مزمل ابو القاسم

أبو السيد في إثر مجيد


* نعى الناعي (أبو السيد)، في العشر الأواخر.

* مميزون أهل المريخ حتى في مواعيد الرحيل.

* سيد سليم.. أحد أشهر الأسماء في تاريخ الكرة السودانية.

* كثيرون عرفوه كمدرب، وعرفناه نحن كصديق وإنسان، حلو المعشر، حاضر البديهة، واسع الاطلاع، غزير المعرفة بأمور كرة القدم، وخبرناه رياضياً من طراز فريد.

* من يعرف أبو السيد لا يملك إلا أن يحبه.

* ما جلس في مكان إلا جذب الأنظار إليه بصوته الجهور ومنطقه القوي، وأسلوبه الساخر، وثقافته الواسعة، وعلمه الغزير وسخريته اللاذعة.

* لو أردنا أن نستذكر سيرة أفضل المدربين في تاريخ الكرة السودانية فسنضع أبو السيد في مقدمتهم، مع الراحل المقيم عبد الفتاح حمد، وسيأتي بعدهم محمد عبد الله مجذوب، الشهير بمازدا، وبرهان تية.

* تميزت الأسماء المذكورة أعلاه بنجاحها في تحقيق بطولات خارجية للمنتخب الأول والمريخ.

* لكن سيد سليم تميز عليهم بأنه كان أول من نجح في خرق جدار سجن المحلية الضيق، عندما قاد المريخ للفوز ببطولة سيكافا الأولى، تنزانيا 1986!

* ثلاثون عاماً مرت على تلك اللحظات الندية، والذكريات الجميلة ما زالت حية.

* أمس الأول جلست مع سعادة الفريق منصور عبد الرحيم والأخ الحبيب أحمد عبد المطلب، نستذكر سيرة الراحل المقيم، الحبيب عبد المجيد عبد الرازق رحمة الله عليه.

* قلت لهما إنني أرغب في معاودة الكتابة عن (مجيد) لأنني أحس أنه لم ينل ما يستحقه من إنصاف.

* اليوم وجدت نفسي مضطراً لرثاء سيد سليم.

* هناك أشخاص يصعب نسيانهم، لأنهم (يحفرون) آثارهم في النفوس، ويتركون لمستهم المميزة عند الآخرين، فيستعصون على النسيان.

* ذكرياتي مع مجيد وأبو السيد لا تنسى.

* جمع الاثنان بين قوة الشخصية وخفة الظل والتميز، كلُ في مجاله.

* مجيد صحافي رياضي سيظل يحمل لقب الأفضل والأميز في مهنته حتى بعد مرور قرن على رحيله.

* وأبو السيد سيظل يحتفظ بلقب بطل الكؤوس المحمولة جواً أبد الدهر، لأنه ميز نفسه على بقية مدربي السودان عندما قاد المريخ للفوز بلقب بطولة سيكافا للأندية في العام 1986!

* وقتها خرجت الخرطوم عن بكرة أبيها لتستقبل أبطال موانزا، واندفعت جماهير المريخ نحو مطار الخرطوم، واقتحمت أسواره وفتحت أبوابه لتحمل اللاعبين على الأعناق من سلم الطائرة.

* لا نستطيع أن نستذكر سيرة سامي عز الدين وبريمة وأبو عنجة وعادل أمين وعصام الدحيش وصديق العمدة وطوكراوي وإبراهيم عطا وكمال عبد الغني وعاطف القوز ونزار الخليفة وعطا أبو القاسم وقلة وعيسى صباح الخير ومامون صابون ودحدوح وبدر الدين وبقية المجموعة التي ظفرت بأول لقب خارجي في تاريخ الأندية السودانية.

* كذلك لن ننسى المرحوم دقنو، ومازدا، رفيقا درب أبو السيد في ذلك الإنجاز الكبير.

* قدرات سيد سليم في مجال التدريب لا تحتاج إلى إسهاب.

* لكن قدرته على التواصل مع الآخرين تستحق التنويه، لا سيما وأنه بدأ السلم الرياضي من أوله، ولعب لعدة أندية في مدني، وانتقل إلى نادي الهاشماب قبل أن يرتدي شعار المريخ في منتصف الخمسينيات، ويقدم معه أرفع المستويات، ويرتدي شعار المنتخب الوطني.

* من شاهدوا سيد سليم بشعار المريخ لم يستطيعوا نسيان التمريرة البديعة التي منحها للمرحوم طلب مدني وسجل منها الأخير هدفاً جميلاً كفل به للمريخ الفوز على الهلال في مباراة قمة افتتاح إستاد الخرطوم.

