صلاح الدين عووضة

روح القطيع !!


*استقالة كاميرون لا تهمنا في شيء..

*ولا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي..

*ولا تراجع قيمة الإسترليني لمستويات مخيفة..

*ولا انهيار البورصة وأسواق المال..

*ما يهمنا في كل الحدث العالمي هذا خطر (ظاهرة القطيع)..

*فالتصويت لصالح الانسحاب كان هستيرياً..

*نجح المتشنجون في التأثير على عقول غالب البريطانيين..

*إنه شيء مثل الذي فعل هتلر فمضى خلفه الألمان..

*والفلاسفة يشبهون هذه الاندفاعات الجماعية الهوجاء بأخلاق القطيع..

*وأكثر من تفلسف في هذه الظاهرة الغريبة فريدريك نيتشة..

*قال إن أخطر ما في قوة الشعوب الكامنة قابلية تحريكها وفقاً لإرادة المحرك..

*ولعلماء النفس السياسي رأي مشابه كذلك..

*وتتجلى روح القطيع هذه عند الحروب أو الثورات أو الفوضى أو المنافسات..

*وفي عالمنا الثالث تتمظهر بوضوح عقب الانقلابات..

*أو إثر إجهاض انقلاب مضاد ضد عسكريين..

*فالقرارات الشيطانية الهوجاء تهب نحو العقول بأسرع من رياح الحكمة..

*بأسرع من هبوب روح الشر نحو (كوخ الشيطان)..

*فهي تصله قبل قاصديه من الشباب- في فيلم الرعب المشهور- ولها أزيز..

*فالانقلابات عقب نجاحها تضحى مثل الثور الهائج..

*تدمر وتعطل وتبدل وتصادر وتحبس..

*والناس من خلفها- بأخلاق القطيع- يصرخون ويهيجون ويتحمسون..

*وعند إجهاضها انقلاباً عليها تمسى مثل (حاصد الأرواح) ذي المنجل والسلة..

*والناس من ورائها يصيحون أيضاً..

*وعندما أقول الناس فإنما أعني العوام منهم ذوي القابلية لأخلاق القطيع..

*ومجزرة رواندا تسبب فيها نفر من الإعلاميين..

*نفر لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين نجحوا في تحريك الألوف من البسطاء..

*وعقب كل فورة هياج- من شاكلة ما ذكرنا- تهدأ العاصفة..

*وتعود العقول- بعد فوات الأوان- إلى رؤوس كانت قد فارقتها حيناً..

*ويحل الشعور بالذنب محل هياج القطيع..

*والآن يشعر بالندم كثير من البريطانيين المصوتين لصالح الانسحاب..

*بل وطالب بعضهم بإعادة التصويت..

*فالغوغائيون نجحوا في إثارة روح القطيع بدواخلهم تحت شعارات مختلفة..

*شعارات القومية والإرهاب والتعالي العنصري..

*ويسجل محرك البحث قوقل نشاطاً بريطانياً كثيفاً لمعرفة الاتحاد الأوروبي..

*لمعرفة (ما هو الاتحاد أصلاً؟) بعد وقوع الكارثة..

*وغالب الذين صوتوا لصالح الانسحاب من أماكن تغلب عليها الأمية السياسية..

*من الذين هم غير محصنين من فيروس القطيع..

*من الذين يماثلون مؤيدي أنظمة القهر الأُحادية في قارتنا الأفريقية..

*ثم لا يدركون فداحة سوقهم نحو مصير مجهول..

*إلا بقدر إدراك الثور أنه مساق (نحو الذبح!!).