أبشر الماحي الصائم

الحياة يصنعها البسطاء


* بفضل الله تعالى، ثم بفضل احتدام الوعي المجتمعي الذي ساهمت نهضة تقنيات التواصل الحديثة في تنميته وترابطه وتحفيزه، بفضل ذلك أصبح المجتمع يشارك بقوة في صناعة الأحداث، بحيث تكمن قيمة هذه الثقافة في عمليات معرفة المجتمع بواجباته وكوامن قوته، على أننا مجتمع سوداني تقليدي ظل زمنا طويلاً رهيناً وحبيساً للفعل الحكومي، الحكومة وحدها هي التي تصنع الأحداث وليس أمام المجتمع إلا فضيلة الاستهلاك، حتى أن معظم آلياتنا الإعلامية بما فيها الصحافة، ظلت هي المستهلك الرئيس لصناعة أحداث الحكومة، دونما المشاركة بصناعة مبادرات حقيقية لصالح الدولة والشعب والأجيال والمستقبل، وتكتفي وتنكفئ بالمشي وراء المجتمع والدولة والحكومة !!
الآن نستطيع القول إن المجتمع أصبح شريكاً في صناعة الأحداث، وذلك عبر مؤسساته وآلياته المدنية مما يجعل الحكومة في بعض الأحيان هي التي تحتاج إلى أن تركض خلفه للاستدراك والتصويب لبعض الأحداث، وأسوق هذا الحديث بين يدي حدثان اثنان فرضا سطوتيهما المهنية على أخبار آخر الأسبوع المنصرم .
* الحدث المجتمعي الأول كان أبطاله أسرة بنك النيل بالخرطوم، حيث يقول الخبر: في بادرة إنسانية فريدة قام أعضاء قروب أبناء النيل بالواتساب الذي يتكون من عدد كبير من العاملين ببنك النيل للتجارة والتنمية، قاموا بتكريم عامل الأورنيش عادل أحمد عثمان الذي ظل يعمل أمام بوابة البنك لأكثر من عشرة أعوام، وقد تم الاحتفاء به وتكريمه بوجود السيد هشام التهامي عبدالله المدير العام بالإنابة الذي قدم كلمة رصينة ومعبرة في حق المحتفى به و.. و..
* والذي أطربني في ثنايا تراجيديا الحدث الثاني، هو أن تصدرته طرفة بليغة تقول: إن سيدة فتحت باب منزلها على سمع صوت صفارة فوجدته رجل النفايات، فقالت لابنها (ديل ناس الوساخة ودي ليهم أكياس الزبالة دي).. فقال لها الرجل (بل نحن ناس النظافة وانتو ناس الوساخة)!!
* وفي بادرة هي الأخرى تستحق الاحتفال والاحتذاء.. أقامت الأمانة الاجتماعية بحزب المؤتمر الوطني إفطاراً محضوراً لعمال النظافة بمحلية الخرطوم، الإفطار الذي شرفه بالحضور والحديث السيد إبراهيم محمود نائب رئيس الحزب، الذي أكد أهمية هذه الشريحة المجتمعية وأعلى من قدرها ودورها، كما بث في شرايين المشروع بعدة بشريات تتمحور في المزيد من التحفيز للعاملين، وفي المقابل ضخ المزيد من الآليات الجديدة والإرادة لجعل الخرطوم العاصمة الأنظف ..
* ومهما يكن من أمر، فإنه يحق للحزب الحاكم أن يبيع ويشتري سياسياً على قارعة موائده الرمضانية، طالما قدم لنا في المجتمع خدمة قيمية حقيقية، بل ليت كل مؤسساتنا الحزبية تجعل من ماراثونات أعمال البر والخير مواسم لمسابقاتها وتنافساتها !!
* على أننا في المجتمع السوداني ينتظرنا الكثير لنفعله في مضمار حراك المجتمع المدني، كبقية الدول التي تقدم مجتمعها علي حكوماتها في كثير من الميادين الإنسانية.. فتلك مروءة.. لعمري.. أولى بها المجتمعات الإسلامية.. أتم الله علينا نعمة الصيام والقيام والإيمان.