منى ابوزيد

علاقة طردية ..!


“الاستبداد يتصرف في أكثر الميول الطبيعية والاخلاق الفاضلة، فيضعفها أو يفسدها” .. عبد الرحمن الكواكبي ..!
الصحف العالمية تناقلت – قبل سنوات – تصريحات اختصاصيي جراحة التجميل الذين سردوا حكايات شيقة عن تهافت الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي على تحقيق معجزة الشباب الدائم، كيف أنبتوا مناطق التصحر في فروة رأس الرجل، وكيف ردموا أخاديد بشرة وجهه، وكيف نجحوا تماماً في طمس بعض عوامل التعرية، فبدا الحاكم بأمره شاباً في عمر الكهولة، متسربلاً بهالة من المجد ومحاطاً بباقة من الحارسات الجميلات ..!
وقبل أن يريح الرئيس الأمريكي الجديد – وقتها – أوباما، ظهره على كرسي المكتب البيضاوي – مهد القرارات التي تغير وجه العالم الثالث، ولحد الحكومات العربية التي تجرؤ على أن تقول بغم! – ملأت صورته المستقبلية، بعد مرور فترة أو اثنتين رئاسيتين، شاشات برامج التوك شو، مع تأريخ مصور لملامح رؤساء أمريكا السابقين قبل وبعد توليهم رئاسة البلاد ..!
الصورة المستقبلية لأوباما (وجه متغضن ورأس اشتعل شيباً) رسمت – في تلك الفترة – بناء على توقعات الخبراء الذين أرسوا قاعدة حسابية تقول إن الرئيس الأمريكي يتقدم في العمر “بحسابات المظهر الخارجي” سنتين مع مرور كل سنة، بسبب القلق والضغوط النفسية التي تفرضها مقتضيات المنصب .. وقد كان ..!
مقارنة صور رؤساء أمريكا السابقين الذين دخلوا “البيت الأبيض” بملامح شابة، وخرجوا منه بوجوه متجعدة و”شعور” بيضاء، مع صور معظم الحكام والرؤساء العرب، تجزم بأن إكسير الخلود الذي يخاصم العرق الأنجلو سكسوني، يستطيع بقدرة قادر أن يجري في الدماء العربية والإفريقية مجرى الدم ..!
ولا غرو .. فالقلق والضغوط النفسية العنيفة التي تعصف بسياسيي العالم الثالث مكانها مواقع ومناصب المنافسة على الكرسي، وزمانها مرحلة ما قبل تولي السلطة .. ثم ما أن يتسلم الحاكم مقاليد السلطة حتى يرفع شعار (دع القلق وابدأ الحياة) ثم طارد فلول الأحزاب وعلوج المعارضة زنقة، زنقة، وحارة، حارة ..!
دع القلق مما يقوله أو يحسه أو يحتاجه الشعب، وابدأ الحياة من أجل الحفاظ على السلطة، الحاكم من أولئك إذا أخطأ تنتفض المعارضة، وتسلقه الصحافة بألسنة حداد، ويتبرَّم الشعب قبل أن يعلن زهده علناً .. ولا حاجة لقيام ثورة للإطاحة بحكومة غير لائقة ..!
بينما إذا أخطأ الحاكم من هؤلاء تطنطن المعارضة، وتطبطب الصحافة وهي تشير باستحياء نحو مواضع الخطأ، ويصمت الشعب دهراً، وقل أن ينطق كفراً ..!
لأجل ذلك يبقى الحاكم العربي الرجل الوحيد الذي يبذ المرأة العربية في استهلاك مضادات التجاعيد، وحقن البوتكس، وصبغات الشعر، ومادام الصمت حياً ستظل العلاقة بين خطوط الشيب وطرائق الشمولية علاقة طردية، إلى أن يفني ارتباطها موت، أو تزهق روحها ثورة ..!