نور الدين مدني

الخروج البريطاني Bre- exit وتنامي العنصرية


* نحن الذين تفتح وعينا السياسي مع تمدد الأفكار الإنسانية التي تربط بين بني البشر أجمعين وقيام الدول على أسس المواطنة ومبادئ الديمقراطية والعدالة وكفالة الحريات والتعايش الإيجابي مع كل المكونات المجتمعية نفجع كلما طفحت على سطح المجتمعات الإنسانية إتجاهات إنكفائية تعود بها إلى العنصرية البغيضة.
*لذلك تابعنا بقلق تداعيات نتائج الإستفتاء الذي أجري في بريطانيا التي جاءت لصالح الخروج من الإتحاد الأوروبي‘ الأمر الذي جعلت العالم كله ينشغل بحسابات ذلك الخروج على الإقتصاد العالمي الذي لديه ما يكفيه‘ وعلى علاقات بريطانيا مع دول الإتحاد الاوروبي والعالم أجمع.
*في البدء لابد أن نذكر هنا أننا كنا من المستبشرين بتجربة الإتحاد الاوروبي التي جاءت ثمرة إجتهادات مقدرة إبتداء بمشروع رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل”الولايات الأوروبية المتحدة” و”الجماعة الأوروبية للفحم والصلب” ثم “السوق الأوروبية المشتركة”.
*كنا ننظر لتجربة الإتحاد الأوروبي ولتجربة الإتحاد الافريقي التي بذلت مجهودات مقدرة في محاصرة النزاعات والحروب الاهلية في أفريقيا‘ ننظر إليهما بعين والتقدير والإعتبار في مواجهة حركات الإنفصال والإنكفاء على الذات العنصرية.
*لذلك فإن مخاوفنا من الخروج البريطاني لاتنحصر في الاثار المترتبة سياسياً وإقتصادياً بقدر ما يزعجنا تنامي التيارات العنصرية البغيضة حتى داخل بريطانيا نفسها‘ وأثر ذلك على وحدة بريطانيا والسلام المجتمعي بها وحقوق المواطنين من أصول إثنية مختلفة.
*نعلم أن أمر الخروج البريطاني من الإتحاد الأوروبي قد يستغرق زمناً طويلاً خاصة إذا تم الإحتكام للمادة 50 من إتفاقية لشبونة التي قد تتطلب أيضاً فترة زمنية للتشاور مع الدول الاوروبية الأخرى‘ لكننا ننبه للمخاطر التي بدأت تطفح بالفعل على سطح المجتمع البريطاني مثل الإساءات العنصرية المسيئة للبولنديين وللمهاجرين من جنسيات أخرى.
*لقد أحدث الإعلان عن قرار الخروج البريطاني من الإتحاد الاوروبي ربكة في الحياة السياسية في بريطانيا وداخل أروقة الحزبين الكبيرين ‘ حزب المحافظين وحزب العمال الامر الذ ينذر بمخاطر تهدد الإستقرار السياسي والإقتصادي والأمني في بريطانيا.
*إضافة لذلك فإن هذا الخروج سيفتح شهية العنصريين في دول اوروبية أخرى في دول أخرى وفي العالم للإنكفاء على الذات وقفل الحدود أمام الاف المهاجرين الذين إضطروا لمغادرة يلادهم المنكوبة بالخلافات والنزاعات والحروب المدفوعة من “الخارج” ليواجهوا في ” العالم الحر” بنيران الصد العنصرية البغيضة التي أفرزت تيارات العنف الرافضة للسلام والتعايش الإيجابي مع الاخر وقوت شوكتهم حتى صاروا سرطاناً إرهابياً إنتشر في جسم العالم وفي بلادنا خاصة.