مقالات متنوعة

شمائل النور : مَطلوب صُورة حَسنة..!


ضمن الحملة الشديدة على الصحافة، هناك تركيز عال على الإعلام الإلكتروني الذي بات مهدداً لـ (الأمن القومي) وفقاً لمعايير السلطة، ولا تزال السلطة مهمومة كيف تُحكم سيطرتها بالكامل على أي شكل من أشكال الإعلام، ظناً منها أن السيطرة على الإعلام سوف تُغيّر الواقع إلى أفضل حال ودون عمل، وفي كل مرة تأتي التبريرات تحت مُسميات كبيرة، تارةً (الأمن القومي) وتارةً أخرى (القيم الوطنية الكبرى)، وفيما هي تُقر بقوة الإعلام الإلكتروني وتفوقه على الإعلام الرسمي بالمُقابل تجتهد في سَد أي مَنفذ يُمكن أن تخرج منه المعلومة، والنتيجة الطبيعية لكبت المعلومة هي انتشار الشائعات والمعلومات المغلوطة التي يفوق ضررها نشر الحقيقة عارية.
وزير الإعلام أحمد بلال، مُتحدثاً في البرلمان عن قرب الانتهاء من إنشاء مركز خاص بمراقبة الإعلام الإلكتروني، حديث الوزير يقرأ مع مشروع القانون الذي يُناقش حالياً عبر لجنة شكلها وزير العدل، وحسب المتوفر من معلومات فإن مشروع القانون الجديد سيشمل النشر الإلكتروني.. قبل فترة قال أحد المسؤولين إن حوالي 90% من المترددين على مواقع التواصل الاجتماعي سلبيون، وهناك اعترافٌ من قبل الحكومة أن الإعلام الإلكتروني هزم الإعلام الرسمي.
المشكلة أن السلطة لا تريد طرح السؤال المُهم، لماذا فشل الإعلام الرسمي في عكس صورة حسنة كما تريد هي، ولماذا ينهزم أمام إعلام إلكتروني يقوم على “الشائعات” كما تفترض السلطة، ببساطة، لأن ما يحدث في الواقع وأمام نظر وسمع المواطن لا ينتقل كما هو إلى الإعلام التقليدي، وعلى وجه خاص، الحكومي. المواطن القارئ يعيش واقعاً ويقرأ واقعاً آخر، ليس هو ما يعيشه بالضبط، لذلك الطبيعي جداً أن يلجأ إلى وسائط أخرى عله يجد الحقيقة، حتى وإنْ كَانت شَائعة، لأنه فقد مصداقية الوسيط التقليدي فهو مضطرٌ لتصديق وسيط آخر باعتباره لا يخضع إلى سلطة الحكومة ويتمتع بكامل الحرية. كما بات معلوماً، من أين تنطلق شائعات الفضاء الإسفيري، وما الهدف منها.
الذي ينبغي أن تعي له السلطة، أن الخطوات التي تتبعها للسيطرة على الإعلام، سوف تقود إلى نتائج عكسية تماماً، لا سيطرة على الفضاء الحُر ولا رقابة قبلية عليه وهذا أمرٌ يستحيل. الحل أن تفتح الهواء لكل الأصوات لا أن تحاول غلق المزيد من المَنَافذ.. وإنْ كَانت الحكومة مهمومة فعلاً بصورة السودان المُتهم بتشويهها الإعلام الإلكتروني، فالحل في تحسين الأصل ولن يجدي نفعاً “سمكرة” صورة لأصل مُشوه.