مقالات متنوعة

عبد الله الشيخ : الفَلسْ .. فرْمَالة العَاشِقين


نحصر حديثنا اليوم في خرافة أسمها (الحُب).. ما الحُبْ..؟
زمان،، زمن الصَبْيَنة، كنا نقول إن الحُبَّ، كما عرّفه نزار قبّاني :(هو جوهرُ الأحزانِ في أعْمَاقِنا) ..وبعد ما كِبِرْنا، وكِتْرَتْ أحزاننا، إكتشفنا أنو القصة دي ما ياها.. القصة كانت ولم تزل أكبر من هذا الذي يدور وراء الكواليس.. ربما نفهم غداً، كيف جاءوا ومتى يرحلوا، لكن يبقى الحُب قائماً في القلوب، كأكبر خرافة مُعترف بها على مدار التاريخ.. فرويد، لا أنا ، يقول بهذا.. الحُب وهمٌ يتفاقم في الحنايا.. فنعبِّر عنه بلهفةٍ لها ألفُ لسان ..الحب وهَمٌ، تختبيء تفاصيله وراء زهرة مِنْ ألف لون، لكل لون من ألوانها (أشداق).. و ما الأشداق..؟
أغلب الظن، أنّ ملوك الطمبور في هذا الزمان كادوا يُمْسِّكون ببعض حبال الوهمَ، لكن ما أعرفه أن الُحبْ لا يمكن أن ينبثق فوق أرض يباب.. لا يمكن أن ينبثق الغرام إلا فوق حقول الإنتاج الوفير، لأن هناك طلاقاً بائناً بين العِشق والفَلَسْ.. لهذا فإن مشروع حدائق العشاق التي تأخد مسميً بهذا المعني، سرعان ما يكتسحها النسيان، قبل أن تعتدي عليها مشاريع الولاية الاستثمارية…
عِندنا في البلد، واحد قريبنا، غرِقَ في الحب حتى أُذُنَيه.. هَامَ بفتاةٍ من ذويه، حتى تكشَّف سِرَه للرِّمال الزاحفة.. شَاعَ خبر عشقه، حتى غدا سِره المُشاع مسخرة عند الكِبار والصِغار.. كنا نراه هائماً في الدروب، يحاكي القماري و( يسوي القوق)، ولا يخلو حديثه من فرمالته الضائعة، التي غالباً ما سمعها من ملوك الطمبور في هذا الزمان 🙁 إنتو ما جربتوا الريد يا الكُبار)..؟
للبوح ثمن غالٍ..!
الناس يعرفون العشق، لكنهم يكتمونه (عشانْ جِنسْ البهدلة دي)… النساء والرجال في وطني يبحثون عن شيء مفتقد.. يمارسون الحب لكن، (تِحِتْ تِحِتْ).. يأكلون ويمسحون أفواههم، كأن شيئاً لم يكن.. إلا صاحبنا هذا، شذّ عن القاعدة، وعملا ظاهرة، وبراهو (دخّل روحو في خشْم الحريم).. كان عندما تتفاقم عِنده الوهمة، ينوح في الظهيرة أو في الليل: (عووك أنا عيّان..عووك أنا داير أعرِّسْ سُعاد ..عوووك أنا قلبي مجروح ..عووك ، وعووك، ثم عررووك).. وبين عوكٍ وأُخرى، كان كثيراً ما يستدعي فرمالته الطمبورية : (إنتو ما جرّبتوا الرّيد يا الكُبار)..؟
وكْتَين كتَّر الشغلانة، إجتمع الأهل و(ختّوا اللوم) علي سُعاد.. قالوا :البنت دي لِحْستْ راسْ الغبيانْ دا.. قالوا، (الدِلاهِي دا مِشهينا الغَمْدة ..دحينْ مَسِكوهو طرفْ توبا، النّشوفو بعد داك، شِنْ بِسَوّيِ)..!
وقد حدث…
يوم والتّالي، وشوهد صاحبنا (مَجيرتقْ بالعديل والزّين).. عواجيز الحِلة ما قصّرِنْ، ختوا ليهو الحِنّة والضريرة، و الحريرة وسيّروهو لى بيت (العَدَلْ)- كما يقولون- بعد داك، زولك كَضمْ.. صمت عُواء الرجل، ونُسيت حكايته بين الحكاوي الكثيرة التي تفور مع الفيضان، وتتلاشى مع لقيط تمر الهبوب..!
بعد سنوات عددا، سألتهم عنه، فقالوا إنّ سُعاد الكانْ بِيَهاتي بيها دِيكْ، (خَلّتو يَقْنِتْ بي شيلْ الشُفّعْ)..!
في إحدى المناسبات الجامعة، لمحته، وكان عليه عراقي من خرائط كنتورية، أبدع عرقه الكثيف في رسمها..!
سألته: يا زول.. خبرك شنو ، والدنيا معاك كيف..؟
قال والمِحْنة- لا المَحَنّة- تبدو عليه: (والله يا زول، غايتو نَقعْ ونَقوم)..!
*تقع وتقوم كيف..؟ إنت مش كنت بتكورِك وتقول:( أنا بموت أكانْ ما عرّستو لي سُعاد)..؟
حدجني بنظرةٍ عِتاب، قال بعدها :(والله ، أنا في الدنيا البطالة دي، مافِي شيتاً شاغل بالي غير الدّقيق، بسْ الدّقيق)..!