سياسية

بوادر حرب أهلية جديدة بجنوب السودان


لم تمض سوى أشهر قليلة على توقيع اتفاق للسلام بين حكومة جنوب السودان والمتمردين بقيادة نائب الرئيس رياك مشار حتى عادت الحرب تدق طبولها من جديد بين مجموعات قبلية والجيش الحكومي في مدينة واو عاصمة ولاية غرب بحر الغزال.

وبينما لم تفصح حكومة جوبا غير الإعلان عن استعادة السيطرة على المدينة بعد معارك وصفتها بالشرسة مع المتمردين، يقول مواطنون إن مهاجمين يدعمهم الجيش الشعبي -الجيش الحكومي- اعتدوا على المواطنين الأبرياء في المدينة وما جاورها من قرى.

وبدا أن دولة جنوب السودان باتت على شفا حرب جديدة وفق ما يقال عن بداية تمرد وسط قبائل الفراتيت التي كانت تقاتل قواتها إلى جانب القوات المسلحة السودانية أثناء الحرب بين الشمال والجنوب، وذلك بالنظر لما يسيطر على علاقة الحركة الشعبية الحاكمة وتلك القبائل من توترات يغطي عليها الطابع القبلي.

ونقل عن منظمات دولية بالمنطقة أن مئات المواطنين لاذوا بالمساجد والكنائس بعد الهجوم المباغت الذي شنه من يعتقد أنهم ينتمون لقبيلة الدينكا بدعم من الجيش الشعبي الذي يتكون غالبه من القبيلة ذاتها وهي الكبرى في جنوب السودان.

قرار جمهوري
وكان رئيس البلاد سلفاكير ميارديت أصدر قرارا جمهوريا بإعفاء والي ولاية “واو” وايا نيبوك، وهو جنرال احتياطي في الجيش الشعبي لتحرير السودان، إثر انتشار إطلاق نار كثيف داخل المدينة وبعيد إعلان الجيش حظرا للتجوال من طرفه دون أن تعرف الأسباب الحقيقية لذلك، وفق مواطنين من الفراتيت.

وعن ذلك قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من مقرها في جنيف، إن تجدد الاشتباكات في مدينة واو وحولها أجبر الآلاف على الفرار بسبب الخوف على حياتهم، مبدية في بيان لها السبت قلقها البالغ إزاء العواقب الملقاة على السكان المدنيين.

فارس النور دلدوم أحد أبناء واو يقول إن هجوما مباغتا شنته مليشيات قبلية في الساعات الأولى من صباح السبت والأحد مما أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين واحتماء بعضهم بالمساجد والكنائس بالمنطقة.

ويؤكد للجزيرة نت أن الجميع لم يتمكن من معرفة هوية المهاجمين “لكنهم مدعومون بالجيش الشعبي القومي”، واصفا الأمور بالمنفلتة في مدينة واو وما جاورها من قرى.

نهب وسلب
ويشير إلى أن المهاجمين عمدوا إلى نهب وسلب كل مدخرات المواطنين من الغذاء “مما يفسر أن المجاعة التي تضرب مناطق واسعة في دولة الجنوب قد وصلت ذروتها”، بحسب تعبيره.

ويقول إن الهجوم كان منظما بشكل غريب “وكأن الجيش القومي يشكل حماية لهم”، معتبرا أن المجتمع الدولي أصبح حالة ميؤوسا منها في ظل كيله بعدة مكاييل في الأمر الواحد.

من جانبه يتوقع الخبير في شؤون جنوب السودان عبد الرسول النور أن يكون الأمر تمردا جديدا في المنطقة بقيادة أبناء قبائل “الفراتيت” ولربما تدعمهم وتتحالف معهم بعض القبائل الأخرى مثل النوير وغيرها من القبائل التي تناصب الدينكا شيئا من العداء، وفق رأيه.

ويقول إن مجموعات قبائل الكريش والأفورقي وبعض القبائل الأخرى المنتمية للفراتيت والتي يمتد وجودها حتى الحدود مع ولاية جنوب دارفور السودانية، ستجد نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها طالما وصلت الأمور إلى حد دعم الجيش الشعبي لبعض المهاجمين.

وبرأيه فإن عنصرا جديدا ربما لعب دورا في التمرد أو ما يعتبره المحليون دفاعا عن النفس “إذا ما وضعنا في الحسبان النسبة العالية لأعداء الحركة الشعبية الحاكمة في المنطقة”.

ويشير في تعليقه للجزيرة نت إلى بواعث خصومة سابقة بين الحركة الشعبية الحاكمة والمتمردين من أبناء الفراتيت الذين كانت قواتهم تناصر القوات المسلحة السودانية في حربها ضد التمرد قبل انفصال الجنوب.

عماد عبد الهادي-الخرطوم
المصدر : الجزيرة