مقالات متنوعة

عثمان شبونة : في الذين ضلّ سعيهم..!


* بعض قادة الحكومة يرون حتى (أمس!) أن الإنقاذ ما جاءت إلاّ لتمكِّن الدين في الأرض؛ وذلك كان شعارها خلال “27” عاماً..!
ـ هل الرؤية جادة بالفعل؟!! أم السياق من باب (الطرائف) والمُلَح؟!
* صحيح.. الدين هو شعار السلطة الانقلابية الحالية.. الشعار المحمول للتكسُّب الدنيوي.. لكن هل زاد عن كونه (خرقة) بالية؛ ذات ملمح كئيب.. خرقة كلما لوّحوا بها انتابك الشعور بأن حَمَلَتها مسلطين كالابتلاء (النادر!)؛ وذلك ربما لحكمة عند علّام الغيوب تفيد المتأمل في شؤون (الخلائق)..!!
* لقد صدقوا في زاوية المعنى العميق.. أي أنهم يحملون مجرد (شعار أصم) لا يغلبهم التمنطق به؛ ومغازلة الدهماء (بأزياقه!!) ثم بقية اللبوس التي (على الوجوه!) والأجساد..!!
* الأخبار المصبوغة (بتأكيدات) أهل السلطة علي أنهم جاءوا لتمكين الدين؛ لا يتم إكمالها إلاّ بـ(سبحان الله!!).. فالمؤكد أنها ـ الإنقاذ ـ مكّنت لكافة نقائض الفضيلة منذ مجيئها..! لكن قبل ذلك يعترض الاستفهام الدوّار حلوقنا: أين كان يختبئ الدين الذي أخرجه هؤلاء من (قمقمهِ) ليمكنوه في الأرض؟؟!!
* كنا نظن أن مثل هذا الكلام الاستهلاكي العاري البئيس؛ والذي لا سيقان ترفعه؛ كنا نظنه انتهى إلى غير رجعة بعد تجربة (عقود) فشلت فيها حكومة الإنقاذ فشلاً هائلاً في أمرَى الدين والدنيا معاً؛ بشهادة (أهلها).. ناهيك عن شهادات الملايين الذين يعتبرونها أكبر كارثة حلّت بالسودان؛ وقد صدقوا..! ولن يكون آخر الشهود العميد يوسف عبد الفتاح عضو مجلس قيادة الثورة (المزعومة!!).. فقد تحسّر الأخير ـ قبل يومين ـ على تجربة حكم (المتأسلمين) للسودان؛ بقوله: (سقطت شعارات هيّ لله لا للسلطة ولا للجاه)؛ مُقِراً بأن التجربة الإسلاموية في السودان (قدمت نموذجاً سيئاً) وزاد عبدالفتاح بالندم حيال مشاركته في انقلاب (30 يونيو 1989م).. وذكَرَ أنه لم يكن يتوقع انفصال الجنوب؛ ولا يتوقع جوع الناس (بهذه الصورة!) الماثلة الآن.. الخ..!
* سلطة الإنقاذ التي ما تزال تتخبط وتنحدر؛ لا حاجة لها بشهادة (عبدالفتاح) في الواقع.. فحال الناس كافٍ.. والحق يقال؛ الإنقاذ لم ترضَ بالسوء (المباح!) بل خللته بالغرائب؛ فكانت أول سلطة في تاريخ السودان تزيد على الأفعال المنكرة بقاموس الأقوال المتدنية؛ المصوّبة لـ(قلب الشعب) مباشرة..! ونظل بلا ملل لتكرار الهجاء في (المسخ الإنقاذي)..!
* لقد مرت علينا ذكرى يوم النحس و(الريح الصرصر!) في الثلاثين من يونيو؛ ليكون هذا اليوم الذي جرّ الويلات للبلاد وأسقطها في جِبَابِ الانحطاط والوهن رمزاً (للنكسة السودانية) غير المسبوقة..! فبعد هذا اليوم كاد أن يخرج الدِّين القيّم من فرط النفاق والكبائر المُتنزّلة في كل حدب وصوب..!
خروج:
* سلطة الإنقاذ السودانية (تجربة حكم) اقترنت بالغش و(الوبَال!!).. أما الحديث عن (تمكينها للدين) فلم يكن يرقى للرد عليه.. وما أبلغ الدلالات الخالدة من لدن فاطر السموات: (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً)..!
أعوذ بالله.