منوعات

من السجن إلى الإسلام.. 3 مشاهير اعتنقوا الإسلام في السجن


السجن هو ذلك المكان المغلق الذي يسلب فيه الإنسان من حريته، وتنقطع علاقته بالعالم الخارجي، ذلك المكان الذي يعيش فيه الإنسان أسوأ فترات حياته، هذا المكان الذي تصبح فيه -أحيانًا- حياة الفساد أكثر من حياة الإصلاح، لكن على الرغم من هذا من الممكن أن يصبح هذا المكان المغلق والموحش طريقًا للإنسان لتغيير حياته والبدء من جديد في حياة أخرى، وأن يصبح السجن كما يقال «إصلاحًا وتهذيبًا».
1- «مالكوم إكس» من تجارة الهيروين والسرقة.. إلى اعتناق الإسلام في السجن

في 9 مايو (أيار) لعام 1925 ولد مالكوم إكس أو «الحاج مالك شباز»، في مدينة ديترويت، لأب يعمل قسيسًا بالإضافة إلى نشاطه السياسي في أكبر منظمة للسود في هذا الوقت، وهي «الجمعية العالمية لتقدم الزنوج»، كانت حياة مالكوم سعيدة لكن لم يستمر هذا طويلًا؛ حيث يُقتل الأب على يد أحد العنصريين البيض، لكن الشرطة تعلن بأنه «مات دهسًا»، بعد وفاة الأب تعاني الأسرة من سوء الحالة المادية؛ ونتيجة لهذه الظروف تتعرض الأم لصدمة نفسية وتصاب بـالجنون، ويتم إيداعها في مستشفى الأمراض العقلية لمدة 26عامًا حتى قام «مالـكوم وإخوته» بإخراجها بعد ذلك. بعد دخول الأم المستشفى، يتم توزيع مالكوم وإخوته على منازل التبني المختلفة.
بعد فترة قصيرة يترك «مالكوم» المدرسة نتيجة لإحباط معلمه له بأنه لن يستطيع تحقيق حلمه، وهو الالتحاق «بكلية الحقوق» ليصبح محاميًا لأنه «زنجي»، يرحل «مالكوم» إلى مدينة «بوسطن»، ويلتحق هناك بأكثر من عمل مثل: مسح الأحذية، وغسل الأطباق، وكانت النهاية العمل في تجارة الحشيش والهيروين، ثم السرقة التي كانت سببًا في دخوله السجن، بعد قيامه هو ومجموعة من أصدقائه و«فتاتين»، من الجنس الأبيض بالسطو على منازل أحد الأثرياء البيض، ليتم القبض على مالكوم وأصدقائه، ويحكم عليه بالسجن عشر سنوات في عام 1946.

في السجن تبدأ حياة التغيير لمالكوم، على الرغم من بداية السجن الصعبة والشديدة عليه؛ حيث كان دائم الحبس في «السجن الانفرادي»، نتيجة لسوء سلوكه، حتى أطلق عليه السجناء اسم «الشيطان»، في عام 1947 يتقابل مالكوم مع أحد السجناء، ويسمى «بيمبي»، ويتحدث معه عن الدين والعدل وينبهر مالكوم بهذا الكلام، وكانت مقولة «بيمبي» الشهيرة للسجناء هي: «إن من خارج السجن ليسوا بأفضل منكم، وإن الفارق بينكم وبين من في الخارج أنهم لم يقعوا في يد العدالة بعد».

في عام 1948، ينتقل مالكوم إلى سجن «كونكورد»، وفيه يرسل له أخوه «فيلبيرت» رسالةً يقول له فيها إنه هو وإخوته اعتنقوا الإسلام، عن طريق الداعية «محمد إليجا» زعيم جماعة «أمة الإسلام»، ويسعى إخوته إلى إقناع مالكوم لاعتناق الإسلام، حتى يسلم على أفكار جماعة «أمة الإسلام»، وتتحسن أخلاقه، ويشارك في الندوات والمناظرات في السجن للدعوة إلى الإسلام، ويصبح مالكوم دائم التردد على مكتبة السجن للقراءة حيث يبدأ أولًا: في القراءة عن «تاريخ الرجل الأسود»، بالإضافة إلى القراءة في «الدين»، و«الفلسفة»، وبالإضافة إلى سعي مالكوم إلى زيادة قاموسه من الكلمات الإنجليزية، وخلال هذه الفترة لم ينقطع عن مراسلة «إليجا محمد»، طوال فترة جلوسه في السجن، حتى خروجه منه بعد سبع سنوات فقط، بدلًا من عشر سنوات.
بعد الخروج من السجن ينضم «مالكوم» إلى جماعة «أمة الإسلام»، بقيادة «إليجا محمد»، من أجل الدعوة للدين الإسلامي، لكن بعد فترة يحدث الخلاف بينهما بعد عودته من أداء فريضة «الحج»، ورؤيته لمشهد الحج وهو اجتماع «الجنس الأسود» مع «الجنس الأبيض»، دون تفرقة ليخرج في النهاية بنظرية أن «إدانة كل البيض يساوي إدانة كل السود»، ويطلب من «محمد إليجا» التخلي عن عنصريته ضد «الجنس الأبيض»، والذهاب للحج لكن يرفض «إليجا» ذلك؛ فينفصل «مالكوم» عن الجماعة، وينشئ جماعة جديدة يطلق عليها «جماعة أهل السنة»، مما يجعل «إليجا» يهدد «مالكوم» بالقتل، ولكن لا يؤثر ذلك في «مالكوم»، ويظل مستمرًا في دعوته حتى واقعة اغتياله في 21 فبراير (شباط) لعام 1965.
2- شرف المحارب المسلم كان سبب في إسلام «جارودي»

