تحقيقات وتقارير

ازرعوا الأشجار في الخرطوم


لا يملّ كبار السن عن الترداد أنّ الخرطوم كانت حتى عام 1950 من أنظف وأجمل عواصم أفريقيا والشرق الأوسط.. وهي الآن تحتل مركزاً متقدماً بين أكثر عواصم العالم تلوثاً بالغبار. وهو ما يؤشر إلى تحوّل الأحزمة الشجرية حول المدينة الكبرى إلى مستوطنات، في الوقت الذي فشلت فيه جهود تشجير المدينة كما يؤكد رئيس جمعية فلاحة البساتين، الدكتور نصر الدين شلقامي، العضو الناشط في عدد من المنظمات ذات التوجه البيئي.

يقول شلقامي إنّهم منذ أكثر من عشرين عاماً يتابعون عن قرب جهود التشجير التي تقوم بها جهات في الولاية وجمعيات وهيئات، إلاّ أنّ المحصلة في النهاية ضعيفة جداً. يعزو ذلك إلى عدة أسباب على رأسها عدم الفعالية في خطط وبرامج الجهات المعنية، إلى جانب ضعف التخصصية، وغياب عناصر الاستمرارية، وقلة الخبرة الفنية لدى منفذي المشاريع. ويضرب المثل بعدد من الشوارع، التي زرعت بأشجار لا تناسب بيئة العاصمة، مطالباً بضرورة الاهتمام بزراعة الأشجار المثمرة، بالترافق مع ترك هذه المهمة لهيئة الغابات باعتبارها الجهة المناط بها هذا الشأن.

يتوقع الخبراء أن تتفاقم المشكلات البيئية بصفة عامة، ومشكلة التلوث بصفة خاصة، في المستقبل القريب كنتيجة للتطورات المختلفة لأوضاع التمدد السكاني والتلوث. وهو ما تظهر بعض مؤشراته في التزايد المطرد لمحطات توليد الكهرباء وقربها من التجمعات السكنية. وكذلك، التزايد المطرد للمولدات في المصانع، والمؤسسات لتغطية عجز التيار الكهربائي، وللشاحنات، والسيارات، والناقلات الصغيرة بما تسببه من تلوث. وأيضاً بسبب إزالة الأشجار عن آلاف الفدادين بهدف التمدد السكاني من دون تشجير مساحات بديلة.

في ظل ضعف مردود التوليد المائي في الآونة الأخيرة، تشكل أنباء عن وصول عدد من ماكينات التوليد الحراري، كهدية من إحدى الدول الصديقة، بشرى سارة تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي تُعاد فيه تصريحات المسؤولين بدخول البلاد مرحلة عدم انقطاع التيار الكهربائي. لكن لا أحد يقول إنّنا نعالج مشكلة بأخرى أكبر منها.

ومع أنّ الجميع يعلم أنّ الغطاء الشجري يمتص ثاني أكسيد الكربون، إلاّ أنّ واقع الحال يؤكد أنّ معدل إنتاجه بات أعلى من معدل امتصاصه. وهو ما زاد من نسبة تركيزه في الغلاف الجوي. فالأشجار حول الطرق الإسفلتية تلعب دوراً مزدوجاً في تخفيف حدة التلوث وفي تلطيف درجات الحرارة، إذ تمتص الشجرة نحو 8000 سعرة حرارية في الساعة، مما يؤدي إلى تخفيض الحرارة بمعدل أربع إلى ست درجات مئوية. فأين الصعوبة في الالتزام بزراعة الأشجار والعناية بها؟ ألم يورثنا الأسلاف هذا النهج؟

العربي الجديد


تعليق واحد

  1. نرجو أن يتحقق ذلك .. ويمكن الترويج لهذه الحملة بعدة وسائل منها : 1/ مدارس الأساس والثانويات 2/ الجامعات
    3/ تخصيص برامج بالاذاعات المسموعة والمرئية 4/ الصحف السياسية والرياضية 5/ وزارات الزرعة بكل ولاية