داليا الياس

رسالة للسماء


أعاقبك – أيها المسكين – بالصمت! فمثلك لا يستحق مشقة العتاب أو التقريظ أو الشجار أو الجدال، مثلك يترك كالكم المهمل ملقى في زاوية بعيدة من زوايا الروح وهو يتمرغ في وحل الندم دون أية ردة فعل تذكر خيرا كانت أم شرا.. مثلك لا يساوي ثمن الحبر الذي يمكن أن تكتب له به رسالة تأنيب تراق عليها كلمات الأسى والاحتقار!
أعاقبك بالبرود.. بالصبر.. بالاحتمال.. بالجلد! قد أذرف الدمع المرير مع وسادتي، أبث شكواي وظلمي لله وحده.. وأوقن ببلوغ رسالتي عنان السماء حيث العدل المطلق.. ولهذا لن أسمح لك أبدا برؤية دموعي أو التعرف على لحظات ضعفي وانكساري. لن أمنحك شرف التمتع بوجعي وحسرتي عليك.
إن الصمت سلاح الأقوياء.. نبذل لأجله جهد الأنبياء.. ونجاهد النفس الأمارة بالقصاص والثأر والثورة.
إن الصمت وحده ثروة.. لا يملكها إلا أغنياء الروح.. الباذخون بالكبرياء والكرامة.. ولا يستطيعها سوى أهل الإباء الذين صدقوا الحب ما عاهدوا القلب عليه ولم يحيدوا عن درب الهوى.
ذلك الصدق يمنحهم طاقة خلاقة على البكاء إلى الداخل، ابتلاع الدموع المالحة والغصة النائحة قد يتسبب في تسمم مزمن للثقة فلا نعد نملك القدرة على الركون لافتراضات الأمان.. ويكون شعارنا الدائم أن من مكمنه يؤتى الحذر!
وهذا هو تماما ما حدث معى.. باغتني خنجرك من الخلف، من حيث لم أحتسب يوما وحين كنت أوليك ظهري لأنسق لك ورد الإكليل إيذانا بتجديد تتويجك ملكا على عرش حياتي بصلاحيات مطلقة!!
لا حرف يوازي معنى الفجيعة.. ولا عبارة تحكي وقائع الألم.. ولا لون يرسم لوحة الأسى. لهذا أكتفي بالصمت، فهو أبلغ حين لا نقوى على نطق العبارات.. عندما يكون وجع القلوب أكبر من طاقة الحوارات.. وحين يكون الصمت أبلغ حين لا نقوى على نطق العبارات.. وحين تخور قوانا بفعل الإحباط فلا تعد تقوى على الدخول في معارك بيزنطية لا جدوى منها ومن أكاذيبك وتبريراتك الممجوجة التي لن أجني من ورائها سوى فقدي لاحترامك بعد ما فقدت حبك!!
ما أشقاك يا سيدي وأنت تتمرغ تحت شفتي تستجدي كلمة!.. وأنا أمعن في صمتي دون أن أمنح أذنيك شرف الإنصات لكلماتي العذبة وأمنياتي الطيبة، فأنت لا تستحق ما تكتنز به عباراتي من صدق ولا ما تزخر به أحاسيسي من حميمية ولا ما تتسم به عباراتي من بلاغة وطلاوة.
أنت رجل الأكاذيب الملونة الباهته.. التي استهلكت كل الكلام لتحقيق أغراض دنيوية لا تمت لسمو اللغة بصلة.
لقد خلقت التعابير لنترجم بها أحاسيسنا الوريفة ونتبادل بها أنخاب التواصل والوصال النبيل.. ولكنك وظفتها لصالح أنانيتك وغرورك.. وسادية مشاعرك الذكورية غير السوية.. فمن قال لك إن الخداع من تمام الرجولة؟.. ومن علمك أن تستخدم الكلمات كآلية للقهر والتجريح بعد إيقاعنا في شباك عواطفك الزائفة؟!
إذا كنت تعتقد أن الكلام قد يكون وسيلة ذكية للترغيب.. فإنني سأؤكد أن الصمت بالمقابل وسيلة أشد ذكاء للترهيب.. سأشهر عليك سيف صمتي في هذه المعركة غير المتكافئة.. فالصمت يا سيدي يربح حتما كل المعارك ويحتفظ لصاحبة بالقدح المعلى من الإباء والشموخ والفوز العظيم.. فليس من السهولة بمكان أن تظل على صمتك طويلا وأنت تغالب آلاف الكلمات المتزاحمة في خاطرك وعلى فمك تبحث عن مخرج لتنفجر وتثور وتنفس عن كل ما يعتمل بداخلنا من غضب وحنق!
إنني أبذل الآن جهد الأنبياء لأبقي على صمتي العظيم بينما أعماقي مرجل يغلي والكثير من الأسئلة والعبارات تجول بأعماقى.. ولكني مصرة على أن الصمت هو لغة العظام.. وأنك أحقر من أن أتواضع بالدخول معك في مهاترات تكسبك الندية معي وتفقدني الكثير من نبلي وروعتي..
لا جدوى من محاولاتك الإستفزازية أو رجاواتك.. سأظل على صمتي لأنني لم أعد أراك.. ولم أعتد على الحديث للأشباح!
تلويح:
للصمت أحاديث لا يسمعها سوى الله.


تعليق واحد

  1. داليا الزعلك منو قدر دة كدة؟؟؟ غايتو أنا يخيل لي دة واحد شاعر أنا بعرفه كويس فهو زير نساء وأنا متأكد بأنه تحرش بك أو ما شابه ذلك…. على العموم إن شاء الله يطلع هو ذاته… المهم انك اديه في نافوخه وبالحتة الفيها الحديدة ……. بلى في شكله المعفش