الفاتح جبرا

الكان السبب


تألمت غاية الألم وحزنت كل الحزن وأنا أنظر إلى صورة ذلك الشاب السوداني وهو يقوم بتنفيذ عملية إنتحار قاسية في صباح اليوم الأول من أيام عيد الفطر والصورة قد تم إلتقاطها له وهو يمسك بنافذة الشقة التي يقيم فيها بمنطقة عين شمس بالقاهرة (الطابق التاسع) قبل أن يهوي إلى الأرض متحطماً ، تاركاً لأسرته رسالة يفيد فيها بأنه قد فضل الإنتحار لأنه يمر بأسباب نفيسة كتب فيها (سامحوني الدنيا بقت وحشة ومش عارف أعيش فيها) !
لقد أصبحت حالات الإنتحار (السودانية) ظاهرة مقلقة ولمن يريد التأكد من ذلك فعليه مطالعة صفحة الجريمة بالصحف اليومية فهي لا تخلو يوميا من ذلك وبالمناسبة دي فقد سجل السودان أعلى معدل انتحار عربياً بـ17.2 حالة لكل مائة ألف نسمة، بحسب آخر تقرير لمنظمة الصحة العالمية وهو رقم يتجاوز المعدل العالمي بكثير ويشير كثير من المختصين إنّ النسبة التي أوردها تقرير منظمة الصحة العالمية “لا تمثل سوى قمة جبل الجليد” والمرجح أن الأرقام أكبر من ذلك بكثير .
وإذا تركنا حالات الإنتحار أو الشروع فيه جانباً فهنالك حالات الموت غرقاً عبر مراكب الهجرة غير الشرعية على سواحل ليبيا وإيطاليا حيث يخاطر بعض من شبابنا وهم في عمر الزهور بحياتهم لمجرد أمل ضعيف في أن تتاح لهم فرصة للحياة الكريمة خارج وطنهم .
بربكم ماذا يعني كل هذا ؟ إلا يعني أن الإحباط وصل إلى مرحلة جعلت المواطنين (حتى الشباب) يفقدون كل الأمل في تحسن الأوضاع ويفضلون الموت على الحياة؟
هذا يا سادتي يعني بكل بساطة فشل الحكومة في أن يكون لها مصداقية عند (المواطنين) فهو ليس فشل سنة أو سنتين عشرة أو عشرين إنه فشل دائم مستمر لسنوات طوال مرت دون أن يكون هنالك أي تحسن في حياة المواطنين ، فشل حتى في مواجهة مشاكل ممكنة الحلول مثل تراكم النفايات بالأسواق والشوارع والأحياء وإنقطاع مياه الشرب وقطوعات الكهرباء وصيانة الطرق ومع أن هذه الخدمات لا تشكل عائقاً لدي أي حكومة في الدنيا إلا أن حكومتنا (طال عمرها) قد أخفقت في حلها لسنوات طوال ، والحال هكذا كيف تقنعنا أنها سوف تحل المشكلات الهائلة التي يعانيها المجتمع مثل الفساد الذي إستشرى بكل أنواعة (بالمناسبة أخبار هيثرو شنووو) والتدهور في الخدمات وإنعدام البنى التحتية والتخلف الرهيب في الإنتاج وتدني سياسات التعليم والرعاية الصحية .
نحكي هذه القصة من التراث العربي لأبنائنا الشباب ولكل من يحاول إنهاء حياته نسبة لضيق العيش والغلاء الذي عم (العيش بقى عيشتين بألف جنيه) !
ذكر لنا التاريخ أن محمد المهلبي كان فقيراً معدماً لا يملك قوت يومه حتى أنه سافر ذات مرة فأخذ يتمنى الموت من شدة فقره ويقول: ألا مـوت يباع فأشـــتريـه *** فهذا العيش ما لا خير فيـهألا موت لذيذ الطعم يأتي *** يخلصني من العيش الكريـهإذا أبصرت قبراً من بعيد *** وددت أنني مـــــما يـــليـهألا رحم المهيمن نفس حر *** تصدق بالوفاة على أخيــهفقام صاحب له ورثى لحاله وأعطاه درهما.ثم تمر الأيام ويعتنى المهلبي بنفسه، ويجتهد ويترقى في المنصب، حتى أصبح وزيراً، وضاق الحال بصاحبه (الذي أعطاه درهماً)فأرسل رقعة إلى محمد المهلبي كتب فيها: ألا قل للوزير فدته نفسـي *** مقال مذكر ما قد نســــيهأتذكر إذ تقول لضنك عيش *** ألا موت يباع فأشتريه؟ فلما قرأ محمد المهلبي الرقعة أمر له بسبعمائة درهم، ثم كتب تحت رقعته قوله – تعالى -:” مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم”. ، ثم قلده عملاً يسترزق منه .لم يركن (المهلبي) إلى فقره ويرضخ إلى حاله البائس بل أن ذلك دفعه كي يحسن من حاله ، غايتو أنا ما عارف مع (الزنقة) الحاصلة دي تحسنوا من حالكم كيف ؟ لكن أوعكم تحصلو مرحلة (ألا مـوت يباع فأشـــتريـه) دي لأنها مرحلة بطالة وكده .. والله يجازي (الكان السبب) .. وخلونا نشوف حلقة الليلة من برنامج (شاهد على العصر) !!
كسرة :
معظم حالات الإنتحار تتم من أعلى (كبري الإنقاذ) … فتأمل !!
• كسرة ثابتة (قديمة) :أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 80 واو – (ليها ستة سنوات و 9 شهور) • كسرة ثابتة (جديدة):أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 39 واو (ليها ثلاث سنوات وأربعة شهور)