مقالات متنوعة

احمد يوسف التاي : إذا لم تستح فاصنع ماشئت


طرق إهدار المال العام متنوعة ومتعددة، فهناك جوانب كشف عنها المراجع العام، ومنها مالم يزل في غيابة الجب، ومنها ما لم يدر بخلد أجهزة الرقابة والمتابعة نفسها لكن دعونا من كل ذلك، و”أنيخوا” لنا عند (ما أورده مدير جهاز المراقبة القومي بجنوب دارفور إبراهيم حسن رضوان) الذي كشف في تقريره عن طرق لإهدار المال العام حيث أشار إلى كم هائل من الحوافز تخرج من خزينة الدولة دون سند قانوني وبلا مبرر وذكر حوافز بدون مسميات وحوافز أخرى تحت مُسمى حوافز “إحضار المرتبات”، و”دعم الاستراحات”، و”بدل الشدة”، و”نثريات المعتمدين”، وبدل المأموريات وحافز الأداء، وصرف الوقود وصيانة العربات ومنصرفات أمنية، ومما فهمته من تقرير المراجع أن كل هذا الصرف بدون قانون وبدون مستند..

دعونا أيضا من نثريات للمعتمدين بدون سند قانوني، ودعونا أيضا من “بدعة” حوافز “إحضار المرتبات” ومن كل ما جاء في تقرير المراجع وقفوا معنا فقط عند حوافز بدون مسميات!!!! فلماذا بدون مسميات؟ فهل خلصت التسميات؟… الحق أني لست مندهشاً من هذا “الهبر” وصور “البلع” فقد تعودنا وما عاد هناك أمر من هذه الأمور يدهشنا، وكما قلت في وقت سابق إن جهابذة الفساد وحماته وإمبراطورياته تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتطبيع علاقاتنا مع الفساد لنتقبله ونتصالح مع أخباره حتى نصل مرحلة فقدان الحساسية تجاه الفساد وأخباره، وها قد تعودنا ووصلنا المرحلة التي أريد لنا أن نصلها، لذلك أنا لست مستغربا ولا مندهشاً مما ذكره مدير جهاز المراقبة القومي حسن رضوان، بما في ذلك الحوافز بدون مُسميات وبلا سند قانوني، لكن فقط ما أثار دهشتي وأحار تفكيري أنهم لم يجدوا مسميات لبعض الحوافز فخرجت من خزينة الدولة بدون مُسمى!!! ومصدر دهشتي أن هؤلاء ما كان يغلبهم شيء فكل حافز يخرج من الخزينة كانوا يقيدونه تحت مُسمى فما كانت تعجزهم المُسميات أبدا فماذا دهاهم يا إلهي …فقد سمعنا بحافز الأداء المميز لموظفين (ما شغالين) بل لغائبين ومتسيبين، وقد سمعنا بحوافز يصرفها ذوو الموتى، والمغتربين، وهناك حافز تشجيعي للمسؤول راجل المرتين والثلاث ورباع وكله يخرج من خزينة الدولة لكنه يخرج ب”مُسمى”، فلماذا الآن بدون مُسمى (دا لاقاكم وين يا جماعة، حافز بدون مُسمى)…

خلاصة قولي إنه حتى وقت قريب كانوا ينهبون أموال الدولة تحت ستار “الحوافز” وبغطاء قانوني، أما الآن فقد وصلنا مرحلة متأخرة جداً انعدم فيها الحياء والخجل، فهي مرحلة لا يحتاج فيها المرء إلى تغطية قانونية للسرقة ولا ستار للنهب وليست هناك دواع تضطره لأن يخترع اسماً لحافز، فلا خوف من محاسبة، أو عقاب لذلك حافز وبس، “إذا لم تستح فاصنع ماشئت” واللي مش عاجبو ينضم للمعارضة.. اللهم هذا قسمي فيما أملك…

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.