تحقيقات وتقارير

يواجه غضبة نواب البرلمان بدر الدين محمود.. وزير في عين العاصفة!


للمرة التاسعة يقف وزير المالية بدر الدين محمود ليواجه انتقادات نواب البرلمان مقابل وقفة واحدة انتهت بالتصفيق الحار من قبل غالبيتهم عندما وعد بعدم زيادة سعر أي سلعة أو فرض ضرائب عند إجازة موازنة العام الحالي الأمر الذي اكتشف النواب أنه ما كان إلا خدعة مررت عليهم وأنهم مع تصفيقهم الحار أعطوا الوزير الحق لزيادة أسعار الغاز والمحروقات كيف شاء وربما يكون ذلك من أهم الأسباب التي جعلت المساحة ما بين الوزير ونواب البرلمان حقولاً من نبات “الحسكنيت” الشوكي المؤلمة طعناته لدرجة أن نواب البرلمان مضوا بجدية في جمع توقيعات لحجب الثقة عن الوزير عند رفعه أسعار الغاز ثلاثة أضعاف وكانت حملة جمع التوقيعات تمضي بمشاركة أعضاء من حزبه “المؤتمر الوطني” وبمباركة رئيس المجلس نفسه قبل أن يتراجع هو وأعضاء المؤتمر الوطني ويفشل مشروع حجب الثقة الذي كان يقوده النواب المستقلون.

عدم يأس
ومن الملاحظ أن النواب المستقلين في البرلمان والبالغ تعدادهم 19 نائباً ظلوا دون سواهم يقودون خط المعارضة بالبرلمان واستطاعوا من خلال حق دستوري كفلته المادة 43 من لائحة أعمال المجلس الوطني المنظمة للمسائل المستعجلة والمادة 44 التي تُعطي الحق لتقديم سؤال لأي وزير حول أي موضوع وقد واجه وزير المالية عدد من المسائل المستعجلة في عدد من المواضيع والتي مرت بصورة عادية كون أن رئاسة المجلس تمنع التداول حول المسائل المستعجلة، الأمر الذي جعل النائب المستقل الفريق خليل محمد الصادق يقدم سؤلاً عن موقف وزارة المالية من سداد الديون الخارجية، كاشفاً عن اتجاه عدد من الدول الدائنة إلى رفع قضايا ضد السودان.. وبالطبع فقد وجد نواب البرلمان ضالتهم في محاولات وزير المالية تقديم إجابات مبهمة عن الأمر وألهبوا ظهره بسياط النقد وهاجموه بصورة ضارية كان نتاجها رفض الإجابة التي تقدم بها وإحالتها إلى لجنة مختصة.

توصيف قانوني
يجوِّز منطوق المادة 44 من لائحة تنظيم أعمال المجلس الوطني لأيٍّ من أعضاء المجلس توجيه أي سؤال لأي وزير في أيٍّ من الشئون العامة التي تدخل في اختصاصه أو التحقق من حدوث أي واقعة نمت إلى علمه كما تجوّز المادة في بندها السادس لأي عضو بالبرلمان أن يتقدم بسؤال فرعي يتعلق بالسؤال الأصلي بعد إجابة الوزير ويكون الوزير حينها ملزماً بالرد على جميع الأسئلة كما تعطي المادة نفسها الحق لمقدم السؤال الأصلي أن يعقّب على حديث الوزير ويفند إجاباته ويكون عنده الحق برفض تبريرات الوزير التي قدمها فيما يتعلق بإجابة السؤال ويطالب بإحالة الأمر إلى لجنة مختصة لدراسته وإعداد تقرير حوله وعرضه على المجلس للتدوال حوله واتخاذ القرار المناسب بشأن الوزير.