يعد المفكر والفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي أو «رجاء جارودي» الاسم الذي أطلق عليه بعد إسلامه، من أكثر المفكرين إثارةً للجدل في أوروبا، ولد جارودي في 17 يوليو (تموز) لعام 1913، في مارسيليا، لأبوين ملحدين لم يكن لهما علاقة بالشيوعية أو بمذهب آخر، لكن كما قال جارودي عنهما إنهما «كانا من الأجيال التقليدية التي لا يمثل الدين أي اهتمام في حياتها». في عام 1927، يعتنق جارودي المسيحية في الرابعة عشر من عمره على المذهب البروتستانتي، وعن السبب في ذلك يقول: «اعتنقت المسيحية آنذاك لأعطي لحياتي معنى». في عام 1933 ينضم جارودي للحزب الشيوعي الفرنسي، وكان الانضمام لهذا الحزب في ذلك الوقت، هو السبيل الوحيد للتمرد على الرأسمالية.
من أبرز المحطات في حياة جارودي هي معاصرته، لصعود النازية في ألمانيا وإعلانها الحرب في أوروبا، حيث كان له دور في مقاومة هذه الحرب؛ مما أدى إلى سجنه من جانب المارشال الفرنسي المتعاون مع النازية «بيرتال»، بالإضافة إلى معاصرة لسقوط «ألمانيا النازية»، وصعود «الاتحاد السوفيتي» الذي كان مؤيدًا له، يشار إلى أن جارودي أول مترجم فرنسي لمؤلفات «لينين»، بالإضافة إلى أنه أول باحث فرنسي يحصل على الدكتوراه من جامعة «موسكو» تحت عنوان «الحرية». في عام 1970، يتمرد جارودي على الأفكار الشيوعية؛ مما يتسبب في طرده من الحزب «الشيوعي الفرنسي». في عام 1982، يقدم للمحاكمة بسبب كتابة مقال في صحيفة «لوموند الفرنسية»، عن مجازر «صبرا وشاتيلا» في لبنان، وانتقاده لليهود بسبب هذه المذبحة، وكان لهذا المقال تأثير قوي في «المنظمات الصهيونية»، وكانت سببًا في شن الحملات عليه في فرنسا والعالم كله، في عام 1988يحكم على «جارودي» بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، بسبب كتابه «الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل»، وفيه شكك في صحة الأرقام التي أعلن عنها اليهود بشأن عدد الأشخاص الذين تم إحراقهم في «غرف الغاز»، على أيدي النازيين، وقال بأن هذه الأرقام أقل من ذلك.

بعد المرور السريع على حياة جارودي نبدأ هنا بالتعرف إلى بداية معرفة «جارودي» بالإسلام عن قرب في عام 1941، حيث يحكي عن القصة التي كانت بداية حبه للإسلام، عندما كان مسجونًا في إحدى «المعتقلات النازية» في الصحراء الجزائرية يقول:
في الرابع من مارس (آذار) لسنة 1941، كنا زُهَاء 500 مناضل من المعتقلين والمسجونين لمقاومتنا الهتلرية، وكنا هجرنا إلى جلفة في جنوب الجزائر، وكانت حراستنا بين الأسلاك الشائكة في معسكر الاعتقال مدعومة بتهديد رشاشين، وفي ذلك اليوم -بالرغم من أوامر القائد العسكري وهو فرنسي- نظمت مظاهرة على شرف رفاقنا من قدامى المتطوعين في الفرق الدولية الإسبانية، وقد أثار عصياننا حفيظة قائد المعسكر، فاستشاط غضبًا وأنذرنا ثلاثًا، ومضينا في عصياننا، فأمر حاملي الرشاشات -وكانوا من جنوب الجزائر- بإطلاق النار، فرفضوا، وعندئذٍ هددهم بسوطه المصنوع من طنب البقر، ولكنهم ظلُّوا لا يستجيبون، وما أجدني حيًّا إلى الآن إلا بفضل هؤلاء المحاربين المسلمين.
تعجب جارودي من رد فعل الجنود لأنه لا يعرف اللغة العربية، ولكنه علم بعد ذلك من جندي جزائري في الجيش الفرنسي، بأن هؤلاء كانوا من الجنود الجزائريين المسلمين، «وأن شرف وأخلاق المحارب المسلم تمنعه من إطلاق النار على إنسان أعزل»، وكان لهذا الحدث تأثير هام في حياته، حيث تعرف فيه إلى الدين الإسلامي لأول مرة عن قرب، لم يعلن جارودي إسلامه بعد هذا الحدث؛ لكنه كان السبب في تعمق جارودي في البحث والدراسة أكثر عن الدين الإسلامي، فجارودي لم يسلم إلا بعد بحث عميق في حضارات وديانات العالم من أجل الوصول إلى العقيدة التي تمثل له الاستقرار، ولم يجد ذلك إلا في الدين الإسلامي، في يوليو (تموز) لسنة 1982 يعلن جارودي إسلامه، ويذهب لأداء فريضة العمرة، ويسبب إعلان إسلامه صدى كبيرًا في الأوساط الثقافية، ويؤلف جارودي العديد من الكتب عن الإسلام مثل «وعود الإسلام»، و«الإسلام وأزمة الغرب»، و«الإسلام دين المستقبل»، ويظل يدافع عن الإسلام، حتى وفاته في 13 يونيو (حزيران) 2012.
3- السجن يجعل وحش الملاكمة «مايك تايسون» يعتنق الإسلام

