مقالات متنوعة

عبد العظيم صالح : فضائيات بلا مزامير..!!


لا زلنا في رحاب الشهر الكريم بكل فيوضه الطيبات الزاهيات
وحقيقة رمضان أحلى في السودان رغم (الشقاوة) وصعوبة المعيشه التي أضحت ضنكاً.
ويزيد السودانيون ليالي رمضان حلاوة ويحققون من مقاصده العظيمة فضيلة التواصل والتلاقي والتراحم.. وهذا ما تشهده ليالي الخرطوم وإفطاراتهاالعديد من البرامج والأنشطة والتي نجد أنفسنا نعجز من ملاحقتها وتغطيتها.. فالمدينة كبيرة ومتسعة وليل رمضان مزدحم و (المروءة) لم تعد هي المروءة والقصة لا علاقه لها بالسن وتقدم العمر فحتى الأولاد الصغار تجدهم يعانون من هذه الظاهره الصحية المزعجة.. فالآن عادي جداً في البيت: تقول يا ولد جيب موية، وتأتيك الإجابه من حيث لا تحتسب: والله يا أبوي فتران شوية اشرب وجيب لي معاك!!
أمس وأنا أتجاذب أطراف الحديث أمام دكان الحلة، قال لي واحد من (أولادنا): يا أستاذ (سوي ليك) ركشه بمسكها ليك! وعندما أبديت له مخاوفي من دنيا الاستثمار والتجارة ونحن ناس (أفندية ساكت) لا نعرف درب القروش ولا تعرف سكتنا..عندما ذكرت (للشفيع) كل هذه المبررات (الهروبية)والتي أجيدها تماماً كلما حدثني أحدهم
أو اقترح علي استثماراً اكتفي بالقول والله الركشة دي استثمار مضمون، مافي زول بقدر امشي خطوة، الناس دي فترانة .. الناس دي عجزانة!!
ضحكت ومشيت في حالي.. وفي العربية كنت أدندن: الناس دي فترانه.. الناس دي عجزانه.. اللحن جا معاي طوالي.. نسيت سؤال الشفيع هل هذه الأبيات مقطع من أغنيه (لافه) في الفضائيات السودانية في هذه الأيام الطيبيات المباركات أم ماذا يا ماذا؟!!
الفضائيات السودانية تحولت في شهر رمضان لي (مراقص) وإلى دور (فنانين).. هل نحن في حاجة لكل هذا الغثاء من الأغاني والركاكة.. وكل هذا الخواء الذي يضرب دنيا برامج الفضائيات السودانية؟!
بصورة أضحت ظاهره تحتاج لوقفه كبيره وجادة.. هل نحن فعلاً أمة طرب وسرور بحيث يضحي المطرب كل شيء والمحور الذي يدورحوله الفن والإبداع السوداني؟ ويا ليت لو كان هذا المطرب على درجة من المعقوليه والإلمام بماهية الفنون ودورها في ترقيه الذوق والشعور عند الناس!!
ربما السؤال الذي يطرح نفسه من وراء هذا التقليد وهذه البدعة التي تلزم مقدم أي برنامج بإحضار فنان (بعفشه)للاستديو..
قبل أيام دخلت لمقر إحدى الفضائيات وحقيقه ضحكت فقد خلت نفسي في أحد مراكز الشباب.. فالمزامير (مشتته) في الحوش وكذلك أعضاء الفرقة و (البروفات) تقول (يا غربتي) في غرفة مجاورة.. ضحكت وقلت في سري: (اضربوا الهم بالفرح)!!
نعم رمضان أحلى في السودان خصوصاً هذا العام.. فقد صمم المجتمع برامجه الترفيهية والثقافيه بعيداً عن مغاني ومزامير القنوات الفضائية السودانية .. برامج مافيها غناء وفيها نجوم حقيقيون في مختلف مجالات الإبداع..
وليس بالغناء وحده (تمشي )الفضائيات!!