احلام مستغانمي

بربّكم.. ماذا نسأل الله في رمضان ؟!


ننتظر رمضان، لنتقرّب إلى الله بالدعاء والسؤال. فالدعاء عبادة عظيمة، وهمومنا في هذه الدنيا كثيرة، وليس لنا إلاّ الله نقف عند أبوابه المفتوحة في هذا الشهر الفضيل.
دوماً، كان دُعاء الخطيب بعد صلاة الجمعة أحبّ اللحظات إلى قلبي. أماّ أغلاها وأشدها تأثيراً على نفسي ونفوس المسلمين، فما يلي صلوات التراويح والتهجُّد من أدعية، تُرفع إلى الله في عُمق الليل، تُرافقها دموع المتضرّعين «دون الجهر بالقول». فقد كان الخطيب يدعو عنّا ولنا، وللمسلمين جميعاً، فنُتمتم « آمين»، واثقين من كرم الله وقربه من الذاكرين السائلين.
فما الذي غيّر الحال؟ لماذا غدت أدعية الخطباء في الصلوات تزيد من مواجعنا، سواءً رفعوا إلى الله لائحة أمانينا، وقائمة مصائبنا العربية بالتفاصيل التي تُوقِظُ جراحنا وتُبكينا، أو اختصروها لكثر المصاب في الدُّعاء جملةً للمسلمين؟
بعد جَرْدة لدعواتنا على مدى جيلين، يبدو أن المصائب في ازدياد، ما استدعى اختصار دعوات الخطيب رَحْمَةً به وبنا. كتب أحدهم يقول :
«في طفولتي، كان خطيب الجمعة يدعو: اللّهُمَّ انصر إخواننا في فلسطين. كبرتُ، فأصبح خطيب الجمعة يدعو: اللّهم انصر إخواننا في فلسطين وأفغانستان والشيشان. ثم كبِرت، فدعا خطيب الجمعة: اللّهم انصر إخواننا في فلسطين وأفغانستان والشيشان والصومال والعراق. ثمّ كبرت، فدعا خطيب الجمعة اللّهم انصر إخواننا في فلسطين وأفغانستان والشيشان والصومال والعراق وسوريا وليبيا واليمن وبورما. وعندما كبرت أكثر، صار الخطيب يريح حاله ويقول: «اللّهم انصر المسلمين في كل مكان».

على مدى ستين سنة بكينا كلّما دعى الإمام للقدس وفلسطين، ولنصرتها على أعداء المسلمين. وجاءت جريمة العالم في حق العراقيين، فبكينا لعشر سنوات، كلّما في دعاء جاء ذكر مآسي العراق. أثناء ذلك، كنّا نبكي لبنان، كلّما تعرّض لقصف أو احتلال، ونبكي الجزائر على مدى سنين عشر، مات خلالها مئتا ألف جزائري في حرب عبثيّة، ما وجدنا لها من صفة فسمّيناها «العشرية السوداء».
ثم، بدأت أوطان بكاملها تنهار أمامنا ، فجفّت مآقينا وخفَت صوتنا، ونَابَ عنّا القلب بالبكاء، بعد أن أُصبنا بشلل الذهول. ذلك أننا أصبحنا لا ندري لمن ندعو وعلى مَن، وقد غَدَا المسلمون أعداء أنفسهم، وهم القاتل والظالم والقاصف. ولا ماذا نطلب من الله، ونحنُ لا ندري، هل الذين ندعو لهم سيكون فيهم خَيْرَنَا أم هَلاكَنَا ؟
اللّهم ما عدنا ندري ماذا نطلب منك . . إنا أوليناك أمرنا فقرر عنّا !!