تخلى أبوه عن أسرته؛ مما جعل تايسون يحمل لقب والدته، ويعيش حياة أسرية بائسة، كان يعتدي بالضرب على كل من يحاول الاقتراب منه أو مخالفة أوامره، حتى وصل الأمر أن قامت إدارة المدرسة بفصله؛ خوفًا من أن يسبب أذى لزملائه، وعلى أثر ذلك يرسل لـ«إصلاحية»، ليبدأ هناك طريقه لحلبة الملاكمة، في سن صغيرة تحت إشراف مدير الإصلاحية الملاكم السابق «بوبي ستيورات»، الذي قام بتدريبه لفترة قبل أن ينتقل لمدربه والأب الروحي له بعد ذلك الملاكم الأسطوري «كاس داماتو»، ليصبح من أشهر الملاكمين في تاريخ اللعبة ومثله الأعلى الأسطورة «محمد علي كلاي».

في عام 1986، يحقق الرقم القياسي لأصغر ملاكم حيث يحصل على «بطولة العالم في الملاكمة للوزن الثقيل» عن عمر 20عامًا، ليضم سجل إنجازاته على حلبة الملاكمة50 فوزًا من ضمن سجل لعب 58 مباراة منهم 44 فوزًا بالضربة القاضية، وفي 2003 تصنفه «مجلة ذا رينغز ماغازين» في الترتيب 16 من بين أفضل 100 ملاكم على مر العصور، بالإضافة إلى وضع اسمه في «القاعة الدولية لمشاهير الملاكمة بنيويورك»، بجانب امتلاكه لثروة تقدر بـ 50مليون دولار، قبل أن يعلن إفلاسه في 2003، ويعلن اعتزاله في عام 2005 بعد خسارته أمام «كيفن ماكبرايد»، والسبب هو أنه «لم يعد يملك شجاعة القلب لمزيد من القتال». إنه الملاكم «مايك تايسون»، الذي ولد في 30 يونيو (حزيران) لسنة 1966 في منطقة «بروكلين»، بمدينة نيويورك.
بدأت حياة تايسون في الانهيار بعد رحيل مدربه والأب الروحي له «داماتوا»، فقد بدأ في تعاطي المخدرات وكثرة الخناقات مع الجماهير، بالإضافة إلى خسارته في عام 1990 لمباراة أمام ملاكم من «الدرجة الثانية»؛ مما أدى ذلك إلى انهياره السريع. وفي فبراير لعام 1992، يتهم «تايسون» باغتصاب ملكة الجمال «ديزايري واشنطن»، ويحكم عليه بالسجن ست سنوات، ليخرج بعد ثلاث سنوات، وفي أثناء فترة السجن تتغير حياته؛ حيث يتعرف إلى بعض الأشخاص الذين يدعونه إلى اعتناق الإسلام ويعتنقه، ويغير اسمه «لمالك عبدالعزيز»، إلا أن وسائل الإعلام تظل تناديه بـ«تايسون»، في السجن يكرس حياته للإسلام، ويقول عن هذه الفترة:

لقد قضى السجن على غروري، ومنحني الفرصة للتعرف إلى الإسلام، وإدراك تعاليمه السمحة التي كشفت لي عن حياة أخرى لها مذاق مختلف، وقد أمدني الإسلام بقدرة فائقة على الصبر، وعلمني أن أشكر الله حتى على الكوارث.

وإسلام تايسون لم يكن مجرد اعتناق لدين فقط، بل جاء بعد دراسة للقرآن الكريم، والتعرف أكثر إلى تعاليم الدين، خلال فترة جلوسه في السجن، ويقول تايسون أيضًا: «كوني مسلمًا لا يعني أنني أصبحت ملاكًا، لكن ذلك سوف يجعلني شخصًا أفضل، أبتعد بنفسي عن الرذائل».

ساسة بوست