تحقيقات وتقارير

القرار الأممي الجديد 2296.. تقوية الحكومة وإضعاف المعارضة


سبق وأشرت في أكثر من مقال مؤخراً بأن المعارضة خاصة المسلحة أخطأت كثيراً بعدم التوقيع على خارطة الطريق، وتخطئ أيضاً في مواصلة الرفض وستفقد كثيراً من مصداقيتها أمام جماهيرها لأنها سوف تجبر على التوقيع دون أي تعديل في خارطة الطريق.. قرار مجلس الأمن رقم 2296 الذي صدر الأربعاء 29 يونيو 2016 بالإجماع فيه أكثر من إدانة وشجب لموقف المعارضة المدنية أو المسلحة في عدم التوقيع على خارطة الطريق.
صدر القرار في صالح الحكومة السودانية بدرجة كبيرة، إذ اعترضت إحدى عشرة دولة على فقرة تطالب بزيادة عدد اليوناميد وزيادة معداتها وآلياتها، وتمت إجازة القرار بالتمديد تحت الفصل السابع دون أية زيادة أو نقصان في قوة اليوناميد الحالية، في حيثيات القرار فقرة كاملة لأول مرة تكتب بهذا الوضوح إذ تقول: (يؤكد المجلس احترامه والتزامه بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وعزته في أراضيه، ويعبر عن رغبة مجلس الأمن في العمل مع حكومة السودان بكل تقدير لسيادته لإيجاد حلول لكل التحديات التي تواجهه)..

ويشير القرار في حيثياته الى اعتراف مجلس الأمن بالحوار الوطني الذي بدأ في الخرطوم في اكتوبر 2015م، ويشيد بجهد حكومة السودان في إكمال الحوار، وأيضاً يؤكد المجلس أن الحوار الحالي ليس شاملاً بالقدر الكافي لأنه لم يضم كل أطراف المعارضة السودانية.
تمضي حيثيات القرار المهمة لتقول أن بعض الحركات المسلحة تعيق عملية السلام، وأصرت على مواصلة العنف، كما يطالب مجلس الأمن حركة العدل والمساواة بالإفراج عن أعضاء حركة محمد بشر الذين تم اختطافهم في مايو 2013 بواسطة حركة جبريل (العدل والمساواة)، ويدين مجلس الأمن أي فعل من أي فصيل مسلح يسعى الى إزالة النظام الحالي بالقوة.. هذه في تقديري أقوى فقرة في هذا القرار لم تذكر في كل القرارات السابقة- إذن مجلس الأمن يرفض اقتلاع النظام الحالي عليه وبالرغم من أن ذلك لا يلزم اية معارضة من أي فعل إلا أنه يؤكد أن اقتلاع النظام بالقوة لن يجد تأييداً أو سنداً دولياً.
القرار من حيثيات في ثلاث صفحات ومن (35) مادة

أكثر الحيثيات وروداً في القرار هي الناحية الإنسانية ومعاناة المدنيين الذين كما ذكرهم القرار 3.3 مليون مواطن، منهم 2,6 نازحين والبقية في ستين معسكراً، وقال القرار إن هذا العدد تزايد ووصل الى هذا الرقم طوال عام 2015 حتى منتصف يونيو 2016م، وتشير المواد والحيثيات الى توقف الحرب في دارفور في ما عدا ما حدث في جبل مرة مؤخراً، الذي استعمل فيه قصف جوي أدى الى موت أبرياء ونزوح الآلاف وتزايد العنف ضد المرأة والأطفال- المادة الأولى تجدد لليوناميد لمدة عام حتى يوليو 2017 دون زيادة في عددها البالغ 15,845 عسكرياً و1583 شرطياً و13 وحدة شرطة بكل واحدة 140 فرداً.
المواد (2)، و(3)، (4) تحدد الأهداف التي يجب تحقيقها بواسطة اليوناميد قبل التفكير في سحبها بموجب تقرير من الأمين العام للأمم المتحدة وهي: (أ) حماية المدنيين في كل دارفور خاصة الأطفال والنساء، (ب) التأكد من سلامة وصول العون الإنساني في الوقت المناسب دون معوقات وتعطيل من الحكومة، مع سلامة موظفي العون الإنساني، المادة (9) تشيد وتؤكد على اتفاقات الدوحة كمرجعية شاملة على مشكلة دارفور، ولكن تؤكد عدم ارتياح المجلس في التباطوء في تنفيذ كل اتفاقات الدوحة.

