مقالات متنوعة

محمد وداعة : الكهرباء .. الآن تبدأ المناظرة ! (1و2)


الكهرباء .. الآن تبدأ المناظرة ! (1)

بسم الله ، و بإسم الوطن ، سأبدأ المناظرة منفرداً من طرف واحد ، و لا بد لي من التأكيد أننى لن أكل ، أو أمل في تسليط الاضواء على مواطن الخلل و الفساد فى الكهرباء و في غيرها ، و لن تخيفنا سياسة التهديد و الوعيد ، و لن تفيد معنا سياسة لي اليد ، و لا كسر العظم ، لأن القوة الهائلة التى تسندنا هي اولاً في إيماننا لدرجة اليقين فيما نقول ، وفي أننا نعمل بأضعف الايمان في التصدي لإزالة المنكر، ولا يساورنا الشك في أن دافعنا لذلك هو المصلحة العامة ، و لعل أهم عناصر هذه القوة أننا نعمل على استباق الظلم المفترض وقوعه بسبب سياسات خاطئة ، أو فاسدة ، و أنه لن تأخذنا فى الحق لومة لائم ، أو يفت فى عضضنا جرجرة المحاكم أو القرارات الإدارية الظالمة، هذا عهدنا للقراء لعموم ابناء شعبنا، سنظل ننفخ في هذه القربة (المقدودة ) الى ان تمتلئ او نلفظ أنفاسنا ، نبدأ بالاطار العام ، وهومقتل أي مشروع ، او منشأة ، يتلخص ذلك فى الخلل و القصور الاداري المريع، و المحاولات المحمومة لتضخيم المصروفات العمومية و الادارية ، و مخالفة اللوائح الادارية و القوانين المنظمة ، و أبرزها قانون الشركات لسنة 1925 م تعديل 2015م، قانون الخدمة المدنية لسنة 2007م ، قانون محاسبة العاملين لسنة 2007م ، قانون الشراء و التعاقد و التخلص من الفاقد لسنة 2010م ، قانون ديوان المراجعة القومي لسنة 2007م ، قانون الكهرباء لسنة 2001م .
كانت الهيئة القومية للكهرباء تعمل بمدير عام واحد ومدراء إدارات عامة يعدون على أصابع اليد الواحدة و مجلس إدارة واحد ، جاء قرار تفكيك الهيئة القومية للكهرباء الى خمسة شركات بتاريخ 28/يونيو 2010م بعد ان أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 169/لسنة 2010م، والذي قضى بإنشاء وزارة الكهرباء والسدود، وإلغاء أمر تأسيس الهيئة القومية للكهرباء لسنة 2007م وأيلولة كل عقارات ومنقولات وحقوق والتزامات الهيئة القومية للكهرباء المنشاة في مجال الكهرباء الي خمس شركات هي( شركة كهرباء سد مروي المحدودة، والشركة السودانية للتوليد المائي المحدودة، والشركة السودانية للتوليد الحراري المحدود، والشركة السودانية لخطوط النقل المحدودة، والشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة)،
نفس الاعمال التى كانت تؤديها الهيئة القومية للكهرباء ، و لكن بتجويد أقل ، تؤديها الآن عدد (5) شركات ، (5) مجالس إدارات ، و(5) مدراء عامين وعدد من مدراء الادارات العامة يصعب حصرهم ، وتحولت مهمة الشركات من مورد للطاقة بانواعها ، الى مهمة ثانوية فى انتاج القدرة والتحكم فيها ، وتوزيع المتوفر منها على القطاعات باستخدام سياسة القطع المبرمج المعلن او المسكوت عنه ، وبالطبع في ظل تناقص الوحدات المنتجة ترتفع تكلفة التشغيل والمصروفات الادارية وهذا من ابجديات علم الادارة ، وفي ذات الوقت ارتفعت تكلفة ( الفاقد) ،الذى اصلاً زاد من (18%) الى حوالى (26%) ، صاحب ذلك التفريط فى الكوادر المؤهلة والإعتماد في الادارة وخاصة فى الوظائف القيادية على أشخاص ليست لديهم أدنى معرفة أو مؤهلات للقيام بالمهام الموكلة اليهم و كيفية تحديد الأولويات ، و بدلاً من العمل على خفض كلفة الكهرباء و زيادة انتاجها بزيادة الوحدات المنتجة ، و تجويد و تحسين الشبكة ، لا يمل السيد الوزير فى اجترار الحديث عن عجز (الدعم )، فى دعم الكهرباء ، الجديد قوله الخطير( ان القطاع سينهار)، هذا يمس قطاع الاستثمار ، هذا بلا شك يهدد الامن الاستراتيجى للبلاد .
نواصل

الكهرباء .. تستمر المناظرة ( 2 )
انهيار الكهرباء .. فشل إداري!

