منوعات

مؤامرات النساء في بلاط الفراعنة!


كانت مصر القديمة كأي مجتمع إنساني تمور بحياة عارمة تتأرجح فيها حياة المرء بين المجد الذي لا يضاهى والضعف الإنساني الموجود لدى البشر العاديين أجمعين.

وفي هذا السياق الحضاري المتنوع، لا يمكن إغفال أو تجاهل حياة القصر الملكي – الذي كان يعيش فيه الملك مع أفراد عائلته والمقربين من حاشيته – بكل ما كانت تعج به من أحداث جسام ارتفع بعضها إلى درجات عظمى، وانحط بعضها إلى منازل دنيا من الخيانة والخسة والدناءة.

كانت مصر القديمة كأي مجتمع إنساني تمور بحياة عارمة تتأرجح فيها حياة المرء بين المجد الذي لا يضاهى والضعف الإنساني الموجود لدى البشر العاديين أجمعين.

وفي هذا السياق الحضاري المتنوع، لا يمكن إغفال أو تجاهل حياة القصر الملكي – الذي كان يعيش فيه الملك مع أفراد عائلته والمقربين من حاشيته – بكل ما كانت تعج به من أحداث جسام ارتفع بعضها إلى درجات عظمى، وانحط بعضها إلى منازل دنيا من الخيانة والخسة والدناءة.

وغلبت الغيرة والطموحات والمؤامرات حياة القصور الملكية المصرية القديمة في بعض المناسبات. وامتلأت تلك القصور -التي كانت ملء البصر- بصراعات محمومة لا حدود لها، كانت أحيانًا معروفة للجميع وأحيانًا أخرى مكتومة تحت السطح.

وكان من أهمها الصراع والتآمر على العرش والملك نفسه بين الزوجات الملكيات أمهات أولياء العهود الشرعيين وبين الزوجات الثانويات وأبنائهن الطامحين لحكم مصر بعد رحيل الملك الأب وصعود روحه إلى مملكة السماء واتحاده بالأبدية.

وعلى الرغم من أن الوثائق الرسمية لم تكن تميل إلى تسجيل تلك الوقائع التي لم تكن تتناسب مع جلال وعظمة الملكية المقدسة في مصر القديمة، وتتناقض تمامًا مع الصورة المثالية التي كانت العائلة الملكية تتوق دومًا لإظهار نفسها عليها، يمكن استنتاج بعضًا من تلك الوقائع الاستثنائية التي وصلت إلينا في عدد محدود من الوثائق المصرية القديمة، مثل بعض السير الذاتية التي لم يكن الهدف من ذكر تلك الأحداث عرضًا الطعن في الملكية المصرية المقدسة بقدر تأكيد رغبة صاحبها في إظهار أهميته واستخدام الواقعة المذكورة دليلًا على تلك الأهمية المزعومة.

ومن أوائل الإشارات إلى حدوث أمر غير عادي في حريم القصر الملكي ما جاء في سيرة الموظف “وني”، من الأسرة السادسة من عصر الدولة القديمة أو عصر “بناة الأهرام”.

وفيها يروي، ضمن الأفضال الملكية التي أنعم جلالة الملك “بيبي الأول” بها عليه كشخص موثوق فيه: “عندما كانت هناك قضية سرية في الحريم الملكي ضد الملكة…، جعلنى جلالته أذهب كي أحقق (فيها) وحدي. ولم يكن هناك كبير القضاة ولا الوزير، ولم يكن هناك مسئول، فقط أنا وحدى؛ … ولم يحدث أبدًا من قبل أن حقق أحد مثلي في أمر من أمور حريم الملك؛ غير أن جلالته جعلني أحقق فيها”.

ولا نعرف على وجه اليقين التهم التي وجهت إلى تلك الملكة؛ فلم يذكر “وني” أكثر مما قاله؛ ربما حفاظًا منه على هيبة الملكية المصرية المقدسة في ذلك العصر المبكر، وترك الأمر غامضًا يثير لعاب المفسرين للنص للأبد.

وقد يكون الوزير شارك الملكة في التهمة المنسوبة إليها، ولعلها خانت الملك، أو أنها كانت تتآمر ضد إحدى زوجاته المحبوبات، أو ضد أحد أبناء زوجاته لمنعه من بلوغ عرش مصر، أو ضد الملك نفسه. وقطعًا للشك، أمر الملك “بيبى الأول” الموظف “وني” بأن يحقق في الواقعة منفردًا ويرفع النتيجة إليه، ولم نعرف ما فعله الملك مع الملكة المتهمة.

وفي عصر الدولة الحديثة، عصر الإمبراطورية المصرية العظيمة في آسيا وإفريقيا، وتحديدًا في الأسرة العشرين وقرب نهايتها، تآمر بعض من الحريم الملكي وآخرون ضد الملك رمسيس الثالث، آخر فراعنة مصر العظام، في أواخر حياته.

ونعلم عن تلك المؤامرة من المحاكمات التي تمت للمتهمين. وشارك في المؤامرة عدد من حريم القصر الملكي وبعض سقاة البلاط وحرسه وخدمه. ولم يعرف هدف هؤلاء المتآمرين.

ولعل السبب الرئيس لتلك المؤامرة أن إحدى زوجات الملك الثانويات، وتدعى “تي”، بالتعاون مع بعض نساء القصر، خططت لاغتيال الملك كي تضع ولدها “بنتاورت” على عرش مصر بدلًا من ولي العهد الشرعي (الملك رمسيس الرابع بعد ذلك). وانكشفت المؤامرة، وحٌقق فيها بأمر من الفرعون. وحكمت المحكمة على المتهمين بأحكام تتراوح بين الإعدام والانتحار والجلد والسجن وقطع الأنف وصلم الأذن والبراءة، كل وفقا لدوره وجريمته في تلك المؤامرة المشينة.

ويجيء هذا النص الفريد الذى يذكر تلك الواقعة المثيرة من الوثائق الرسمية. وهذا يشير إلى تغير كبير حدث في مفهوم الملكية المقدسة التي أصبحت هنا تميل إلى تصوير الفرعون في صورة بشرية إنسانية به ضعف مثله في ذلك مثل باقي البشر العاديين، ولم يعد ينظر إلى الفرعون على أنه إله يحكم على الأرض نيابة عن آبائه الآلهة المقدسين في أعلى عليين.

بوابة الاهرام