الطيب مصطفى

إنها مجرد بلطجة


لم أكن أتخيل أن قضية ممتلكات المعدنين السودانيين في مصر لم تحسم حتى الآن إلى أن طرح الأمر في صحيفة (اليوم التالي) عبر تصريح لأحد أعضاء البرلمان، ودهشت أن السلطات المصرية لا تزال تحتفظ بمئات العربات وآليات التعدين لديها وأن قيمة الممتلكات المحتجزة منذ نحو عام كامل تبلغ ثمانية ملايين من الدولارات، علماً بأن المعدنين أطلق سراحهم قبل نحو عام بعد اعتقال طويل، تقبض السلطات السودانية على صيادين مصريين بنفس الجرم الذي اعتقل به المعدنون السودانيون في الأراضي المصرية فتقوم الدنيا ولا تقعد في مصر ويلطم إعلامهم الخدود ويشق الجيوب ويدعو بدعوى الجاهلية وبسرعة البرق ومن باب حسن النية وحسن الجوار وتقديراً للعلاقات (الأزلية) تهرول حكومتنا وتصدر عفواً رئاسياً بإطلاق سراحهم وممتلكاتهم بصورة فورية !، يفد بعض الطلاب المصريين إلى السودان ليمتحنوا الشهادة الثانوية السودانية فيقدموا على ممارسة نوع من (البلطجة) والغش والتدليس لم يفكر أي من الطلاب السودانيين منذ بدء الخليقة في فعله ..تأتي وزيرة الهجرة المصرية وتنجح في الحصول على عفو عاجل بعد ترحيب حار ويصدر قرار بإطلاق سراح الطلاب المصريين رغم الجريمة التي اقترفوها!، نتغافل ونتباطأ في تصعيد قضية حلايب لدى المؤسسات الدولية رغم أن الحكومة المصرية تقوم بعملية تمصير منظم تغدق فيه المال الوفير من خلال تمييز إيجابي في الخدمات والمشروعات بهدف كسب ود وتعاطف وولاء السكان واقناعهم باختيار التبعية لمصر بينما نبقى نحن صامتين لا (نهش ولا ننش) إلا بعبارات خجلى نسترضي بها أهل الشرق المطالبين باسترداد أرض الآباء والأجداد.

قبل أن أواصل أود أن أؤكد أن الشعب المصري بريء مما تفعله حكومة فرعونه الجديد فبين الشعبين السوداني والمصري رحم وعلاقة ممتدة وكانت الدولتان دولة واحدة خلال فترات طويلة منذ فجر التاريخ، فالسوداني لا يشعر بغربة في مصر وهناك أعداد هائلة ربما تبلغ الملايين من أبناء السودان يقيمون في أرض الكنانة ولا مقارنة بين ما بين الشعبين السوداني والمصري وما بين شعبي السودان ودولة جنوب السودان التي لا يطمئن المواطن السوداني على حياته في أرضها ولن استرسل للحديث عن وحدة الدماء والدموع التي نحمد الله تعالى أن كابوسها المفزع قد انجلى إلى غير رجعة والحمد لله رب العالمين.

أعود للعلاقة الشائهة بين دولتي السودان ومصر ممثلتين في حكومتيهما لأقول إن من أبرز مظاهر الغفلة التي تسود تفكير الدبلوماسية السودانية التي تعطي بلا مقابل أن السودان هو الذي أدخل مصر في منظمة الكوميسا (COMESA) (السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقي) بشفاعة منه كون مصر لا تقع في النطاق الجغرافي الذي يتيح لها الانضمام للمنظمة ولم ينظر السودان وهو يرتكب تلك الحماقة أبعد من أرنبة أنفه ذلك أن المنظمة تلزم أعضاءها بقراراتها الاقتصادية بما في ذلك التعرفة الجمركية الصفرية بين الدول الأعضاء مما يتيح لمصر أن تغرق السودان بصادراتها وبما ترسله عبر أراضيه إلى الأسواق الأفريقية وعندما اتخذ السودان ، الذي يعاني من ترد اقتصادي مريع قعد بصناعته ، قرارات تحمي اقتصاده وصناعته الوطنية بما يتعارض مع ما تنص عليه قوانين وقرارات الكوميسا احتجت مصر على القيود التي فرضها السودان على الصادرات المصرية. وهكذا جنى علينا تخلفنا وتقهقرنا في مواجهة دول أفريقيا الصاعدة كما جنى علينا قصر نظرنا وهواننا على أنفسنا والذي جعل مصر(الرسمية) وغيرها يعاملوننا بهذه (الحقارة). نعم ، لقد ظللنا هكذا على الدوام نعطي الدنيّة في وطننا ومصالحنا ونمنح بلا مقابل ونمزق الكروت التي في أيدينا وهل من دليل أبلغ من ممتلكات المعدنين المساكين الذين يحتفظ الجيش وربما الأمن المصري بمتعلقاتهم بينما نحن صامتون لا ننبس ببنت شفة؟! أنّي لأطلب من سفيرنا بمصر (البلدوزر) عبدالمحمود عبدالحليم أن يصعّد الأمر لدى وزارة الخارجية المصرية كما أرجو من وزير الخارجية بروف غندور ووكيل الوزارة السفير عبدالغني النعيم الذي أشهد من خلال تجارب شخصية وعامة على كفاءته وحرصه الشديد على المصلحة الوطنية ..أرجو منهم جميعا أن يولوا هذا الأمر اهتماماً أكبر .


تعليق واحد

  1. كل شئ في السودان حالياً…..
    يدعوا للتفاؤل ….
    حتى الاقلام التي كانت نشاذاً ….
    تعبر عن فئه ….
    ربما هي موجوده في خيال الكتاب فقط…..
    اخذت تقترب من وجدان الغالبية….
    و السياسيون …
    كل بدأ يستشعر جرمه ….
    وخوفه من المجهول….
    مسلسل السودان الآن …
    آخذ في الإقتراب من نهايته…
    وكل يأمل في نهاية سعيده…..
    وكل يفكر في نسيان الماضي …
    وفتح صفحات بيضاء….
    لأجل السودان….
    إلا أنني اخاف قوى الشر …..
    أن تتحرك….
    ونضرب السودان في مقتل….
    وبدلاً ان ينتهي مسلسلنا….
    خوفي من جزء تاني….
    أكثر قساوة ….
    على بلدي….