السيد وزير الموارد المائية والكهرباء، نسف بكلمة واحدة كل مجهودات وزارة الاستثمار وسعيها لجلب مستثمرين، السيد الوزير يقول إن قطاع الكهرباء (سينهار) هذه سمعة سيئة ومعلومات مجانية طاردة لأي مستثمر، لا أحد عاقل سيغامر بالاستثمار في بلاد مثل هكذا بلاد، بكل بساطة يقول الوزير المسؤول فيها عن الكهرباء إنها (ستنهار)، وأي عاقل من الجهات المقرضة سيقدم قروضاً لقطاع مهدد بالانهيار؟، هل السيد الوزير مدرك لما يترتب على مثل هذه التصريحات؟ ليس على قطاع الكهرباء فحسب، بل على كل القطاعات الإنتاجية ومجمل حركة الاقتصاد الكلية؟، والسيد الوزير قطع شوطاً في دراستة العليا لنيل الدكتوراة في التخطيط الإنمائي من جامعة الخرطوم، ألم يتعلم السيد الوزير حتى الآن ما يعينه على الربط بين هذه القطاعات؟، وحاجتها للقروض وبين حساسية المخاطر التي يتفضل بإعلانها شخصياً لدى المقرضين والمانحين ؟، هذه التصريحات تمثل مخاطر كبيرة ومعلنة من جهة مسؤولة في الحكومة، لا يمكن الشك في جديتها، وهي بمثابة تنبيه باللون الأحمر للمستثمرين من الدخول في مخاطر تمويل الكهرباء وهي توشك على الانهيار.
السيد الوزيرظن في غمرة إلحاحه ونواياه المبيتة لإلحاق الضرر بمستهلكي الكهرباء من المواطنين وإصراره الغامض لزيادة تعرفة الكهرباء، لم يدرك أنه ألحق ضرراً بليغاً بالبلاد قاطبة، وأنه ترك آثاراً سالبة تحتاج لوقت طويل لإثبات عكسها، ولا عزاء للسيد مدثر عبد الغني وزير الاستثمار، فبعد هذا لن يعلم أحد إن كان السيد وزير الاستثمار قد نجح أو فشل في إقناع المستثمرين بالاستثمار في السودان، لأنهم وفي كل الأحوال لن يأتوا لبلاد ينهار فيها قطاع الكهرباء الا إذا كانوا حمقى، وحاشاهم فإن الحماقة خلقت لنا حصرياً!
وعليه ولمعرفة أسباب الخراب الإداري الذي حاق بالكهرباء لابد من العودة للبداية، ففي عام 2010م صدر قرار مجلس الوزراء رقم (169) بإلغاء أمر تأسيس الهيئة القومية للكهرباء لسنة 2007م، بناءً على توصية السيد وزير المالية والاقتصاد الوطني، مع اللأسف القرار تجاهل أهم فقرة في الدراسة التي تم إعدادها لتحويل الهيئة إلى شركة قابضة لعدد من الشركات في مجال التوليد والنقل والتوزيع، وهو أمر كان مقصوداً بذاته في أن تكون الوزارة هي القابضة، وقد كان، الفقرة (2) من القرار المذكور نصت على (يستمر العاملون في الهيئة القومية للكهرباء كعاملين في وزارة الكهرباء والسدود بذات رواتبهم ومخصصاتهم وكافة امتيازاتهم وذلك لحين تسكينهم في الشركات المنشأة للعمل في مجال الكهرباء)، في أغسطس عام 2014م أصدر السيد موسى عمر وكيل وزارة الموارد المائية قراراً بتكوين لجنة لتنفيذ الفقرة (2) من قرار مجلس الوزراء رقم (169)، ببساطة مضت أربع سنوات ولم ينفذ قرار مجلس الوزراء ، وظل حوالي (200) من خيرة الكوادر الهندسية والمالية والإدارية لمدة أربع سنوات من دون عمل أو مهام، هذا كان قبل قرار السيد الوكيل، أما بعد القرار فلم يتغير شيء، وظل الحال كما هو عليه لسنة كاملة، وفي يوليو 2015م تقدم هؤلاء العاملون بدعوى للمحكمة الإدارية العاليا مطالبين بتنفيذ القرار (169)، وتحت ضغط المحكمة أصدرت اللجنة قراراً (بدعة) واخترعت مسمى جديد هو (انتداب) العاملين بدلاً عن تسكينهم، ولعدد محدود منهم، هؤلاء العاملون بينهم من كان رئيس قسم وبينهم مدراء إدارات على أيام الهيئة القومية للكهرباء، وكل الذي جرى تحويل مرتباتهم إلى كشوفات الشركات دون أن تحدد لهم وظائف أو مكاتب، لا رئيس يرأسهم ولا يرأسون غيرهم، الآن هم في بري، ما يزيد على (150) من خيرة المهندسين وأكثرهم خبرة هاجروا إلى بلاد الله الواسعة، منهم مدراء إدارات ومدراء مناطق ومهندسين اختصاصيين وحملة شهادات عليا، أفاقوا ذات صباح فوجدوا أهل السدود تسوروا المحراب وهيمنوا على كل الوظائف القيادية، و لم تمضِ أيام الا ووجدوا رؤساءهم من حملة دبلومات الإنتاج الحيواني والديكور والزراعة والمساحة، أي مهندس يحترم نفسه سيقبل بذلك؟، حوالي (650) مهندس تقني يقاضون شركة التوليد المائي وشركة التوليد الحراري ووزارة الكهرباء لدى المحكمة الإدارية العليا، لامتناع الشركتين والوزارة عن تنفيذ القرار رقم (149) لسنة 2009م، والقضية معروضة أمام المحكمة منذ فبراير 2015م، حوالي (%20) من خيرة العاملين في الكهرباء (مهندسين وإداريين ومحاسبين)، إما هاجروا أو يقاضون رب عملهم لعدم تنفيذه قرارات مجلس الوزراء، أكثر من (1000) من العاملين بالكهرباء لا يعرفون الرضا الوظيفي، والكهرباء تحتفل سنوياً بتجديد شهادات الآيزو، هل لدى السيد الوزير أدنى فكرة عن علاقة الرضا الوظيفي بتجويد الأداء وتحسينه وتقليل المصروفات؟ ألا يتفق سيادته معنا في أن الفوضى الإدارية التي تعصف بقطاع الكهرباء منذ 2010م ستكون السبب الرئيس لانهيار قطاع الكهرباء؟ لماذا لا تنفذ وزارة الكهرباء وشركاتها قرارات مجلس الوزراء ؟.. نواااااصل