عبد الجليل سليمان

(ريكامو) و(وبوسري) خارطة الطريق


يعتقد الدكتور التجاني الماحي، بحسب تقرير توثيقي في هذه الصحيفة، أن كلمة زار بلغة الأمهرا تعني شياطين بالعربية، وأن الزار منشأه الحبشة ومنها انتشر إلى مصر والسودان وخلافهما، إلاّ أن واقع الحال مما يحدث هنا من مفاوضات عبثية وحروب أكثر عبثًا و فسادًا وإفسادًا تؤكد أن الزار مصدره هذه البلاد العجيبة. ليس ذلك فحسب بل أن التاريخ يقول ذلك، ونختلف مع الراحل العالم النفساني الجليل التجاني الماحي ونقارعه الحجة وفي أيدينا دلائل وأسانيد.
لكن، قبل أن نفعل، علينا بالحكومة والمعارضة أولاً، إذ تبدوان كمصابتين بالزار (ملبوشتان) به، فالمُعارضة تبدو وكأنها مُصابة بزار (ريكامو)، وهذا نوع يتسبب في (لبشة) قوِّية ناتجة عن غضبةٍ مُضرِّية أو رهاب (فوبيا) إزاء أمر ما، و لا شك أن عبارة (التوقيع على خارطة الطريق) هي التي تسبب الزار الريكامو للمعارضة خاصة ما يسمى منها بقوى نداء السودان والجبهة الثورية، أما (لبشة) حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور، فتنسب إلى نوعين من الزار أحدهما يسمى (يوسي) والثاني (أولاد ماما)، يتلازمان ويتعاضدان فيصرعان صاحبهما ويمسكان بتلابيبه، لا ينفكان فيسببان له ثأثأة في الكلام و(رجفة) في الشفة السفلى، وحركة دوؤبة في الرأس ذات اليمين وذات اليسار، ولا يغادرانه إلاّ بدمٍ يراق وعطر يُرش ومشروب (روحاني) يُحتسى، وسجائر يدخن وتُمْجُ أنفاسه مجّاً، أما بقية أطياف المعارضة بمن فيهم الإمام الصادق المهدي، فزارهم خفيف، وكلامهم لطيف وخطابهم ظريف، لذلك لا يصلحون أمثولة في هذا الصدد الصقيل الكثيف.
أما الحكومة، فإن زارها عجيب ولبشتها رهيبة، لذلك فلا بد أن نستدعي لها روح الراحل التجاني الماحي خاصة وهي تفاوض في بلاد الحبشة، إذ يقول: ” عرف الزار أول ما عرف في بلاد الحبشة، و(يوسي وبوسري وأولاد ماما والريكامو) أسماء حبشية لشيوخ زار، وكلمة (زار) نفسها كلمة حبشية أمهرية معناها الشياطين، وقد هاجر الزار من الحبشة إلى مصر والسودان”.
والحال، وبعد أن اقتبسنا أعلاه، من الماحي، نظن أن الزار عندما هاجر من الحبشة إلى السودان حل مباشرة في هذه الحكومة لا سواها، وإلاّ ما الذي دهاها وهي تتوسل أمريكا كل هذا التوسل؟ ( أرفعوا عنا) العقوبات، أرحمونا، تعبنا، لماذا تعاقبونا، وهكذا كالملبوشة بزار (خواجي) تطارد الحكومة اليانكي ليل نهار ودون هوادة، فما هذا؟ أليست البادئة بالأناشيد الحماسية و(الطاغية الأمريكان، ودنا عذابها) و …. وعلى نفسها جنت براقش، ولم تفق إلا عندما سربلها (زارٌ يرقش).
هذا يؤكد أن الزار لم يهاجر من الحبشة إلى السودان، كما ظن التجاني الماحي وإنما العكس، فسكان جنوب مصر (شمال السودان) ما بين النيل والبحر (البلميين)، كانوا يعبدون آلهة خاصة بهم، وكان كبير آلهتم اسمه الإله (جار)، وبعيد تقهرقهم إلى الحبشة الحالية جراء انتشار اليهودية والمسيحية، أطلق الأحباش على كبير آلهتهم (زار) تحويرًا لـ(جار) ثم بعد أن انخرط معظهم في الديانيتين الكبيرتين، صارت عبادة الإله جار مجرد تراث بالنسبة لهم، وكذلك لجيرانهم.
إذًا (الزار) ليست كلمة أمهرية، بل كوشية، تعني كبير الإلهه، وبالتالي فمعناها ليس شياطين، وإن كان ما تفعلانه المعارضة والحكومة بهذا الشعب تعجز عنه الشياطين نفسها.