تحقيقات وتقارير

بين تأكيد ونفي زيادة أسعار الدقيق.. من يضبط المخابز؟!


لم يصدق عبد الرحمن ما نقله له ابنه محمد الشفيع الذي بعثه إلى الفرن القريب لشراء عدد من الأرغفة لإعداد وجبة الإفطار للأطفال، والذي قال له إن صاحب الفرن أخبره بأن سعر الرغيف ارتفع لتباع الرغيفتان بجنيه بدلاً عن ثلاثة أرغفة، فما كان من عبد الرحمن إلا وذهب إلى الفرن يستجلي الأمر ليؤكد له صاحب المخبز أن الحكومة عمدت إلى زيادة سعر دقيق الخبز بواقع 25 جنيهاً على سعر الجوال زنة 50 كيلوجرام لتباع بمبلغ 165 بعد أن كانت حتى مغيب شمس امس الاول تباع بمبلغ 130 جنيهاً، هذا بالطبع ما قاله صاحب المخبز والذي ارتبط مباشرة مع خبر تم تسريبه أمس الأول للصحف يتحدث عن بروز اتجاه قوي من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بزيادة جوال الدقيق بواقع 20 جنيهاً يصل بعدها الجوال إلى 155 جنيهاً عوضاً عن 135 جنيهاً في الفترة السابقة.

إخفاء القرار
الغريب في الأمر أن رئيس اتحاد المخابز بولاية الخرطوم بدر الدين جلال نفى نفياً قاطعاً، في حديثه لـ”الصيحة ” أمس، صدور قرار بهذا المعنى أو تسلم الاتحاد أمراً من وزارة المالية يقضي بزيادة سعر جوال الدقيق وقال: “لم نتسلم قراراً بزيادة السعر” مشيراً إلى أن الحكومة حتى لو أنها أرادت أن تفرض زيادة على سعر جوال الدقيق فإنها لن تقوم بتطبيق الزيادة مباشرة. وربما اتفق ذلك مع حديث وكيل توزيع الدقيق بمحلية جبل أولياء أبوبكر برعي حيث قال لـ”الصيحة” أمس إن الأسعار ثابتة ولم تتم زيادتها وليس هنالك قرار من قبل الأجهزة الرسمية. ومع نفي اتحاد المخابز وجود قرار حكومي بالزيادة فقد أزاحوا الأمر عن كاهل الحكومة ووضعوه على كاهل المخابز باعتبار أن الزيادة قامت بها المخابز دون مصوِّغ قانوني، لكن مصادر مطلعة أفادت “الصيحة” بأن اتحاد المخابز استلم بالفعل قراراً من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بزيادة جوال الدقيق بواقع 20 جنيهاً للجوال الواحد ليصل سعر الجوال إلى 155 جنيهاً، الأمر الذي ألقى بتبعات جديدة على أسعار الخبز بالمخابز، واستغربت المصادر تكتم الاتحاد على قرار الزيادة.

سوق الدقيق
ووفقاً لمتابعات الصحيفة فإن متغيرات كبيرة قد حدثت في سوق الدقيق في السودان في الآونة الأخيرة خاصة ما صدر في الشهور الأخيرة من قرارات تتعلق بفك احتكار سلعة الدقيق التي تستوردها بعض المطاحن، حيث كشف وزير المالية عن فتح باب الاستيراد لكل الشركات، وهي تلك القرارات التي استبشر بها المواطنون خيراً باعتبار أن فك الاحتكار مؤمول منه أن يُسهم في استقرار السوق والاستيراد، خاصة المتعارف عليه بالسوق العالمي عوضاً عن تحديد سعر معين للطن وهو ما قد يتغير وفقاً لتقلبات السوق.

وكانت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي قد عزمت على إصدار المزيد من القرارات الداعمة لجعل دقيق الخبز متاحاً للمخابز وبأسعار مناسبة مع تشديدها على عدم التهاون في مسألة الوزن والكميات المباعة بالجنيه بالرغم من أن المخابز قد تتأثر سلباً بهذه الأسعار نظراً لأن زيادة سعر الجوال تحتم وضع معالجات مناسبة تمكِّن المخابز من شراء الدقيق بالسعر المعلن مع ضرورة تجنيبها أي خسائر محتملة ناتجة عن زيادة السعر الرسمي حيث كان في بادئ الأمر يباع الجوال بسعر 125 جنيهاً إلا أنه قفز إلى 135 بزيادة 10 جنيهات عن كل جوال وأصبح الآن 155 جنيهاً بزيادة 20 جنيهاً لجوال الدقيق.

تنصُّل من المسؤولية
وبرغم نفي وزارة المالية وشئون المستهلك بولاية الخرطوم علمها بالزيادة حيث قال عادل عبد العزيز الفكي مدير عام قطاع الاقتصاد وشئون المستهلك بالوزارة لصحف الأمس إن تحديد أسعار الدقيق يتم من المالية الاتحادية وليس لدينا أي معلومات عن زيادة أسعار الدقيق في الوقت الحالي، إلا أن وزارته أصدرت في وقت سابق قراراً أعلنت بموجبه توحيد أسعار دقيق جميع المطاحن المحلية والمستوردة ليكون 135 جنيهاً لجوال الدقيق. وقالت الوزارة إن مسببات إصدار القرار لمنع التشوهات والاختلالات التي أحدثها وجود أكثر من سعر للدقيق خلال الفترة السابقة الأمر الذي أسهم في تذبذب إنتاج المخابز وحدوث ندرة فيه.

تخوُّف المواطن
وأبدى عدد كبير من المواطنين استياءهم لتطبيق المخابز زيادة جوال الدقيق في الوقت الذي ينفي فيه الاتحاد علمه بذلك، وقالوا اذا كانت هنالك زيادة فلماذا لا تعلنها الوزارة صريحة عبر أجهزة الإعلام مصحوبة بمبررات؟!. ودعا بعضهم إلى استحداث آليات جديدة لأسعار الخبز المنتج بالمخازن أسوة بتجارب بعض الدول التي تحدد ثلاثة أو أربعة أوزان وفقاً لحاجة الشخص ومقدرته وبذلك تكون قد غطت جميع المواطنين وفقاً لمقدرتهم الشرائية .

فشل التحرير
ويرى خبراء اقتصاد أن تحرير سلعة القمح والدقيق من قبل وزارة المالية لم تُجْدِ نفعاً خاصة وأن كل عام تحدث ندرة في الدقيق وتلاعب في الأوزان وتقوم الحكومة بزيادة الأسعار حيث كان سعر جوال الدقيق 117 جنيهاً وصل إلى 125 جنيهاً ومن ثم إلى 135 جنيهاً والآن 155 جنيهاً، وتوقعوا أن يصل بهذه الوتيرة إلى أرقام كبيرة، ودعوا إلى تقدير حقيقي للأسعار، فيما أرجع بعض منهم الأمر إلى عدم ثبات العملة المحلية .

الخرطوم: عاصم اسماعيل
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. اين ذهبت الانتاجية العاليه من مشروع الجزيرة هذا العام؟