المادة (10) تشير الى استفتاء دارفور أبريل 2016 ونتائجه في الإبقاء على خمس ولايات، ويرحب بأنه تم في سلام لكن يضع في الاعتبار ملاحظات الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الاتحاد الأفريقي فيما يتعلق بأهلية المصوتين وكذلك توقيت الاستفتاء- المادة (12) يرحب ويتبنى مجلس الأمن جهود الآلية الأفريقية العليا ويطالب حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد بالإنضمام الى التفاوض دون شروط مسبقة، وهذا أمر جديد ومخاطبة لعبد الواحد تحدث لأول مرة من مجلس الأمن.
المادة (13) تشيد بتوقيع حكومة السودان على خارطة الطريق يوم 21 مارس 2016 كما تحث وتطالب الباقين بالتوقيع العاجل عليها لأنها تمثل معلماً بارزاً مهماً في عملية إحلال السلام الشامل في السودان.

المادة (14) تشجع الحوار الدارفوري الدارفوري وتشيد بالحكومة وبقرارها لسداد مليون دولار، وهو نصف التزامها بهذا الحوار، وكذلك تشيد بمساهمة الاتحاد الأوروبي في الحوار نفسه بمبلغ (800,000) يورو.
المادة (15) تطالب بالوقف الفوري للحروبات القبلية.
المادة (16) يؤكد المجلس قلقه العميق بتوفر وتدفق الأسلحة الخفيفة بين المواطنين، الذي يؤدي الى زعزعة الأمن والسلم الاقليمي، ويشيد المجلس بقرار حكومة السودان في جمع السلاح وقفل المنافذ الحدودية لتدفقه.
المواد (17) حتى (20) تتحدث عن اليوناميد وضرورة تعاون الحكومة معهم وعدم تعطيل تحركاتهم أو تعطيل وصول المواد التموينية لهم.
المادة (21) تدين كل خروقات للقانون الدولي الإنساني والمساس بحقوق الإنسان وحوادث الاغتصاب والقصف العشوائي للمدنيين.
المادة (22) تشير الى عمق قلق المجلس من التدهور المتواصل في النواحي الإنسانية في دارفور والهجوم على الأبرياء وإعاقة الحكومة السودانية لتحركات اليوناميد وموظفي الإغاثة، مما جعل عدداً كبيراً منهم يغادر ويرفض العمل ويرفض المجلس قيود الحكومة ومنعها لمنسوبي الأمم المتحدة من دخول بعض المناطق في شمال ووسط دارفور.

المادة (23) تدين تزايد جرائم خروقات حقوق الإنسان وموت الأبرياء.
المادة (24) تطالب اليوناميد بمراقبة ما يحدث من خروقات ضد الإنسانية والتأكد منها ثم لفت نظر حكومة السودان.
المواد (25) الى (27) تتحدث عن التنسيق بين اليوناميد ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى في دارفور.
المادة (28) تطالب الحكومة في خطتها إعادة النازحين ومراعاة سلامتهم ورغبتهم في العودة دون قسرهم، وذلك وفق القوانين الدولية الإنسانية.
المادة (29) تطالب كل أطراف النزاع في دارفور بخلق جو مناسب للعودة الطوعية الآمنة للنازحين.
المادة (30) تطالب كل الأطراف بالإمتناع الكامل عن أي تحرش أو اغتصاب أو اضطهاد للمرأة.
المادة (31) تطالب بعدم المساس بالأطفال وتشريدهم أو تجنيدهم في العمل العسكري.
المادة (32) الى (35) مواد عامة تحدد واجبات الأمين العام للأمم المتحدة والتعاون مع الاتحاد الأفريقي، وتحدد أن مهمة اليوناميد لم تنجز بعد حتى يبدأ التفكير في سحبها قبل تحقيق مهمتها وتطالب الأمين العام بتقارير كل 3 أشهر مفصلة عن الأوضاع في دارفور خاصة الجرائم ضد المدنيين.
هذا هو القرار 2296 تحت الفصل السابع كسبت فيه الحكومة المباراة بما يلي:

أولاً: احترام سيادة السودان ونظامه الحالي.
ثانياً: عدم التفكير في إزالة النظام واقتلاعه بالقوة.
ثالثاً: الإعتراف باتفاقات الدوحة
رابعاً: عدم زيادة أو تقوية اليوناميد
خامساً: الاشادة بالتوقيع على خارطة الطريق وإدانة المعارضة في ذلك.
سادساً: الاعتراف بالحوار الوطني الحالي
سابعاً: التأكيد على سلامة السودان ووحدته.
كسبت المعارضة تركيز القرار على تدهور الأوضاع الإنسانية في دارفور ونقد استفتاء دارفور من ناحية أهلية الناخبين وتوقيت الاستفتاء بالرغم من الإشادة به شكلاً- يعني النتيجة النهائية (7) (2) لصالح الحكومة، وكل ذلك بسبب عدم توقيع المعارضة على خارطة الطريق والإصرار على اقتلاع الإنقاذ بالقوة كهدف وحيد، وسيلته الانتفاضة الشعبية السلمية وغير السلمية مدعومة بتحركات وهجمات الجبهة الثورية داخل المدن بما في ذلك العاصمة.

تقرير: عمر البكري أبو حراز
صحيفة آخر لحظة


تعليق واحد