* درب سيد سليم المريخ في عدة عهود، وكنت شاهداً على آخر فترة تولى فيها تدريب الفريق، في العام 1995 تقريباً.

* وقتها كان المريخ يعيش مرحلة انتقالية، بترجل معظم أقطاب وأعمدة مريخ مانديلا، وأفول نجم بعضهم.

* كان بريمة وكمال عبد الغني وفتح الرحمن سانتو وعيسى صباح الخير وسكسك وباكمبا ما يزالون مع الفريق، لكن عطاءهم بدأ في التراجع.

* رافقت الفريق في رحلته الشهيرة لمدينة كسلا، التي استضافت إحدى مجموعات التصفيات المؤهلة للدوري الممتاز، وضمت مجموعة المريخ هلال بورتسودان (بقيادة الكوتش حسون)، ومريخ نيالا والشعلة سنار.

* فاز المريخ على الشعلة ومريخ نيالا وعانى الأمرين في مباراته مع هلال بورتسودان، الذي كان يضم مجموعة من أميز اللاعبين وقتها، بقيادة الساحر فائز نصر الدين.

* في تلك المباراة تعرض المريخ إلى ضغط شديد، فانفعل أبو السيد، وأدخل الشبل إدوار جلدو بديلاً في منتصف الحصة الثانية.

* تهاون إدوارد في إبعاد إحدى الكرات، وحاول أن يراوغ بها أحد المهاجمين ففقدها وكادت تتحول إلى هدف في شباك بريمة.

* انفعل أبو السيد، وصح بأعلى صوته: (يا جون.. يا بيتر.. يا جوزيف.. ثم التفت إلى الموجودين في الدكة قائلاً: ده اسمو منو)؟ قالوا له (إدوارد)، فقال لهم: الدخلو منو، فضحكوا وقالوا له (دخلتو إنت) فصاح بأعلى صوته: عايز يكتلني؟

* أفلح المريخ في احتلال صدارة المجموعة، وابتعد بعدها أبو السيد عن تدريبه، حتى تمت الاستعانة به كمستشار للجهاز الفني والمجلس في أحد مجالس الوالي.

* سيد سليم يستحق أن تخلد ذكراه في المريخ بإطلاق اسمه على أحد مرافق النادي أو الإستاد، لأن ما قدمه للأحمر يستعصي على النسيان.

* وداعاً (الخبير) الإنسان.. والمدرب المتمكن، والرياضي الخلوق سيد سليم، (إنا لله وإنا إليه راجعون).

آخر الحقائق

* كان أبو السيد عصبياً بعض الشيء في عمله كمدرب، لكن عصبيته كانت محببة حتى للاعبيه.

* وضع سيد سليم لبنات الفريق القوي الذي حقق للمريخ أول وآخر بطولة قارية في تاريخ الكرة السودانية.

* فقدنا رئيس الرؤساء مهدي الفكي واللواء فيصل والفاتح المقبول، وفقدنا أبو السيد ودقنو وصديق العمدة وسامي عز الدين ودلدوم ومجيد وعدد كبير ممن شهدوا وشاركوا في ذلك الإنجاز الكبير.

* نتضرع للمولى عز وجل أن يطيل عمر الزعيم ود الياس، الذي قاد أول بعثة ظفرت بكأس جوي في تاريخ الأندية السودانية.

* طبيعي أن يغلق نادي المريخ أبوابه حداداً على (أبو السيد).

* وطبيعي أن تنهب سيارات المريخ طريق مدني الخرطوم في الطريق إلى مدني لأداء واجب العزاء في سيد سليم رحمة الله عليه.

* حالت ظروف سفرنا إلى خارج السودان دون مشاركتنا في مراسم التشييع والعزاء.

* حصر ما قدمه سيد سليم للزعيم صعب.

* خدمة طويلة وممتازة، ابتدأت في خمسينيات القرن الماضي، وامتدت مطالع الألفية الجديدة.

* ارتدى شعار المريخ ودربه ورشح له أفضل اللاعبين.

* عندما فكر الهلال في التعاقد مع سيد سليم في تسعينيات القرن الماضي ثارت ثائرة أهل المريخ ورفضوا الخطوة فاستجاب لهم أبو السيد.

* درب المنتخب الوطني الأول عدة مرات، وشارك في تأهيل مئات المدربين.

* سيد سليم من القلة الذين استحقوا لقب (خبير) في مسيرة الكرة السودانية.

* نعزي ابنه الزميل سامح، وذويه في أرض المحنة، وكل رياضيي مدني السني.

* ارتبط شهر رمضان في أذهاننا بفقدان عدد من أعمدة مجتمع المريخ.

* آخر خبر: وداعاً عراب مريخ موانزا ومانديلا.