تحقيقات وتقارير

على باب العيد .. خُرد ضمن أسطول النقل العام .. إفساد متعة السفر


لا صوت يعلو على صوت وسائل النقل القومي هذه الأيام، فالصراع كان احتدم أولا بين إدارة البصات، وهي بالطبع وسائل النقل الأشهر والأكثر انتشارًا واستخدامًا في السودان، ووزارة النقل والطرق والجسور التي أجبرت الأولى على التراجع عن الزيادة في تعرِفة التذكرة مطلع شهر رمضان، لكن ورغم أن قيمة التذكرة لم تتم زيادتها رسميا إلا أنها في واقع الحال تمت مضاعفتها لأكثر من مرة، والمحظوظ فقط هو من يتمكن من الحصول على مقعد في بص جيد بسعر السوق الأسود وزيادة كمان.. ومن لم يحالفه الحظ سيقع دون شك ضحية للسماسرة و(الركيبين) الذين – لا شك – سيدفعون به نحو بص غير صالح للتنقل بين أم درمان للخرطوم دعك عن (السفر) إلى الأبيض أو الفاشر، وهذا ما حدث لنحو (46) راكباً علقوا في الصحراء الواقعة بين القطينة والدويم، ولولا تدخل الشرطة لحدث لهم مالا تحمد عقباه.

بداية المأساة
لم يكن (حافظ عبدالرحمن علي) التاجر بسوق ليبيا دقيقاً في وصفه فحسب، بل كان في منتهى البلاغة حين وصف حال البص الذى أنطلق بهم أمس الأول (الأربعاء) من السوق الشعبي بأم درمان قاصدا الفاشر بالخردة، الرحلة كانت غير مطمئنة منذ بدايتها كما وصفها حافظ عبدالرحمن، حيث أوضح أنه تهيب البص منذ أن رآه في موقف السفريات بالسوق الشعبي، ولكن لأنه مضطر ويرغب في اللحاق بالعيد مع أسرته في الفاشر قرر السفر على متنه، لعدم وجود بديل، فحجز تذكرته ضمن (46) آخرين كانوا يمنون أنفسهم بقطع ثلثي المسافة بين الخرطوم والفاشر في نفس اليوم، ولم يكن أحدهم يتوقع بأنه ضحية لمقلب أعده سماسرة البصات السفرية لتوريطهم في استخدام بص لا محالة مُصاب بعطب قبل أن يتجاوز مدينة الدويم.
وهنالك يقضي نحو (48) شخصا نهارهم تحت الهجير اللافح إلى أن تتدخل شرطة السوق الشعبي أم درمان، وتجبر مكتب السفريات بالسوق على إرسال بص على جناح السرعة لإنقاذ الركاب. 46 هم عدد الذين يستغلون المقاعد واثنان يقفان على رجليهما كحمولة إضافية، يمنعها القانون.

مقالب متكررة
ما حدث يوم الأربعاء الماضية لركاب البص المتجه لمدينة الفاشر ليس هو الأول بالتأكيد إنما يجوز وصفه بالنهج المتبع سنوياً أثناء زحمة مواسم الأعياد، حيث درج أصحاب مركبات النقل على استغلال ضعف الرقابة على وسائل النقل بإعادة مركبات خرجت عن الخدمة منذ مدة زمنية طويلة للعمل مجدداً (وتوريط) المسافرون فيها مما يقود لحوادث مميتة وتعطيل لحياة الناس كل مرة. ولهذا أجزم من كانوا يستغلون البص الذي تعطل على مشارف الدويم أن الحادث ليس وليد الصدفة بل هو استغلال مدبر لتنفيذه في مثل هذه الأيام التي يتدافع فيها آلاف المواطنين للحاق بالعيد مع أهلهم خارج الخرطوم، ولكنهم يظلون عالقين على الطريق إذا لم يقوض الله لهم شرطياً واعياً بواجبه، كما فعل مدير قسم شرطة السوق الشعبي، بحسب وصف حافظ عبدالرحمن علي، الذي كان ضمن الركاب. فقد بحث حافظ عبدالرحمن بين معارفه إلى أن دله أحدهم على عقيد شرطة يدعي (علي آدم جارو) وهو مدير شرطة السوق الشعبي بأم درمان فاتصل به من فوره وأخبره بأن البص الذي يقلهم أصابه عطب جوار الدويم وجميع الركاب يقفون تحت الهجير دون ظل ولا مكان يستريحون فيه.
ولم تمر لحظات حتى عاود فرد من شرطة السوق الشعبي الاتصال بالركاب وأخبرهم أنهم ألزموا إدارة البص بالسوق الشعبي بإرسال بص آخر فورا لإنقاذ الركاب العالقين في الخلاء، وطلبت الشرطة من الركاب التواصل معهم إلى حين وصول البص الآخر، وفعلا قد جرت الأمور على هذا المنوال إلى أن وصل البص البديل وعاود الركاب سفرهم في تمام الثانية ظهرا.

تنبيه من مجرب
عدَّ (حافظ علي) الأساليب التي يتبعها أصحاب البصات السفرية والحافلات في مثل هذه الأيام مدعاة للعقاب الرادع، لأن أكثر يخدعون الركاب بمركبات غير صالحة للسفر، فتتعطل بهم قبل قطع ربع المسافة، فتعرض حياتهم للخطر، وتمنى لو أن السلطات تتدخل بقوة لمنع وردع أمثال هؤلاء المتلاعبين بسلامة وراحة المواطن الذي ظل يدفع مبالغ غير منطقية وفوق طاقته مقابل الحصول على تذكرة سفر.

الخرطوم – محمد عبد الباقي
صحيفة اليوم التالي


تعليق واحد

  1. نقول للأخ حافظ : إنت محظوظ وصلت لغاية الدويم وبعدها تعطل البص ، أنا مرة ركبت بص من الخرطوم لود مدني ، تحرك بنا البص وعندما وصل الجديد “على بعد 35 كيلو من الخرطوم تعطل ” إنقطع السير ” تم إستبداله بعد جهد جهيد وبعدها تحرك وعندما وصل المسعودية أيضا تعطل لإرتفاع في درجة حرارة المحرك … مما إضطرني للرجوع للخرطوم والعودة ببص من الخرطوم إلى سنار … أكثر من 50% من البصات السفرية خردة ومن المفترض أن يكون هنالك مهندسين من قبل وزارة النقل يقومون بفحص هذه البصات وتقرير ما يرونه بحالها هل تصلح للسفر أم لا …. مسكين المواطن وربنا يلطف به من جشع السماسرة … مثل هذه المشاكل تحصل في كل الخطوط السفرية خاصة البعيدة والركاب يعانون أشد المعاناة ويجب أن تكون هنالك عقوبة رادعة لصاحب البص “فرد أو شركة” ..