد

لأسرة مكونة من رجل وزوجته وابن = 3600 جنيه

إذاً، وبفتوى من مجمع الفقه الإسلامي السوداني لكي تأكل أقل أسرة بالسودان ثلاث وجبات من أبسط قوت فإنّ ذلك يكلف 3600 جنيه.

ملحوظات:

1/ هذا المبلغ لثلاثة أفراد فقط

2/ المبلغ لا يشمل أي مُنصرفات أخرى بخلاف الطعام (لا سكن ولا مواصلات ولا تعليم ولا علاج ولا كهرباء ولا فاتورة ماء ولا نفايات).

على كلٍّ نحمد لمجمع الفقه الإسلامي أنه أخرج إفادة منطقية بحسابات أنّ فدية المفطر اثني عشر جنيهاً وأنه لم يخرجها خمسة قروش لتناسب طموحات الساسة وأنه أيضاً أدرك تماماً حال الشعب السوداني والفقر والضيق والعوز الذي يعيشه بعد ما ظل ولوقت طويل يفصل في الفتاوى على مقاس الحكومة.

استحضرتني هنا قصة حاجة عشة من بنات دارفور المُكافحات والتي تعمل (فرّاشة) في إحدى المدارس بمرتب ستمائة جنيه تؤجر منها منزلاً آيلاً للسقوط بمبلغ خمسمائة جنيه، وتعول أسرة تضم أطفالها العشرة وأمها المشلولة، ترى كيف تصرف عشة المائة جنيه على أحد عشر فما ينتظرون منها الأكل والشراب والعلاج والكساء.

هل نطمع من مجمع الفقه الإسلامي في استخراج فتوى بحق الذين تَسبّبوا في إفقار وإهدار حقوق الشعب، هل نطمع من مجمع الفقه بأن يقوم بدور رسالي أكثر من ثبوت رؤية هلال رمضان وهلال العيد وتحديد قيمة زكاة الفطر وفدية المفطر.؟

لمن تلجأ حاجة عشة وأمثالها في ظل نوم ديوان الزكاة وغياب وزارة الرعاية الاجتماعية وغفوة الضمير العام.

إنّنا نحتاج من مجمع الفقه الإسلامي لفتوى لأصحاب الكروش المُنتفخة ومن اغتنوا في غفلة من عين الزمان وأصحاب الثراء الفاحش والعمارات السامقة، بجانب أكواخ الصفيح، والذين يعبرون فوق آلام حاجة عشة وأمثالها وهم لا يعرفون عن الجوع والعوز إلاّ بمقدار اشتهاء صنف جديد أو تجريب مطبخ يوناني أو تركي.

نحن ومن زمن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه نعلم جيداً ماذا تعني زكاة الفطر وكم تبلغ قيمتها، ويستطيع أيِّ طَالب في مرحلة الأساس بحسابات بسيطة تق

دير قيمة فدية المُفطر، ولكننا نحتاج الى أن يعرف مجمع الفقه أن بعض المُفطرين هم الذين يحتاجون الى فدية إفطارهم لأنّهم لا يملكون قيمتها ولا عُشرها حتى.

خارج السور:

ماذا حَدث لمؤسساتنا الدينية…..؟