تحديات الوزير
وزير المالية أكد أن الدين الخارجي منذ الاستقلال فقط 17,2 مليار دولار بينما بلغت أرباح الديون 27,8 مليار دولار، معترفاً بأن الدولة لم تستطع إحراز أي تقدم في معالجة الديون الخارجية بالرغم من الجهود المبذولة، معتبراً أن الديون تعد العائق الرئيس أمام جهد الدولة لتخفيف الفقر وتحقيق التنمية المستدامة. ويوضح الوزير أن السودان وبالرغم من استيفاء كل المطلوبات الفنية للاستفادة من المبادرات الدولية لإعفاء الديون ورغم موافقة السودان على الخيار الصفري لقسمة الديون مع جنوب السودان عند الانفصال إلا أن الدولة الدائنة المؤثرة لم تبدِ المرونة الكافية ولم توفِ بوعودها، لافتاً إلى أن الاشتراطات الثلاثية ظلت تقف عائقاً أمام الاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون وقال: “الدول الغربية المهيمنة ودول الاستكبار وراء هذا الأمر والحصار أثر على الاستفادة من إمكانية إعفاء الدين وبالتالي الحصول على القروض الميسرة”.

غضبة النواب
نواب البرلمان ربما عملوا بمبدأ “أنا واخوي على ابن عمي”، فكانوا ينتاشون وزير المالية الواحد تلو الآخر لم يختلف فيهم حتى من أتيحت له الفرصة من نواب المؤتمر الوطني فقد دعا الشيخ أبو كساوي للتمرد على قضية الديون وتساءل علي عبد لله مسار عن استغلال الديون في أغراضها التي تمت الاستدانة لأجلها ونفذت تفيذاً حقيقياً وكيفية سداد هذه الديوان وهل ما زالت وزارة المالية تستدين ومن الذي يتحمل مسئولية هذه الديون وهل صرفت في قضايا جانبية أم قضايا تخص البلاد؟! وقال إن الوزير يتحدث عن ارتفاع الديون بالربا وقال: “لمن انت عارفو ربا شايلو ليه؟!”، وتساءل محمد صالح الهواري عن قروض المياه لولاية الخرطوم التي تعاني العطش وهي تقع في مفترق نيلين، فيما طالب أبو القاسم برطم وزارة المالية التعامل مع القضية بعلمية ووصف النائب أحمد صباح الخير القضية بالأمر الجلل وما ذكره الوزير عن الديون “هم وغم” وقال: “كل يوم ناخد في الربا ونجيزو من داخل البرلمان ولا حياة لمن تنادي”.

رفض قاطع
الفريق خليل الذي قدم السؤال قدم مرافعة اقتصادية متكاملة عندما قال إن الحديث هنا عن ديون متراكمة والوزير لم يقدم لنا طرحاً واضحاً لحل هذه الأزمة وعلق الأمر على الحصار الاقتصادي الذي الذي أصبح أمراً ثابتاً في كل بيانات الوزراء، لافتاً إلى أن وزراة المالية لم تبتكر أي حلول أو بدائل للخروج من النفق وتحرير المواطن السوداني من هذه المديونية وأشار إلى هناك فشلاً ذريعاً في القروض مثل سد مروي وكهرباء الشرق التي بلغت 200 مليون دولار فضلاً عن الكثير من المشروعات والقروض التي تدخل إلى الأجهزة الأمنية هل هذا هو الاستثمار الحقيقي في القروض؟ ومطار الخرطوم الذي لم ينفذ قرضه حتى الآن! واعتبر أن رد الوزير على هذا السؤال يمثل القشة التي قصمت ظهر الاقتصاد السوداني وأضاف: كيف نحاسب وزراء المالية عندما يأتون إلينا بقروض ويفشلوا في السداد بما فيهم الوزير بدر الدين محمود الذي فشل في عدد من القروض بإغافله الرد على أثر هذه القروض على الميزانية.

ورطة وزير
يبدو أن العلاقة السيئة بين وزير المالية ونواب البرلمان في طريقها للتعقيد أكثر فقد وضع النواب الوزير في عين العاصفة واتخذوه “تختة” للتنشين عليه، الأمر الذي ربما يؤدي إلى مواجهات قادمة سيما وأن هناك العديد من القضايا والمحكات التي تواجه وزير المالية والموازنة العامة خلال الفترة المقبلة.

تقرير: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة